قصيدتان للحربِ وللأحياء الذين ينتظرون البارحة ..
أحمد بغدادي
خاص ألف
2018-11-24
"لا تضعوا زهوراً على القبور
ولا تبكوا جيّداً
لا يريدُ الموتى منكم سوى أن تغادروا المكان
بسرعة
كي لا تصابوا بالعدوى "...
(1)
قبل الحربِ
في الحرب .. يتراكضُ الأصدقاءُ القتلى
إلى قبورهم حاملين في كفوفهم أقماراً تخبو
وعلى أكتافهم أيامهم الجميلة والبارحة !
التراب اللزج
التراب المضمّخ بعبق الخطوات الوجلة في الظلام
التراب الذي يشتهي نكهةَ المطر كما يشتهي الطفلُ
الخوضَ في أيامه القادمة .. والضحكات
الشارعِ والرصاص ..
...
الترابُ .. الذي لا يثيرُ غرائزَ الشجرِ
وحكاياتِ الأحذية العائدة من المدن المحطّمة
ها هو الآن ينهال عليكَ
لتصبحَ صديقاً حميماً .. قتيلاً
لأصدقاء مازالوا أحياء يفكرون بقلبكَ
عندما يمرّ اسمكَ غائباً بينهم
اسمكَ
الجريحُ في ذاكرةِ الأصدقاءِ
ينزفُ انتباهاً شارداً
ووقتْ .
***
(2)
ماذا ستقول للدمِ الذي سال منكَ
قبل أن يدفنوكَ ؟!
تتذكر وأنت في صغركَ
جرحَ إبهامكَ جراء وخزة الوردة ..
دمكَ .. ذاته !
ذات اللون
ذات البريق والتدفّق الشحيح !
الرائحة ليست هي
والصرخة والألم أيضاً !
ــ بمَ قُتلتُ ..؟!
تستدير ويستدير المكان معك
وتصيح في صمتكَ " أين ظلي ؟!..."
فوق ظلكَ تماماً تسقط
فوق دمكَ ..
وقليلاً .. رويداً .. ببطء .. تغيبُ عيناك
وجفناكَ قصيدتان فارغتان
وخدكَ على تراب الطفولة
؛
التراب الذي دفعتَ قلبكَ
ثمناً له ...
/
عشقكَ
سوف ينساكَ ... كما من قبلكَ الآلاف.. الآلاف !
ناموا في قبورهم ينتظرون أحداً
يذكر أسماءهم
حتى لو بشتيمة عابرة !.