حين تحكم المافيا دولة عظمى
سحبان السواح
2018-08-11
ما يجري على الأراضي السورية يدفع المراقب للتفكير مليا في أسباب تلك الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات والتساؤل لماذا لم يستطع أحد من اتخاذ قرار لوقف شلال الدماء الجاري فوق الأرض السورية. والقراءة المعمقة في تلك الأحداث تقودنا إلى الأسباب الحقيقية لما يجري. فأن تعتبر دولة عظمى كروسيا إن ما يجري على الأرض السورية هي حرب ضد الإرهاب قضية لا تدخل في عقل المراقبين المتابعين للّقاءات التي جرت بين وفد الإئتلاف ورئيس الوزراء الروسي الذي استخدم مفرادت الأسد ونظامه في أن ما يجب أن يجري بحثه في المفاوضات هي الحرب التي يشنها الارهابيون في الوقت الذي يستخدم الأسد كلمة إرهابي على جميع عناصر الجيش الحر. من هنا فإن التفكير والبحث الدقيق في يجري لابد أن يقودنا إلى أسباب الموقف الروسي ودعمه للأسد في السراء والضراء. وعلى هذا تتحمل روسيا وزر ما يجري من قتل للسوريين وتدمير لسورية.
قد يكون فيما سأسوقه هنا نوعا من الهذيانات الشخصية التي لا تحمل أي دليل سوى استقراء ما يجري في المنطقة من قبل أحد المتابعين والقارئين لمجريات الأمور. وليس لدي أي إثبات على ما سيلي وإنما هي هذايات بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وإذا صادف أو حدث صحة ما أقول فهذا لا يعني أنني متنبئ أو نبي وإنما قارئ جيد لما يحدث.
في عالم عصابات المافيا ليس رئيس الدولة ولا الحكومة هي التي تحكم عصابات المافيا الدولية وإنما من يحكم هو العراب، والمقصود بالعراب هو ذاك الذي يعطي الأوامر التي لا يمكن أن يتجاوزها أحد. وعلى الجميع الالتزام بها دون أي محاولة للرفض أو عدم التقيد بها مهما كانت صفة الرجل التي توجه له تلك الأوامر.
بالتأكيد ليس لدي أي مصادر لمعلوماتي هذه، وأكررأنها توقعات وقراءة لما يجري في منطقتنا هذه الأيام سببها قدرة بعض الرجال على السيطرة على زعماء دول كبرى كروسيا على سبيل المثال. فبوتين لا يستطيع رفض أوامر العراب الكبير بما أنه عراي أصغر منه وعلى الصغير أطاعة العراب الكبير مهما كانت صفته في تراتب الدول العظمى، وعليه الالتزام بأومر العراب بحذافيرها دون تردد أو تذمر فالعراب هو المسؤول عنها.
كان حافظ الأسد عرابا لأكبر عصابة مافيا في القرن الماضي وكانت كلمته لا ترد ويبدو أنه بطريقة ما ورث هذه المهمة لابنه بشار أو لابنائه الذين سيحكمون وعلى الرغم من غباء الأخير إلا أن كونه عرابا فستسمع كلمته إلى أن يأتي من يحل محله في القوى المافيوية .
من هنا لا نستطيع أن نسمي روسيا إلا بدولة المافيا فكل تصرفاتها تقودك لمثل هذه التسمية وقد تكون من فوائد الثورة السورة أنها كشفت عن الوجه الحقيقي لدولة عظمى تتعامل بمفهوم المافيا مع كل العالم. المافيا الروسية لها مصالح مع المافيا السورية وبالتالي فإن هذه المصالح تتحكم بسلوك وتعامل الدولتين من حيث حمايتهما لمصالح بعضهما بعضا بطريقة فجة وفوضوية. ففيما العالم كله يرى في الثورة تحقيقا لما يراه السوريون من ضرورة الخلاص تقف المافيا الروسية بكل إخلاص خلف عتاة المافيا السورية وكيف لا والعراب هو من يعطي الأوامر ومن هنا نستطيع أن نعرف السبب وراء تشبث القيادة الروسية بالإخلاص المطلق لسورية ولقائدها بشار.
وإذا كانت داعش أحد فرق المافيا العالمية ومهمتها تنفيذ أوامر القتل التي يصدرها العراب وهذا يعني أنه ينفذ أوامر العراب بحذافيرها ومن هنا أيضا نكتشف السبب في إخلاص روسيا برئيسها بوتين ورئيس وزراها ومعاونيهما للرئيس الأسد فهو إخلاص لزعيم مافيا وليس لرئيس دولة. لقد اخترع الأسد داعش من فراغ ليستطيع القول في المحافل الدولية أن ما يجري على الأرض السورية هي حرب إرهابية وأنه مخلص في محاربة الإرهاب لا في محاربة شعبه.
حقيقة الأمر أن الإخلاص للمافيا هو من يجعل بوتن وزمرته الحاكمة يؤيدون الأسد فيما يذهب إليه ولأن الغرب لا يستطيع أن يؤكد وجود تلك المافيا لا يستطيع اتخاذ قرار بعدم مصداقية روسيا والأسد . ومن هنا نتأكد أن الموقف الدولي متأرجح في اتخاذ قرار حاسم طالما ظل بشار قوة مافيوية لا يستطيع أحدا الوقوف في وجهها.