الثورة السورية لاتشبه إلا ذاتها
2018-08-31
هناك من يشبه الثورة السورية بالثورة الفرنسية، وفي هذا بعض حق، فالظروف التي تمر بها الثورة السورية تشبه كثيرا ما مرت به الثورة الفرنسية التي استطاعت الانتصار بعد نضال طويل وعشرات آلاف القتلى والكثير من الجرحى والمعوقين. وأنا أرى أن الثورة الفرنسية لا يمكن أن ترقى إلى مستوى الثورة السورية لأسباب عديدة منها إن الثورة الفرنسية جاءت في ظروف تختلف اختلافا كليا عن ظروف الثورة السورية، وأول اختلاف هو غياب السيطرة الصهيونية التي سيطرت على العالم الحديث في العصر الراهن، فقد كان اليهود دون مستوى البشر في فترة ما قبل نشوء الصهيونية.
كان الفرنسيون وحدهم ودون أي تدخل خارجي في شؤونهم، وكانت الملكية قد بدأت تتآكل، وكان الفقر يعم أرجاء فرنسا، وكان الفرنسيون أقرب للعبيد منهم إلى بشر عاديين، وكانت بريطانيا على عداوة شرسة مع الفرنسيين، وكان سقوط فرنسا وضعفها مهم لها فلم تتدخل لدعمها. وبالتالي لا يمكن المقارنة بين الثورتين كما لا يمكن المقارنة في الأدوات المستخدمة حربيا من كلا الطرفين.
ومن هذا المنطلق تعتبر الثورة السورية الثورة الأولى في العالم بعد ثورة العبيد التي قادها سبارتاكوس، وإذا كانت ثورة العبيد لم تنتصر لأسباب لا مجال للخوض فيها هنا فإن الثورة السورية التي لم تنتصر بعد وقد لا تنتصر ولكنها صمدت صمودا مشرفا رغم وقوف العالم أجمع ضدها، منهم من يقف علانية وبشكل سافر ومنهم من يقف من خلف الستار وهو أخطر بمراحل من الوقوف المباشر.
أبرز الواقفين مستترين بالصهيونية العالمية متمثلة بدولة إسرائيل، فإسرائيل لم تتنطح للتعبير عن موقفها، ولم تتدخل إلى الآن سوى بتصريحات تخص أمنها، ولكنها هي المحرك الأبرز ضد هذه الثورة، وهي التي تحرض النظام مستعينة بدول العالم الحر، عن طريق صمته حينا، وعن طريق تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع.
لا شيء يخيف إسرائيل كما السوريين حين يصبحون أحرارا، ويملكون زمام أمورهم، وهي التي حرصت كل الحرص ومنذ تأسيسها على أن يحكم السوريون من قبل أنظمة مستبدة حتى لا تتحرك إمكاناتهم الإبداعية ويتطورون ويصبحون دولة يحتذي بها جيرانها من الدول المجاورة.
ببساطة الثورة السورية يتيمة الأبوين، وأيضا هي وحيدة لأبويها، ومع ذلك فقد ناضلت لنيل الحرية وكان يمكن أن تنتصر على الأسد وأزلامه ولكنها لا تستطيع أن تنتصر على عالم بأكمله، عالم يخاف من العرب إذا انتصروا ولأن انتصار السوريين سيشجع غيرهم على الثورة خصوصا تلك الدول المحيطة بإسرائيل. انتصار سورية يخيف دولة إسرائيل، وبالتالي يخيف العالم أجمع. وهو إن انتصر سيكون له شأن كبير، وسيكون شوكة في حلق كل من وقفوا ضده. وعلى رأسهم أمريكا القبيحة قبح ميدوزا، اللئيمة لؤم كل صهيوني.
إلى كل السوريين أقول إذا انتصرتم وأعتقد أن ذلك أصبح بعيد المنال، فقد نلتم ما ثرتم من أجله ولكن لا تتوقعوا أي مساعدة من أحد، وسيكون لنصركم وقع لم تحظ به أية ثورة سبقتكم، وستدرس ثورتكم كمنهاج في مدارس العالم أجمع، وستكون وصمة في جبين أمريكا والغرب إلى أبد الآبدين، وستكون بعد حين سببا لسقوط أنظمة غربية كثيرة، ليس عن طريق الثورات، فالثورات هناك لم تعد وسيلة وإنما عن طريق الديمقراطية، ستغير هذه الثورة وجه العالم، ولن يعود عالم ما قبل الثورة السورية، كما سيكون بعدها. الثورة السورية ستغير العالم، كما غيرته دائما عبر التاريخ. ولكن ذلك غير ممكن فالصهيونية لكم بالمرصاد.
لكل أهالي الشهداء أقول، لكل أب، ولكل أم، ولكل أخت ثكلى، أقول: افخروا بشهدائكم الذين سيغيّرون تاريخ العالم الحديث، فالعالم لن يكون مرة ثانية كما كان عليه من قبل، وسيلغى التاريخ الميلادي. سيصبح التاريخ قبل الثورة وبعد الثورة كما كان قبل المسيح وبعده. أليست الثورة مسيحا جديدا. أليست؟؟؟؟؟؟؟
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |