من مذكرات جثّة مبتسمة في المنفى
أحمد بغدادي
خاص ألف
2019-02-02
قد جاءَ هذا الليلُ في دماهْ ..
طفلاً صغيراً، ذاهلاً
بالجرحِ
يبكي .. والنزيفُ
يصرخُ بلا إناءٍ
والنضحُ يغرقُ شاهقاً
والكأسُ يداهْ !
/
ما معنى أن تكونَ طفلاً
خائفاً
متكوّماً
متساقطاً........؟!
ــ وحدكَ أنتَ الوحيدُ
بين طعناتِ التذكّرِ .. والدخانْ
بين هذي الدهشةِ الملعونةِ
والقدرْ !
....
........
سكرى
تناجيكَ خمائلُ وحدتكْ
ويناجيكَ الفراغُ :
ــ أنتَ الآنَ .. في اللامكانْ
ولا تسلْ ..
للصدى مزمارهُ عند السَحَرْ
وسيأتيكَ صداهْ.
/
فنمْ ...
لا توقظ الأحلامْ
..دعها تعدو في جراحكَ طفلةً مجنونةً
دعها تنامْ ..
/
وتظلُ تبحثُ عن صديقْ !
إلى جانبِ الكرسيِّ
فوق الدفاترِ
تحت نبضكْ؛
فيتوارى الطريقْ .... لا أحدْ !
...
تلتفتُ وراءكَ .. وهل عساكَ
أنْ تراهْ ؟!
***
لا أحدْ !
ولا جرسٌ في المنفى.. يرنْ !
ولن يأتي طيفُ هذا الصديقْ .. ولا حتى الحبيبــــــــهْ !
ولن يأتي الزمانْ
بين أصابعهِ وردةٌ سوداءُ لكْ..
تُعطّرها الشتيمـــــــــــــــــــــــــهْ !
ولا الضحكاتُ القديمــــــــــــــــــهْ ..
ولا صوتُ أمّكَ ولا
اسمُ الوطنْ !
..
لا أحدْ !.
/
الحربُ خَلقت في ملامحكَ مرايا
والدمعُ: مياهْ !
والحبُّ أنّى يستفيضُ
بمقحلٍ إن شردَ الإلهْ ؟!
..
لا أحدْ !.
/
القلبُ يفتقدُ البكاءَ من جديدْ ..
القلبُ صار من جليدْ !
لا هو الحبُ أتاكَ ناصعاً
كالرصاصة
بين عينيكَ ولا
ذابَ فيكَ
واجتباكَ .. رهينةً راضخةْ
للأبدْ ...!
لا أحدْ !.
/
وهذا الليلُ .. ذئبٌ
يفترسُ شرودكَ .. في الزوايا !
ترمي إليهِ قلبكَ المضمّخِ بالحكايا ... طعماً قليلاً
يكفيهِ مضغتينِ
لا أكثرَ..
فانجُ.. بشوقكَ للحياةِ إلى الأغاني ..
ففي اللحنِ الخطيرِ
عشقاً يضيعُ الانتباهْ !
/
لا أحدْ !.
وقد حلمُتَ أنْ تزرعَ السروَ أمامكَ
ويغريكَ الصعودُ إلى منتهى هذا الصعودِ
وتشهقُ !
أنتَ الآنَ في المنفى
والمنفى: سقوطْ !
بمقلتين من غيومٍ
قُلْ جراحكَ واغتبقها ..
وليأخذكَ العمقُ
"كحصاةٍ وحيدةٍ إلى القاعْ !
لا تومئ بشفتيكَ :
ــ مَن تاهْ ..ومَن ضاعْ"..
ومَن نفخَ في رئتيهِ الغرقْ !..
لا أحدْ !.
أنفاسُكَ الآنَ تمشي كالعجائزِ على عكازِ الحياةْ !
ولا نجاةْ
للشاعرِ المسجونِ في نارِ الورقْ !.
/
لا أحدْ !.
وحبيبتي الآنَ نائمةٌ ... بعيدةْ
ليست كثيراً .. حبيبتي نائمةٌ بعيدةْ
على بعدِ حُلمين.. من القلبِ
من الذئبِ .. الذي لاكَ
قلبي المضمّخ في الزوايا .. ودهشتي التي
صارت طريدةْ !
لا أحدْ !
وحبيبتي الآنَ نائمةٌ ... بعيدةْ
والحربُ إنْ نامت ... لا تنامْ
وإن نامتِ الحربُ..
جرّها اللهُ بيننا .. غاضبةً شريدةْ !.
/
تمشي الحديقةُ
الآن
تمشي كي تشدو خطاها
في الطريقِ وعلى الرصيفْ ..!
ليصيرَ هذا الموتُ .. صيفْ!
ويعودُ الجنودُ إلى أمهاتهم دون جنائزَ.. ولا أكفانْ !
وتستحيلُ الطائراتُ طيوراً .. والدمارُ
يصبحُ في "الكاميراتِ"
زهوراً
والرصاصُ .. قبلاتٍ قاتلةً على الشفاهْ !
/
لا أحدْ
غيري الآن على هذا الكوكبِ
في هذهِ اللحظاتِ
يبكي...
ولا أفقهُ كيف كتبتُ هذي القصيدةْ ...!
.
.