نافذتان وباب .. 1 / 3 /
النافذة 1
تهديكَ أصوات البائعين المتجولين وصوتَ تكسّر الحصى تحت عجلات عرباتهم
التي تجرّها بغالٌ مخصية..!
وضحكات الأطفال المشاكسين في الأزقةِ ..تحت شرفتكَ تماماً يرمون الحجارة الناعمة إلى الأعلى ويلتقطونها بكفوفٍ وحفنات تتسعُ لقبلة أو وردتين ..!
النافذة ذاتها توصلُ إليكَ سعالَ العجوز وتوبيخ زوجته الريفية ورنينَ أساورها النحاسية وتقطّع أنفاسها بين الكلمات وتأتأة الحروف ...!
صوتَ حفيف أغصان الأشجار الباسقة إلى الأساطيح ..!
رفرفةَ الغيسل الجاف أثناء هبوب الرياح وسكونها ..
همسات العاشقة التي ترمي رسالةَ مواعدةٍ للمراهق الخجول الواقفِ في الأسفل ... وهكذا تعطيكَ كل هذا..!
روائح غريبة تتسللُ إلى رئتيكَ لا تفقهها ..!
عطرٌ إثنوي يثير غرائزَ المرايا ويأخذكَ إلى الشهيق ... إلى أن تطرقَ باب الشبقِ في الحُلم !
حجرٌ ليس طائشاً يرتمي عبر النافذة على سريركَ، مربوطٌ فيه رقم هاتفٍ لا تعرفه ...!
لربما / رقم الفتاة البدينة التي تعاني نقصاً مفرطاً في الحب والاهتمام..!
صدى الصفعة التي تلقاها الجار المسكين من زوجته اللئيمة ...!
هتافات الجماهير الغاضبة في التلفاز أثناء المباراة النهائية لكأس العالم ...!
صافرة الحكم الأخيرة ...!
رائحة العشاء المحترق .. المنسي في الفرن في المنزل المقابل ..!
أبواق سيارات الإطفاء
ونصائح الكبار وحكمهم المتناثرة في الزقاق ..!
صوت إغلاق الباب الخارجي بعنفٍ ...
كل هذا ..تمنحكَ إياه ...
وقبل أن تغلقها ... تأكّد أنّ وقت المغيب قد حان؛
وأن صوتكَ الذي كان يتجوّل منذ الصباح مع النهر.. قد دخلَ إلى الغرفة.