كان عمري آنذاك سبعة عشر عاماً والقليل من الظلال الضبابية التي لم يرها النائمون بين حكايا الله وصفعةِ الأنبياء الملزمين بتبليغ رسائلهم وصبّها في قلوب الموتى أيضاً ....!
..خرجتُ عن بيروقراطية القبائل بعد أن كسرتُ صحنين "ماركة روميو وجولييت" أمام أمي وجدّتي التي أنقذتني من اختناقٍ مُحتّم حينما وضعتْ سبّابتها في فمي لتلتقطَ تلكَ اللقمة التي حالت بين كتابتي لهذه الكلمات من عدمها....
؛
أنا لا أشكر ( جدّتي ) المنقذة أكثر من قرار ( فرانكو وغوزمان )
بإعدام ــ لوركا ــ
ــ الشعراءُ كان عليهم أن يُقتلوا مرتين .. لأنّ الله لا يفقههم والطغاة أيضاً
... نعم، ثمّة هنالكَ أغبياء في السماء وعلى الأرضِ من يمثّلهم مرتين !
/
أصواتُ الأقدام الراكضة على الدرجِ كانت أعلى من صراخ أمي وجدّتي .... ها
ها ... لم أكن أضع سبّابتيّ بأذنيّ كيلا أسمع هذا التوبيخ التوجيهيّ؛ لكنني كنتُ أتحاشى أن أرى وجههما ينعكسان أمامي في لوح زجاج نافذة المطبخ حيث كنتُ أديرُ ظهري لهما وكأنني أقول لهما ... تبعثرا ... مثل هذا الزجاج ... وحتى زجاج النافذة لم أرَ فيه غير صورة "شكسبير " وهو يضحك !
.... وكنتُ أريد أن أرى نصل السكين الذي يدخل في قلبِ "روميو" !..
***
............. وكأنني الآن وأنا أكتبُ هذه الكلمات... أضعُ سبّابتيّ بين شرايين قلبي لئلا أتذكّر هذا اللوم (البراغماتي) ....
***
بعد أن وضّبتُ حقيبتي فجراً وقررتُ أن أكونَ في دمشقَ التي تأخذكَ إلى منفاك الجميل ...
حتى منفاك في دمشق هو وطنك ....!
....
لأنّها ظمأى ... روحي؛
ــ ذهبتُ إلى دمشق شارداً ... بوعي ضرير ... !
/
الفراتُ لم يعد كذلك ....... أرى أنّ قلبي يحتاجُ لأكثر من نهر !
....
وفي دمشق ...................................................
رأيتُ أنّ قلبي يحتاجُ لأكثر من دمشق !
..... كما يقول لي الأصدقاء الموسميون والحقيقيون والخائنون والاعتباطيون والنازفون والشعراء:
ــ إنّكَ ... تستطيع تفسير الماء قبل أنْ تُطْرِق ... وهذا ليس جهداً على قلبكَ!
... دمشقُ ؛ جهدٌ نازفٌ ... مسبقٌ للعاشقين !
... دمشقُ .. غرق !
... الأصدقاء ... ضفاف.
***
البارحة :
كنتُ أريدُ أن أقلعَ عن الحنين عندما اكتشفتُ أنّ الحنينَ ( عدوٌ ومدعاةٌ لارتكاب الحماقات) ....!
منذ أسبوع تقريباً بدأتُ بإعادةِ ترتيب قلبي ولملمةِ شظاياي هنا في المنفى الذي هو منفى حتى بين الأصدقاء !
.... شرعتُ بكتابة الجزء الثالث من ( سيرة ذاتية ناقصة لحصان مرهق )؛ لكنني لم أحظَ حتى بإكمال صفحة واحدة أو أقل ...!
؛
أحدهم حاورني فجأةً وأنا قد نسيتُ أو تجاهلت أن أغلق صفحتي على الــ"فيس بوك " وقد قال لي :
ــ تركتَ الطابق الرابع .... وبدأتَ بالكتابةِ عن الله ...
.... وبعد ذلك
قلتُ له :
ــ أريد أن أحلم .... أبكي ... وأكثر من ذلك !
........... كان جوابه ذات جوابي !
.... كان لديّ قلقٌ وجودي وتعبٌ متحفّز ... لذلك قلتُ له أريد أن أحلم أكثر وأذهب بعد دقيقتين إلى الغرق ...!
... كان الغرق لديّ حتى أمام الذاكرة صارخاً ولم ينسَ !
................. كنتُ أريد أن أكتب
أغلقتُ نافذةَ ذاكرتي وأغمضتُ قلبي
وذهبتُ لأتبوّل على الحرب والجنرالات والأحياء المخادعين .... لكن، للأسف لم أستطع التبوّل إلا على "المرحاض" !
:
بعد نصف ساعة تقريباً .... أحدهم
وضعَ بصمتهُ على جرس الباب فلم يعطه الجواب المقنع أنّ رنيناً سوف يرنُ !
..... تهافتت القبضات لطرق باب منزلي ... كانت الطرقاتُ ناعمة تمتزجُ بأصواتٍ قلقةٍ وكأنّ غريقاً يستجدي الضفاف !
ـــ الأصدقاءُ .. ضفاف ..
........ بعد قليلين.. نهضتُ من صمتي وفتحتُ بابَ المفاجأة
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...