هذا هو البحر، يبدو صغيرًا ورماديًا مصفرًا؛ هائج منذ عدة أيام على غير عادته وأمواجه السوداء وحوش غريبة بأفواه كاسرة لا نورس يحلق فوقها، ولا أي طائر نعرفه قد يكون البحر الأخير وقد لا نراه مرة أخرى.
حين خرجنا من الغابة أول مرة رأينا البحر يولد من مياه السماوات العميقة ربما كان نائمًا كطفل في مهده.. والأمواج تتأرجح في إغفاءة في سكون العالم.
كانت لنا أكواخنا الصغيرة في الغابة، وآلهة صنعناها بأيدينا نصلي لها كل يوم كي تزودنا بالطعام والطمأنينة.. لكننا حين قتلنا الحيوانات المسكينة الضعيفة ماتت الحيوانات القوية فتلاشت الغابة، كنا نتلفت إلى الغابة حتى وصلنا إلى البحر عراة ومعنا الفؤوس والرماح.
نحن الرجال المتوحشون الخارجون من ظلمات الغابات الباردة لا نستطيع العيش بلا أسلحة حتى تحت الشمس، تركنا آلهتنا القديمة وصنعنا آلهة تصغي إلينا، أسلحة أكثر مضاء ومضينا قدمًا، لم نعد عراة بعد الآن، ولدينا أسلحة وحيل كثيرة أيضًا.
بمراكبنا البدائية هذا الصباح قتلنا الكثير من الطيور والأسماك وكان البحر يزداد هيجانًا وعتمة يوما بعد آخر وأمواجه تتكسر على عتبات أكواخنا.. لقد أصبح رماديًا مكفهرًا ولم نعد نرى أي شيء بوضوح.
هذه الرؤية حلمنا بها ذات يوم حين كنا في الغابة منذ قرون طويلة، نحن الرجال المتوحشون، لكن الآلهة تقول دائمًا إنها أوهام الخائفين الذين لا يحلمون جيدًا وكان البحر يتراجع دائمًا ويصبح رماديًا، وقد يصبح أسود ذات يوم ولن نرى الطيور والدلافين بعد الآن.
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...