تمامًا منذ قليل منذ تسع طلقاتٍ أنيقةٍ في مسدَّسٍ ما أو في الرأس. منذ مدينة مطرَّزة بالشعارات نهارًا ومحكومة بالإعدام ليلًا. منذ حدودٍ عاريةٍ لا يحفظها غير المهرِّبين والرعيان إلى ساحات محروسة جيدًا. منذ ما لا أدري كم من السجون والزنازين ليست في سنتياغو ولا في بغداد. منذ أوَّلِ مواطنٍ هدَّمته أحذيةُ سرية كاملة. منذ الله الذي يحبه الفقراء ويكرهون حياده وقت الحاجة. منذ أي شيء أيضًا؟ منذ وحدك وحدك.. سقطت الوردةُ التي تبحث عنها سقطت يا صديقي وهذه التي سأضعها على قبرك يومًا ليست وردةَ الحرية.
* * * من يسوق جنازة البلاد؟ من يسوق أهلها نحو تلك الغابة المرتجلة؟ من يموت معي بضعَ دقائق لأتحدث إليه بحزن شديد عن الحرية وعن صديقي الذي يبحث عنها في الداخل والخارج وفي رئتيه وعن صديقي الذي يهشِّم قبضتَهُ حين يسكر أو يحطِّم الباب. عاشقٌ إلى النهاية ولم تحالفه امرأةٌ قَطّ. هادئ مثل السماوات ويختزن ضجيجًا لا يُحَدّ. حين لم يستيقظ لأنه لم ينم وحين فشل في ترويض حياته وهي تدخل نيزكها الخامس والعشرين غسلتْ صهيله الوديان: ياااااااا قدميَّ كونا زورقين فكانتا. لماذا تخجل أيها النهر؟
منذ اكتشاف الأسيد لم تعد محترمًا ومنذ انحنى الطفل والمرأة والرجل سقطت الوردة التي نبحث عنها سقطت يا صديقي وهذه التي يزرعها الأبناء على قبور الآباء ليست وردة الحرية.
* * *
قفوا إذن دقيقةَ صمت أو دقيقةَ فوضى إذا كان الحكَّام يهاجمون قصائدنا بشراسة فلماذا لا يدافع عنها المحكومون؟ هذه هي البلاد ترفع فخذيها علامة للنصر وهذه هي الهزيمة تمرُّ بينهما باطمئنان. هذا أنا وهذا صديقي وأنتم أيضًا لو كان لأحزاننا جسدٌ بشريّ فكم سيكون عملاقًا هذا الجسد؟!
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...