لا أتّهمه بتعقّبي أو تكدير صفوي مع أنّي منذ بحرٍ من السنوات قد صادفته آلاف المرات في ربوع بلادي على مقربة مني..
وإذ ترنّ البهجة في خافقي لمرآه ولتَعاقُب المصادفات السعيدة.. التي أخالها حتمية فإنه ما انفكّ يتطيّر مني ويظنّ بي الظنون.
لم أفصح له بعد عن شغفي وافتتاني وعن مدى تفاؤلي وكَلَفي به لم تسنح الفرصة أبدًا.. لم تنضج تلك الثمرة التي يجمعنا عسلها، إذ بالكاد يشعر بِصمتي وما إن يلتقط برهيف مسامعه تنهداتي الكتيمة حتى وأنا على مبعدة منه أو ماكثٌ خلفه، حتى يسارع بالانفكاك حانقًا، متأففًا.. وربما شاتمًا لاعنًا لا يلوي على شيء.
وقد أفلحتُ مع الوقت في تفكيك رسالته الكظيمة: ساذجٌ غرُّ.. أجل، لكن ليس لدرجة أمحضك فيها ثقتي، ما أنت بصديق.. ما أنت إلا أحدهم، ومنهم.
وأنا للحق أحدهم لكني لست منهم.
بهذا يحرمني مرة تلو مرة بعناد أبدي وبقسوة مفرطة من هامش ضئيل من فسحة ضيقة لوضع الأمور في نصابها.
....
لستُ صيادًا أو قطًا متنمّرًا. ولا حارس أقفاص، وما أنا بشاعر يتحيّن السانحة كي يُبلبله بحبرٍ أسود إذ يزُجّه في موج قصيدة عمياء، وما أنا برسام يفوح ثوبه المتهدّل بنواياه ويقبع ساهرًا حتى الفجر قرب النافذة الشرقية متربّصًا به كي يدلقه على لوحة متبرّجة، وكل ما في الأمر أني في حياة سابقة كنتُ مثله كنت عصفور دوري.
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...