قصيدتان من دفتر النبع الضرير
أحمد بغدادي
2019-11-09
(1)
أنا حجرُ الرحى الذي يدور عكسَ شهوتهِ
عكسَ ما ترغبهُ القبضاتُ الصَلدة
نحو الريحِ والحقول.
أنا الشاعرُ المُحطّم
الذي يكتبُ كلَّ يومٍ قصائدَ سيئة
عنكِ
وعن الحياةِ
واتساعِ الضوءِ في أعين القناديل
التي تلاحقُ الظلال .
أنا
لا أحد.. سوى زجاجٍ مُهَشَّم في ذاكرة الماء.
أنا الدائرة المشتعلة
التي تحيطُ بصوتكِ الرخيم
أمام الينابيع العارية.
(2)
أنا لا شيء
دائماً أفكّرُ، وأطيلُ التحديقَ والإبحارَ
في صورتي
وأنا صغير
كالدمى؛ بريئاً ووديعاً مثل حَجلٍ ينتفضُ بين فكّي ثعلب.
في المرآةِ أيضاً، الآن، أنظرُ إلى وجهي المُجعّد
أجسّهُ بذاكرةٍ قديمة، بحذر..
وأقارنُ بين قلبي المُرهق في هذه اللحظات
وملامحي، حينما كنتُ طيناً طرياً يشكّلني الآخرون كما يرغبون.
أنا لا شيء
عندما أمرُّ بزهرةٍ تنتأُ من رصيفٍ عبرَ فوقه قتلة كثيرون
وعشاقٌ خاسرون
وأحذية ملوثة بالهروب من الطمأنينة.
في هذه الليلة ..
لن يصدقني أحد
بأن النهاياتِ عادةً تكونُ كالحدائقِ المُقْمِرة
والبداياتِ: مقاصلُ
تقطفُ الأغاني المُثمرة
أمام اللقطاءِ واللصوصِ، والأنيابِ المُهذّبة التي تدعو الفراشاتِ
إلى رحيقِ الصمت.
أنا لا شيء
أتسوّلُ الآن في غرفتي كضريرٍ
يرتطمُ بالفراغ…
وأتمنّى
أنْ يتلألأَ نبعٌ بين ساقيَّ
لأطأطئَ عنقيْ وأسكبَ مُهجتيْ ذنباً في غرقِ الظمأ.
الليلة ..
أفكّرُ بتحطيمِ قلبي
بدون شظايا، أمام حذائي
كزجاجةِ عطرٍ فاسدة
وأتمدّد على سريري ضاحكاً
أقهقهُ.. كعاصفةٍ خائبة
وفي صدري فجوةٌ، مُعتمة
أو
نافذة تطلُّ على دمشق
أو الجحيم.
أنا لا شيء أيها السادة
فقط،
كنتُ أبحثُ عن مجازِ الحياة
ولم أجد سوى جماجمَ مندهشة
وضبابٍ لمّا يزل يأكلُ ذاكرتي… أنا
ثلاثُ جثثٍ قديمة
تخافُ أن تقتلَ من جديد
٭ شاعر سوري