عشر سنوات عشناها بلا محمّد الماغوط
أنس مصطفى
خاص ألف
2020-06-13
شجَرٌ في الدُّروبِ الغَرِيبةْ، وَمضٌ عَلَى حافَّةِ الغَيِابْ، في الطَّريقِ إلى الموتِ وَحشَةُ الوُعُودْ، في الهزيمةِ ما يرتِقُ الجَنَاحْ..
في الطُّرُقاتِ أُناسٌ ومَدَائنْ، في العَتَمَاتِ غِيوبٌ تُزهِرْ، ننزِلُ في الأمكِنَةِ الخاويةْ، آمِلينَ بِنَهرٍ وسَكِينَةْ، وَارفينَ كَوجدْ..
..
..
في الطرَّيقِ الطَّويلِ إلى الأملِ تتزَرزَرُ الحياةُ رُوَيداً رُوَيداً، تَكْثرُ التَّلاويحُ وينفتِحُ الغِيَابْ، شَجَرٌ يابسٌ في الأنحَاءِ الأَليفَةْ، الأنحَاءُ التي إنطوَتْ، الدُّرُوبُ عَلَى رَسلِهَا في الأخِيرْ، الدُّروبُ التي أنحنَت لِمرَّةْ، الجُسُورُ الَّتي خضَّبتهَا المَغَارِبْ، الكِلِمَاتُ القَلِيلَةُ في المفَارِقْ، الحياةُ في الكَدّ، الحياةُ بوهَنٍ أكيدْ، نقُولُ أشيَاءَ مُلتبسةً في الأخيرْ، نَغدُو سُهدَاً وغِيَاباً، تغدُو الحياةُ غُمُوضاً وإنحسارْ..
..
..
من هُنَا الطَّرقُاتُ يَومَاً، من هُنا ذَاتَ سماءْ، لا شيءَ مثلمَا كَانْ، ولا نهرَ في المدَى،
أغنِيَاتٌ مُحتطَبَةْ..
..
..
ها أستَودِعُكِ شَجَراً وغُيُوماً، أستودعكِ بُيُوتاً وادِعَةْ، تَلوِيحَةً في الممرِّاتِ القَديمةْ، وأراكِ في الأَبَدْ، في الأوقَاتِ الممحُوَّةْ، وأراكِ دُرُوباً تَنحَنِي للجَنُوبْ، وأرَاكُ غُصُوناً في شَتلَةِ العُمرْ، وأراكِ جُسُوراً في خَاصرَةِ الغِياب، وأنتِ المدينةُ غَالِيةْ، تملأينَ الوقتَ قَمْحَاً وحَكَايَا، وتدسِّينَ في القلبِ سَلامْ..
ثمَّ ها تنهضينَ كالفجرْ، تنزلينَ مَطَرَاً نَاعِماً، وتظلِّكُ العناصِرُ كلُّها، ترفُّ حَولَكِ الحَمَائمْ، ولا تزالينَ النديَّةْ، ولايزالَ الطَّريقُ غيابَاً إليكِ، ويجيئكُ النَّاسُ في القحطْ، ويأخذكِ الليلَ إلى أنجمٍ ساهيةْ..
وها أستدلَّ عليكِ بالسَّنوات، بحافَّةِ الرُّوح، بالبلادِ المريرة، وأقولُ لعلَّكِ الحياةْ، لعلَّ الحياةَ هَكَذَا، وأشتاقُ دروباً أبديَّة، أشتاقُ طُفُولةَ النَّهارَاتْ، وأظنُّك خُبزَ الحياةِ القليلْ..
وكأنَّكِ الوقتُ لا ينتهي، وكأنَّكِ الناسُ والحَكاَيَا،
وكأنّكِ وردَةُ الغائبينْ..
وكأنَّكِ الموتُ لم يكنْ،
وكأنَّكِ الدُّنيا لا تزَالْ..