استراحةُ المحاربِ 6/ "نشيدُ الإنشاد الذي لسحبانَ"
سحبان السواح
2020-07-11
" أستحلفُكُنَّ، يا بناتِ أورشليمَ، أنْ تُخْبِرْنَ حبيبيَ حينَ تَجِدْنَهُ إنِّي مريضةٌ منَ الحُبِّ."
"قالَتْ: قبِّلْني بقبلاتِ فمِكَ."، وترجَّتْ أيضاً: لامِسْنِي هُنا .. وهُنا.. هُناكَ، وهُنالكَ أيضاً. فمُكَ، شفتاكَ غايتي، ولسانُكَ يُحَوِّلُني جَمْراً. لا تنسَ فسحةً فِيَّ لا تُمَرِّرُ يدَكَ عليها، نعمْ، توقَّفْ هُنا، هُنا.. وهُنا، وادخُلْ فِيَّ، إِبْقَ داخلِي قليلاً، لا.. كثيراً، بلْ عمريَ كلَّهُ..
قالَ: "جميلةٌ أنتِ يا رفيقَتي، جميلةٌ أنتِ، عيناكِ حمامتانِ."؛ وقال: جميلةٌ أنتِ يا حبيبتي.!. كلُّ ما فيكِ جميلٌ، منكِ أنتظرُ الشَّهْدَ، محمومٌ بكِ، محمومٌ برغبتِي بكِ، منتظرٌ أنْ تأتي إليَّ بأسرارِكِ كلِّها، بأسرارِ جُموحِكِ، ورغباتِكِ وشهوتِكِ للمُتعةِ القُصوى، رائحتُكِ كما الهالُ في القهوةِ، كما البَخُورُ في الكنيسةِ، كما في امرأةٍ مارسَتْ لِتَوِّها العشقَ، وفعلَ الحُبِّ..
قالَتْ: "ريقُهُ أعذبُ ما يكونُ، وهوَ شَهِيُّ كلُّهُ، هذا حبيبي، هذا رفيقي، يا بناتِ أورشليمَ.".!.
وقالت: كُنْ روحِي، أَكُنْ لكَ روحَكَ، ونكونُ روحَيْنِ في جنَّةِ المُجونِ الخالدةِ. كُنْ حبيبيَ الَّذي أُغْويهِ بفمِي، لا بتفَّاحةٍ باردةٍ، بنَهْدِي، لا بفاكهةٍ مسروقةٍ، بسُرَّتِي تسرقُ قبلاتٍ مبلَّلةً منها، وليسَ مِنْ أحدٍ يُغوينا، ليسَ مِنْ أحدٍ يدلُّنا على الطَّريقِ، فأنتَ تعرفُ طريقيَ، تعرفُهُ جيِّداً طريقَ جنونِي ولهفتِي إليكَ، لهفتِي لِشفتَيْكَ ترتشفانِ ريقي، ويداكَ تُداعبانِ نهدِيَ ورِدْفَيَّ، ويجوسانِ في أمدائِيَ الَّتي لا تنتهي.
وهلْ ينتهي الحُبُّ، بلْ هلْ ينتهي فعلُ الحبِّ، حبٌّ يفوحُ عطراً، كما رائحتُكَ الَّتي تفوحُ في الأرجاءِ، وتعرفُكَ العَذارَى مِنْها..
قالَ: "كَفَرَسٍ أنتِ - يا حبيبتِي - في مركباتِ "فرعونَ"، ما أجملَ خدَّيْكِ بالحُلِيِّ، وعنقُكِ بعُقودِ الخَرَزِ، مِنْ ذهبٍ نصوغُ حُلِيَّكِ، معَ نقاطٍ منَ الفضَّةِ.".
وقالَ: تعالِي نتعانَقُ، تعالِي نموتُ عناقاً، فالموتُ خلودٌ بعدَ عناقِ جسدَيْنِ عاشقَيْنِ، كما أغصانُ شجرةٍ يلفُّ غصنُها غصناً آخرَ، فلا يُفْلِتُهُ، تعالِي ارتدِي جسدِي، وأرتدي جسدَكِ، فتصيرينَ أنا وأصيرُ أنتِ، لدينا كلُّ الوقتِ لنفعلَ كلَّ ما نريدُ، لِنمارسْ كلَّ رغباتِنا، لِنصطادِ المتعةَ اصطياداً، مفترشَيْنِ الأرضَ، مفترشَيْنِ الطِّينَ الَّذي منهُ خُلِقْنا، مُبَلَّلَيْنِ بماءَيْنا، جائعَيْنِ أكثرَ لكلِّ ما فعلناهُ توَّاً، فنكرِّرُهُ مرَّةً ومرَّةً ومرَّاتٍ.. لينضجْ حبُّنا أكثرَ، لِتَدْخُلي فِيَّ أكثرَ، لأدخُلْ فيكِ أكثرَ، آآآآآآآآآآآآهِ - يا حبيبتي - كمْ أنتِ مُتَرَسِّخةٌ فِيَّ. متجذِّرةٌ في قلبيَ كشجرةِ ياسَمينٍ..
وقالَتْ: "أخبرْنِي، يا مَنْ تعشقُهُ روحي، يا حُمَّى جسدِي، يا أنينَ وجعِي الجميلَ، أينَ ترعى غنمَكَ.؟. وأينَ تَربِضُ عِندَ الظَّهيرةِ. فلا أكونُ كَمَنْ يتَلَظَّى عِندَ قُطعانِ رِفاقِكَ، وأرعَى جِداءَكِ هُناكَ عِندَ مَساكِنِ الرُّعاةِ. "
قالَ: لي جناحانِ نبتَا منْ رغبتِي، لأكونَ حيثُ تشائينَ، ومتى تشائينَ، لي يدانِ خُلِقَتَا لِتُلامسانِ مِنْ جسدِكِ كلَّ ما تشتهينَ، يا فَرَسيَ الجميلةَ، أَلَسْتِ فَرَسِيَ الجميلةَ أنتِ، فرسيَ الَّتي أمطتيها.؟.
قالت: "حبيبي، قِلادَةُ مُرٍّ لي، بَينَ ثَديَيَّ مَوضِعُهُ. حبيبي عُنقودٌ مِنَ الكافورِ في كُرومِ عينِ جَدْيٍ."
وقالَتْ: لماذا يلفُّكَ الضَّبابُ، يا حبيبي.؟..
قالَ: "هذهِ أنتِ الَّتي تلفُّني، تصيرينَ ضباباً لِتُخْفِيني عنِ العذارَى اللواتي لمْ يترُكْنَنِي، العذارى اللواتي يعشَقْنَنِي، ولكنْ أنتِ فقطْ مَنْ تعشقُ روحي، فماذا أعدَدْتِ لنا، ماذا حضَّرْتِ مِنْ طقوسٍ لِليلتِنا الجديدةِ.؟.".
قالَتْ: كلُّ شيءٍ، البَخُورُ، والعُطورُ، والفواكهُ المُحَرَّمَةُ، جمَعْتُها كلَّها مِنْ أجلِكَ الليلةَ. سأكونُ في حضنِكَ، وسأنسَى نفسِيَ هناكَ، ليلةً، ليلتَيْنِ، عُمُرِيَ كلَّهُ، لنْ أحملَ معي سِوى جسدِي المُضَمَّخِ عطراً، نهديَّ المتوفِّزانِ عشقاً، وفرجِيَ الَّذي يذرفُ دمعاً طيِّبَ المَذاقِ. سأتركُ نفسِيَ هناكَ، لِتكونَ مُحَمَّلاً بيَ، وبحُبِّيَ لا تستطيعُ مِنِّي خلاصاً..
قالَ: "أستَحلِفُكُنَّ يا بَناتِ أورُشليمَ، ألاَ تُنْهِضْنَ حبيبتي ولا تُنَبِّهْنَها حتى تَشاءَ.".
وقالَ: أنتِ الشَّهوةُ مجسَّدةً، أنتِ الحلمُ بالمرأةِ المرأةِ، لا تبخلي عليَّ بشيءٍ منكِ يخرجُ، ومنكِ يفوحُ. أنتِ المُوغِلَةُ بالشَّهوةِ، الموغلةُ بالرَّغباتِ، الموغلةُ بي.".
قالَتْ: "أَفِيقِي يا ريحَ الشِّمالِ، وتَعالَي يا ريحَ الجنوبِ!، هُبِّي على جنَّتي، فتَفيضَ طُيوبُها، لِيأتِ حبيبي إلى جنَّتِهِ ويأكُلَ ثَمَرهُ الشَّهيَ.؛ تعالَ إليَّ، يا حبيبي، تعال وعانِقْنِي ممتلِئاً شهوةً، محمَّلاً بالرَّغباتِ، تعالَ إليَّ وبادِلْني الرَّغبةَ، حمِّلْنِي مِنْ شهواتِكَ ما يستحقُّهُ جسدِي، دَعْنِي أَكُنْ نسيجَ لحمِكَ الدَّافئِ، تعالَ ادخُلْ في شرايينِي، وَابْقَ على قَدْرِ اللَّهفةِ، بادِلْنِي القُبَلَ المحمومةَ بحبِّنا، المنسوجةَ مِنْ لِسانَيْنا وريقَيْنا، تعالَ إلى بيتِنا الصَّغيرِ، بيتِنا الَّذي بهِ تعاشَرْنا أوَّلَ مرَّةٍ، وكنْتُ أُدِيْرُ لكَ ظهرِي، لأنَّني خَجْلَى، وكنْتَ فحلاً وعلاً، وعلاً فحلاً، وكنْتً ظبيةً خجولةً، أَخْرَجَنِي صوتُكَ مِنْ خجلِي، فمنحتُكَ نفسيَ بكلِّ رغبةِ الأُنثى، بكلِّ جُموحِ الرَّغبةِ، بكلِّ ما خبَّأْتُهُ لمثلِ هذا اليومِ، أنا الجائعةُ أبداً إليكَ..
قالَ: " أجيءُ إلى جنَّتي، أجيءُ يا عروسَتي، أقطُفُ مُرِّي وطُيوبي، وآكلُ شَهْدي معَ عسَلي، وأشرَبُ خمري ولَبَني."؛ وقالَ: ثدياكِ تَوأما ظبْيةٍ صغيرانِ يَرعيانِ بَينَ السَّوسَنِ، ظامئانِ لأسنانٍ تُداعبُهُمَا، لِيدَيْنِ تفركانِ حلمتَيْهِما، وساقاكِ مفتوحتانِ بدعوةِ لبوةٍ شبقةٍ، أطيبُ مِنَ الخمرِ حُبُّكِ ومِنْ كُلِّ الطُّيوبِ عَبيرُكِ؛ شَفتاكِ أيَّتُها العروسُ تَقطُرانِ شَهْدًا، تَحتَ لِسانِكِ عسَلٌ ولَبَنٌ، وبينَ ساقَيْكِ فَرْجٌ مُتَبَّلٌ بالرَّغباتِ.. يا ربَّ الأحلامِ اشْهَدْ كَمْ أُحبُّها.!.".
قالَتْ: "ريقُهُ أعذبُ ما يكونُ، وهوَ شَهِيٌّ كلُّهُ، هذا حبيبي، هذا رفيقِي، يا بناتِ أورشليمَ.".
”أَدْخَلَني بَيتَ خمرِهِ، ورايَتُهُ علَيَ المحبَّةُ. أسنِدُوني بأقراصِ الزَّبيبِ. أعينُوني بِعصيرِ التُّفَّاحِ، فأنا مريضةٌ مِنَ الحُبِّ، ليتَ شِمالَهُ تَحتَ رأسي ويَمينَهُ تُعانقُني.”
.....................................
مابين أهلة مقتبس من نشيد الإنشاد