قصة / تفاح الجنة
2006-12-09
خاص ألف
لا تهتموا بي كثيرا . فأنا امرأة أخذت أكثر من حقها . عشت أربعين سنة بعد رحيل زوجي .ترقبت مدية ملك الموت وعريت لها الوريدين من الحد إلى الحد بلا خوف ولا وجل . قلت لعزرائيل في ليالي الشتاء الباردة وأنا أتوسد ذراعي : عندما تطأ أقدامك هذه الغرفة – فأنا متأكدة من أن لعزرائيل أكثر من قدمين – لا تمش على رؤوس أصابعك ، فأنا لا أخافك . حرك فوق رأسي جلجلا، أو فجر قنبلة إن شأت .
أريد أن أراك وأنت تقبض روحي وتضعها في قفص صغير ، وتطير بها إلى حيث لا أدري .أريد يا سيدي أن أرى ذلك العصفور الصغير الذي قالوا انه يخرج من أنفي وأنا أفارق الحياة .
ثم أتدثر وأنام إلى الأبد .
وبقيت أترقب ، وأعري الوريدين كل ليلة .
ولكنه لم يأت .
قلت لكم قبل قليل لا تهتموا بي كثيرا أيها الأصدقاء ، فحكايتي لا تستحق منكم المتابعة لأنني في الحقيقة أحكيها لنفسي ، فقط لنفسي . ربما سيقول لكم الفاهم كلاما أقرب إلى الحقيقة مما قلته أنا ، وهذا شأنكم أنتم معه لأنني لن أحاكم أحدا هذه المرة ، ولن أطلب منكم أن تكونوا في صفي . فقط أرجوكم لا تقولوا إنني امرأة سكنها الخرف . فوالله إنني عاقلة ومظلومة ولا أستحق كل ما سلطه علي ابني الفاهم وكنتي منجية من عذاب . بالله عليكم لا تقولوا هذه عجوز مجنونة قبل أن تستمعوا إلى كل الحكاية ،ثم حكموا عقولكم وقلوبكم وانبشوا قبري وارموا بجثتي للكلاب إذا رأيتم أنني استحق ذلك ، أو أنصفوني من ابني وترحموا علي يرحمكم الله .
غزالة في الشرك
عندما تغضب أمي مريم مني ، تسب الساعة التي نبت فيها في أحشائها كانت تفعل ذلك وأنا صغير . ولما كبرت ، امتنعت عن السب جهارا ولكنها واصلته في سرها . أنا متأكد من أنها ظلت تسبني إلى آخر رمق في حياتها ، وستظل تسبني وهي ميتة لا محالة .
قالت لي مرة عندما سألتها عن أبي :
أبوك اندقت عنقه قبل أن يترك لك صورة في قعر الذاكرة ، يا ابن ستين كلب . تركني وحدي لهذه الدنيا القحبة وذهب في حال سبيله .
فسكنت الأسواق ، عندما كانت المرأة تذبح إذا ضبطت وهي تنظر للشارع من وراء الأبواب . اشتريت الأقمشة الرخيصة وتاجرت فيها . بعتها للنساء المتحجبات داخل المنازل ، وغاليت في الأسعار . فأنا أقايض كرامتي بفرنكاتهن . وكنت لا أشبع .
أقسم لك بالله ألعلي القدير أن هذه القطعة من حرير الهند .
ولكن ثمنها مرتفع جدا يا مريم .
خذيها وادفعي الثمن بالتقسيط .
لا ، لن أقدر على ذلك ولو بالتقسيط ، فأنت تعرفين بخل زوجي وتقتيره علينا .
وتقول لها أمي : لا يهمك سأتدبر الأمر .
كنت أعرف ما تعنيه بسأتدبر الأمر ، ولكنني لم أكن لأهتم بذلك كثيرا .
أذهب إلى دكان العم الجيلاني لأقول له : أمي تقرؤك السلام وتخبرك بأن الغزالة وقعت في الشرك ، موعدنا الليلة بعد صلاة العشاء ، في سقيفة بني كلاب .
ويدفع عم الجيلاني للمرأة . وتدفع المرأة لأمي . وتدفع لي أمي ثمن الحلاوة الشامية . وتعود إلى الأسواق ، أسواق الرجال لتشتري زجاجات العطر الرخيصة ، والبخور ، وقراطيس الجاوي ، وقوارير العنبر ، والعلكة ، والسواك . وتطرق الأبواب ، أبواب الرجال الفحول والنساء الشريفات العفيفات . وأمي تبادلهن سلعها بسأتدبر الأمر . والموسرون لا يبخلون بالمال على اللحم الطري المدسوس وراء الأبواب المغلقة بسبعة مفاتيح . وأنا أفرق الحلاوة الشامية على أبناء النساء الموطوءات بتدبير أمي ؛ إلى أن صرت أفرق بين الحق والباطل فكفت أمي عن تكليفي بإيصال خبر الغزالة التي وقعت في الشرك إلى الرجال الذين يدفعون ويذهبون إلى السقائف بعد صلاة العشاء .
مريم تداوي العذارى
كم ستدفعين يا أم العروس ؟
مائة فرنك يا خالة ...
مائة مقدما ومائة عندما يلعلع البارود .
وأقبض المائة . أدسها في الصندوق وأطلب من الزائرة أن تعود ليلا مع ابنتها .
ما أحلى هذه البنت . إنها تساوي وزنها ذهبا ولن أعذبها كالأخريات . فقط سأفتح مابين فخذيها برفق ، وأضع إصبعي الوسطى في الباب الحرام . باب الجنة والنار . سأقيس الفتحة وأقول لها : من ذاق من عسيلتك يا صغيرتي ؟ من هد جدارك يا مسكينتي وترك باب دارك مشرعا للريح ؟
يحمر التفاح على خدي البنت وتبكي .
- أطلب الستر يا عمتي . أنا يتيمة ، ووعدني بالزواج ، وأخلف الوعد .
وأفتعل الغضب ، فأحرك إصبعي في الفتحة الواسعة ، وأصرخ في وجهها :
لماذا تركته يفعل بك هذه الأفاعيل يا كلبتي الصغيرة ؟
وعدني خيرا يا عمتي . لحس عقلي . ذوبني في هواه ، وشربني . ولم يترك لي عنوانا .
ويجن جنون الأم فتضرب البنت المنهارة على فمها .تضربها على رأسها . تضربها على بطنها ، وتنتف لها شعرها ، وتدوس تفاح خديها . وتولول :
يا خراب بيتك يا علجية ستصبحين مضغة في الأفواه ...
ويتراءى لها مشهد في أزقة القرية – ابنتها راكبة على ظهر حمار، ووجهها ملطخ بالسخام ، والأطفال يصيحون وراءها ، والنساء الشريفات العفيفات يرمينها بالحجارة من وراء الأبواب ، والرجال الكرام يتفلون على الشرف المهدور – إلى أن تصل إلى المنزل الذي غادرته في العشية على أنغام الطبلة والمزمار .
أنا في عرضك يا أمي مريم ، استريني ، لا تكشفي حالي .
لا تخافي يا ابنتي سأتدبر الأمر .
وأودعها مع أمها لأحضر لها دواء العذارى المفضوضات البكارة : مزيج من دم الغزال المتيبس ، ومسحوق من زهر عرائس الجن المجلوب من أقاصي الصحراء ، والفاسخ والفاسوخ .
وأمشي معها إلى دارها الجديدة . أجلس على الزربية وأركنها إلى الزاوية البعيدة عن الأنوار .
ونظل نترقب العريس .
يصل المسكين مرتبكا . يدخل برجله اليمنى . يبسمل ويفتح الحجاب الذي يغطي وجه العروس فينبهر بالوجه الحسن ،وبرائحة العنبر الفائح من ثيابها ، و بزخارف الحناء علي يديها ورجليها .
وقبل أن أغادر، أطلب منها ، كما اتفقنا في العشية أن تتمنع حين يحاول فتح رجليها ، وأن تطلبني للمساعدة .
نادي أمي مريم يا سيدي لعلها تسكب في قلبي بعضا من بأسها .
ويمتثل الخائف من الفضيحة فيفتح الباب وينادني .
أدخل عليهما كرحمة السماء . وأنظر في عيني الرجل لأقول له :
لا تخف يا ابني فالأمر أبسط مما تتوقع .
وأغمز للعروس أن اطلبي مساعدة اليدين المجربتين .
08-أيار-2021
31-آب-2007 | |
31-تموز-2007 | |
09-تموز-2007 | |
19-كانون الثاني-2007 | |
03-كانون الثاني-2007 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |