على شرفاء الثورة السورية الانتحار على طريقة الهاركيري
سحبان السواح
2019-01-19
الانزياحات ظاهرة كونية معروفة، كما أنها كلمة استخدمت لاحقا في الأدب والنقد، وكان الأجدى استخدامها في السياسة وفي تشكل القوميات والامبراطوريات. إلا أنني لم أجد أحدا قد استخدمها قبلي. فكل ماجرى في التاريخ من انهيار امبراطوريات وصعود إمبراطوريات بديلة لم تكن سوى انزياحات كونية لتستقر بشكلها الجديد مشكلة عالما جديدا، ومنطقا جديدا، وطريقة تفكير جديدة.
ما يجري في المنطقة منذ بدء الثورة السورية. هو انزياح كوني حقيقي. وما يجري داخلها سيحدث واحد من أكبر الإنزياحات التاريخية. الكون يتغير، إميراطوريات تسقط، إمبراطوريات تشهد علوا وسيادة غير مسبوقة، ولن يكون السوريون بعده كما كانوا قبله، وما يتشكل من قوى جديدة على الساحة كروسيا التي بدأت تستعيد عافيتها على حساب أمريكا بزعامة أوباما الذي فشل في قيادة الأمة وسار بها نحو كارثة قد تؤدي بنزولها مع حلفائها الغربيين إلى المرتبة الثانية وتفوق روسيا بوتين عليهم جميعا.
هل هي حقيقة، أم هي مسرحية يشترك فيها قادة العالم يؤدون أدوارا محددة لتنتهي المسرحية بفناء سورية وشعب سورية وظهور تشكيل جديد للمنطقة لم تتحدد ملامحه بعد. ولكن ماهو مقرر مسبقا مستقبل سورية وما يحيط بها من دول عربية وغير عربية.. والعمل جار على تحديد هذه الملامح مستبعدين السوريين كشعب من المعادلة.
قد يسأل سائل ومن أين تأتي بمعلوماتك، أقول هي ليست بمعلومات هي وقائع أن يفاجئنا أردوغان وبعد اتصال بأوباما بالتدخل بالأراضي السورية بحجة محاربة داعش، صدقناه ولكن ماحز في النفوس أنه منع أو امتنع من الاقتراب من النظام. ماذا يعني هذا سوى أن الأسد ما يزال لاعبا رئيسيا في المهزلة السورية وممنوع الاقتراب منه
إذا المنتصر سيكون الأسد، فيما ممثلوا المعارضة جميعم ولا أستثني منهم أحدا، هم كومبارس سيء في أحسن أحوالهم يؤدون أدوارهم بشكل رديء ومفضوح وتهريجي. المبرمج للعملية كلها الصهيونية، واللاعب الأول والأخير إسرائيل، وهذه عادة ليست جديدة على إسرائيل والصهيونية فهم دائما يعملون من وراء ستار محتمين بالدمى التي يحركونها لمصالحهم ومصالح دولة إسرائيل بالدرجة الأولى.
ما الذي يجعل الأسد بهذه الأهمية، وهل هناك جهة في الكون غير الصهيونية العالمية هي التي تدعمه وتتركه حيا إلى اليوم ولاعبا رئيسيا في سورية بعد أن كاد يتحول إلى مجرم حرب، وصمت العالم يعني موافقتهم على ما يجري.. في سورية وسيجدون من يقف معهم من ضعاف النفوس في المعارضة وجميعهم كذلك، وسيقنعونهم بالذهاب إلى التفاوض، ولن يكون تفاوضا بل إعطاء بعض الحريات الوهمية للسوريين وسيعود رامي مخلوف ومن لف لفه لبناء سوريا وتوسيع امبراطوريته المالية، وسينسى القتلى التي حصدتهم المعركة لم أقل شهداء ولم اقل ثورة، هي هوجة عرب استطاع القوي أن يسيطر عليها وضعاف النفوس، اللصوص، والمرتزقة من الثورة سيحصلون على بعض المكتسبات وقد تذهب على البعض الآخر. وتوتة توته خلصت الحدوتة.
خلصت حدودة سوريا، ولكن لم تنته الانزياحات التي ستتبعها، وسنمر بمرحلة تحولات يحكى عنها في التاريخ بجملة أو جملتين، أو حتى ببضع صفحات في الموسوعة، بأن في الأعوام .... جرى كذا وكذا سقطت الولايات المتحدة من عرشها كزعيمة للعالم الحر واعتلت روسيا والصين وإيران مكانها ومكان حلفائها من دول الغرب.
هذه باختصار حكاية ثورة أرادها مفجروها ثورة حقيقية، وكانوا صادقين حين خرجوا هاتفين يريدون الحرية، بعد خمسين سنة من الاستبداد، ولكن صدقهم لم يكن كافيا، نجاحهم كان سيغير معادلات غير محسوبة النتائج، وغير مسموح به دوليا بأوامر صهيونية. دفنت الثورة السورية، ويجب أن ننهي بأنفسنا دون أن نسمح لهم على الأقل برسم النهاية، سننتحر على طريقة الهاركيري، طريقة الإنتحار اليابانية التي تتصف بالشهامة والقوة والشرف. لن ينقذ ماء وجهنا سوى الانتحار على هذه الطريقة.. لنقول لهم أنتم الأقوى ولكننا لن نخضع.