مطلوب من بشار تدمير سورية كليا قبل أن يخرج منها آمنا
سحبان السواح
2020-06-27
في جردة موجزة للحكام العرب في الطوق الذي يحيط بإسرائيل، وأخص بالذكر مصر وسورية، نكتشف وبعد أن أ ُعلن حافظ الأسد وابنه بشار كعميلين للصهيونية. ففي عودة للماضي الذي عميت أبصارنا عنه، نجد أن عبد الناصر كان من المشاركين في الحرب ضد الصهاينة، وحوصر في الفالوجة، ومعه عبد الحكيم عامر، ليعود من الحصار ويقوم بانقلابه على الملك ، واستلام السلطة في مصر.، وبقي موضوع احتجازه وما حصل معه خلال هذا الاحتجاج سرا لم يعرف عنه شيء. بهذه الطريقة وصل عبد الناصر ومن بعده السادات، وبعده مبارك إلى السلطة، وهي سلسلة ما كان يمكن أن تحدث لولا أن الصهيونية مطمئنة لها، والصهيونية لن تسمح لأحد أن يصل إلى الحكم ما لم تكن متأكدة من ولائه.
خاضت دول الطوق ثلاثة حروب خاسرة ضد إسرائيل، وكان الفضل لزعماء هذه الدول مجتمعين، في صلاتهم المتميزة مع الصهيونية. حكام مصر بعد الثورة وحافظ الأسد. لم يخض أحدهم تلك الحرب، مهتما بفلسطين، ولا بالعروبة، وإنما كان لابد من خوضها لجعل الشعوب العربية تقتنع بقوة إسرائيل السوبرمانية، وضعف العرب أنفسهم. لقد أقتنع العربي عموما بعدم قدرته على التفوق على إسرائيل، وأصيب بخيبة أمل مريرة، لم تكن في الحقيقة إلا مؤامرة من قبل حكامه وتعاونهم المثمر مع الصهيونية
ولن أتدخل هنا في ما يخص مصر وعبد الناصر وخلفاءه، فأهل مكة أدرى بشعابها، فهمّي هو سورية وما يجري بها، في حرب ال67 كان حافظ الأسد ضابطا في الجيش السوري حين إعلان سقوط القنيطرة، قبل أن تسقط فعلا مما أربك الجيش السوري بعد أعطي الأوامر بالانسحاب الحر. وهذا أعطى حافظ الأسد ورقة حسن سلوك لدى الصهيونية العالمية، ودولة إسرائيل، فكان لابد أن يتلوها حرب أخرى يظهر فيها حافظ الأسد ولاءه للصهيونية، بخوض حرب خاسرة ضد إسرائيل ومنحها المزيد من الأراضي التي تضم مخزونا مائيا كبيرا هي بحاجة إليه. ولم تكتف إسرائيل بذلك، كان لابد أن تذل السوريين، وتمرغ أنوفهم في الوحل فطلبت من حافظ الأسد تقنين الكهرباء عليهم فأمضوا سنوات طويلة من عمرهم مع انقطاع متواتر للكهرباء وصل إلى ثمان ساعات في اليوم الواحد، ونجحت إسرائيل عبر أيد من داخل سورية في إذلال المواطن السوري، وكان قد سبقها وظل مستمرا خلالها انقطاع وتقنين المواد الغذائية من مادة السكر والرز والسمنة وصار السورين يقفون بالطوابير للحصول على تلك المواد وصار هم السوري البحث عن لقمة عيشه، وما عاد يفكر في شيء آخر.. إذن الأسد لم يتوان في تنفيذ الطلبات الإسرائيلية بعد مضي عشر سنوات من حكمه سمحت له إسرائيل في تثبيت وضعه في الحكم، أعطى فكرة عن نفسه كحاكم عصري وسمح للمثقفين في تلك الفترة في التعبير عن أنفسهم ولكن بحدود.. لم تطل تلك الفترة حتى بدأ بتوجيه الضربات واحدة تلو أخرى حتى وصل السوري إلى العصور البداية في أواخر القرن الماضي.
هذا هو حافظ الأسد، وهذا ما تعلمه بشار الأسد، تعلم منه الخضوع لما تطلبه الصهيونية متمثلة بالدولة اليهودية وتنفيذ كل ما تطلبه، فهو لن يستمر بحكم سورية إذا رفض تنفيذ كل ما تطلبه. وجاءت الثورة السورية، ولم تكن إسرائيل راضية عما يجري في فيها، فقد اكتشفت أن الشعب السوري شعب حي، وذو إرادة في الحياة الكريمة وأن كل ما فعله حافظ الأسد لم يكن كافيا.. فكان أن طلبت إسرائيل من بشار الاستفادة من تحول الثورة إلى حمل السلاح واعتباره فرصة للخلاص من الحضارة السورية مرة واحدة، وما دامت الثورة ستربح في النهاية فيجب أن تستلم البلاد مدمرة، ولن تتفرغ لها إلا بعد سنوات طويلة يصبح الفارق الحضاري بين البلدين كبير جدا.
وآخر ما سيفعله الأسد تدمير دمشق عاصمة الأمويين، والتي تضم تاريخ العالم القديم.. ولن تقوم قائمة للسوريين إلا بعد فترة طويلة من الزمن.. وهذا سيجعل اليهود ومن خلفهم، الصهيونية أكثر أمنا واستقرارا وراحة بعد القضاء على حضارة مجاورة لا تمتلك مثيلا لها.. وفي الوقت نفسه ستضمن انشغال السوريين في البناء وعدم تفكيرهم في الهجوم عليها مرة أخرى ولفترة طويلة.. تعتقد أنها ستجد عميلا آخر يخدمها كما خدمها آل الأسد. ولكن هيهات فما تعلمه السوريون خلال عقود حكم الأسد سيجعلهم حريصين كثيرا في أن لا تتكرر تلك المأساة مرة أخرى.