Alef Logo
ابداعات
              

قصص قصيرة جدا / حب مجانين

ابراهيم درغوثي

2007-01-03

خاص ألف

1-العاشقان:

كانا يقفان أمام موظف الاستقبال في ساحة النزل الفاخرة . ثيابهما غريبة تشبه ملابس الكهنة .
كان كل واحد منهما يضع في رجليه خفا من الجلد مثل تلك التي مهر في صناعتها ، عندنا في تونس ، سكان الصحراء المتاخمة جنوبا لشط الجريد . والعامل بالبزة والكاسكيت واقف وراءهما ، يحمل حقيبة كبيرة وجديدة .
المرأة سافرة عن وجهها . تضع نظارة عاكسة للشمس .
والرجل بجانبها يغطي وجهه بلثام التوارق .

طلب منهما موظف الاستقبال الأوراق الشخصية . بطاقة تعريف وطنية أو باسبورت .قال ذلك وهو يبتسم ، ويرحب بهما .
أخرج الرجل من جيبه جوازي سفر وقدمهما للموظف . وطلب غرفة فسيحة ، تطل على البحر ، في الطابق العاشر .
وافق الموظف بحركة من رأسه وبدأ يملأ الاستمارة . كتب على رأس الورقة الأولى : أساف .
وكتب على الورقة الثانية : نائلة .

هامش : أساف ونائلة ، رجل وامرأة من العرب العاربة ، اقترفا الحب في الكعبة فمسخا صنمين
2- غيرة

هو يعشق الحمام كثيرا ويطرب لهديله حد الجنون ، ولكنه يكره أن يراه مسجونا في قفص ، وان كان أوسع من الدنيا . فقد كبر وهو يعايش بيوت الحمام المبنية فوق السطوح ، وتربى على خفقات أجنحة الفراخ وسقسقتها في الأعشاش حين منه أمهاتها لتزقها نسغ الحياة . وكان يتوله عندما يرى الذكور تغازل الإناث ذاك الغزل الرقيق الذي يعجز عن مثله العشاق من بني البشر .
ولكن ماذا يفعل ، وقد سكن المدينة ، واكترى شقة في عمارة . شقة أكبر بقليل من قفص .

البارحة حدث زوجته عن إمكانية تربية زوج حمام في البيت . شهقت ، وقالت : زوج حمام . ولم تزد .
وعاد إلى البيت محملا بقفص .
قالت : هذا قفص عصافير . هل سنربي كنالو عوضا عن الحمام ؟
قال : لا ، لقد أوصيت بائع طيور عن زوج حمام .
في المساء ، عاد إلى المنزل جذلا . وضع زوج الحمام في القفص ، وجثا أمامهما .
نظر إلى الجسم الرشيق الملفوف في ريش ناعم في لون البنفسج وقال : أكيد ، هذا هو الذكر .
وتفحص العينين السوداوين ، والمنقار الأنيق ، والذيل الراقص ، وقال : وهذه الأنثى . لا بد أن تكون مغناجا أكثر من اللزوم .
كانت زوجته تراقب المنظر عن قرب . وكانت تردد لنفسها : زوج حمام وفي هذه الشقة الصغيرة ...
ولم ينم إلا بعدما سمع الهديل .

هي : تزوجته منذ أكثر من سبعة أعوام . لم تكن تحبه . قالت لنفسها أكثر من مرة ، سيأتي الحب مع العشرة والألفة .
ولم يصل الحب . كان القلب هائما في مكان آخر ، ورفض دعوتها . ترك قفص القلب فارغا ، فعاشت بلا قلب .
البارحة ، طلقها النوم . كان زوجها يشخر .وكانت تستمع في سكون الليل ووحشته الى هديل الحمام الحزين . رأت على ضوء القمر الشاحب منقار الذكر وسط منقار أنثاه ، وسمعت أناته المخنوقة . رأت الضراعة في عينيه ، وراقبت دورانه حول الأنثى وهي تغنج وتطلب المزيد .
قالت : أنا لا أطيق غزل الحمام . هذا أكثر مما أحتمل .
وقامت تفتح باب القفص ...
3-طلاق

قال القاضي للرجل والمرأة الجالسين قدامه :
- أرجو أن تحزما أمركما ، فهذه جلسة الصلح الأخيرة ، واعلما أن أبغض الحلال عند الله الطلاق .
قال :
- سيدي القاضي ، انه من فضلك هذا الموضوع حالا ، وسأدفع لهذه المرأة بائنة كبيرة على أن تترك لي تربية الأولاد . سيدي هذه كارثة سلطها الرب على عبده الضعيف .
قالت :
- عفوا سيدي القاضي . أنا أرفض بائنته الكبيرة ، ولن يجمعني معه بعد اليوم سقف واحد . فقط سيدي الكريم أريد أن يعرف القاصي والداني كذبه في العشق . انه لم يكن في يوم من الأيام صادقا. هذا الرجل يخونني كلما التفت . انه يا سيدي شاعر . وهل يصدق الشعراء يا سيدي القاضي ؟
انه يا سيدي عذابي في الدنيا الفانية ، ولست أدري بماذا سأعذب في الآخرة ؟ فهل هناك ما هو أسوأ من عشرة هذا الرجل ؟
في الغد ، نشرت كل الجرائد المكتوبة خبرا عن طلاق القرن ، وزينت صفحاتها بصورتي : جميل وبثينة .






تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

قصة / رجل محترم جدا

31-آب-2007

قصة قصيرة / الجدار العالي

31-تموز-2007

قصة / تفاح الجنة

09-تموز-2007

إيروتيك / فصل من رواية / شبابيك منتصف الليل

19-كانون الثاني-2007

قصص قصيرة جدا / حب مجانين

03-كانون الثاني-2007

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow