قصص قصيرة جدا
2007-05-11
بــــرتقالة
كان كلما استسلم للنوم يرى نفس الحلم امه تحمل برتقالة وتقترب منه لتطعمه ؟ ولد زكريا فقيرا ... حي شعبي فقير , اصوات الباعة توقظه صباحا , مازال يذكر سعال ابيه المتواصل صباحا ,كان يتكور على الأرض مثل الجنين عندما يسمع سعال ابيه الصباحي يدفن رأسه داخل وسادته الرقيقة القذرة الممتلئة من رائحة عرقه .....
- قبل ان تذهب للمدرسة مر على الفرن واحضر رغيفين .
ما زال يذكر رائحة الخبز ... ومنظر ابو ياسين وهو يناوله الأرغفة :
- ( قول لأمك اليوم تمر على الفرن
شاهد امه مرة تخرج من وسط اكياس الطحين وهي تنفض ثيابها يلحقها ابو ياسين وهو يلهث ... خرجت دون ان تتفوه بكلمة وهي تحمل ارغفة الخبز المنتفخة ...
يجلس ابو ياسين على عرشه مقابل الميزان وهو يدندن ممسكا خرقة سوداء يمسح بها رقبته الغليظة . احيانا يستفيق ليلا على صوت ( البابور ) وهو يهدر على ابريق البابونج الذي يشربه ابوه كل ليلة ليوقف موجة السعال التي تعتريه .....يتوقف سعال ابيه , يتبعه انين امه الذي لم يكن يدرك سببه .... ثم يسمع بكأها , احيانا يسترق النظر من فتحة الباب الخشبي ليراها جالسة تحت شجرة البرتقال وهي تبكي .
في كل ما يذكره زكريا ...... كانت هناك برتقالة .
هذيـــــان
تحية ..... حاولت أن الون الواقع ... ولكني أدرك انني لن أستطيع لأن حياتنا الأن وواقعنا الذي نعيشه هو من مشتقات اللون الأسود فقط ... ربما تكون الكلمات قاسية ولكن الحقيقة دائما قاسية لن أحاول أن أشعل شمعة ... بل سأحرق نفسي ... وأنتم أخبروني فيما بعد هل أزدادت بقعة الضوء ... أنا لا أظن ..... وأنتــــــــم .؟
كان دائما يعتز انه لم يطئطئ رأسه لأحد:
-أنا حتى الآن لم اطئطئ رأسي لأحد
سألته ساخرا:
- ألا تقبل يد امك كل صباح
**************
خرج من السجن حديثا ...نسى كل شيئ...نسي كل ماتعلمه في المدرسة والجامعة والإجتماعات السرية التي كان يقيمها هو وأصدقاءه ... لكنه لم يستطع نسيان أول صفعة تلقاها.
****************
كان يظن انه يستطيع تغيير العالم ولكنه أستفاق على حقيقة مرة أنه لا يستطيع حتى تغيير أسمه.
*****************
كان كلما كتب سطرا .. مزق الورقة ورماها ... حتى تكومت الأوراق أمامه كالجبل ... أعجبه المنظر .. نسي الكتابه وانشغل بتمزيق كل ماكتب.
****************
تملكه الفرح عندما صفقوا له واعجبوا بشعره ونثره وقصصه وكلامه الجميل
ولكن كان يملاءه الحزن عندما يعود لبيته وقلمه وأوراقه
لأنهم يعرفون بأنه ...... كذاب
****************
- هل الكلمة تستطيع أن تغير الواقع ؟
أجبته:
- لم أفهم ؟
****************
نظر حوله مندهشا... هو في الحديقة منذ ساعة
انتبه انه لم يسمع صوت عصفور او حفيف ورقة شجر او حتى صوت حشرة
استغرب في البداية ...
بحث عن السبب بعينيه ... وسرعان مافهم ...كانت الحديقة مليئة برجال الشرطة .
****************
افاق صباحا ...
قرر اليوم ان يودع الحزن ويكسر الصمت .. أحس برغبه عارمه في الكلام وبخلع النظارة السوداء _ كما يقول أصدقاءه_ ويحتضن السماء ويعانق الشمس... شرب قهوته السوداء وخرج .. ولم يعد.
****************
تستطيع ان تتكلم وتتكلم وتكتب وتكتب .... تكلم كما تريد اكتب ماشئت ..تستطيع ان تنتقد كل شيء... تستطيع ان تقول للجميع انكم مخطئون ... الحرية الكاملة لك في دولة الصم البكم ... في (قرقيزيا) فقط
.. لأننا نحن هنا كاملون.
المحاكمة
احس ببرودة تسري في جسمه
- هل انت عبد الجبار
- نعم سيدي
- مارأيك بالتهم الموجهة ضدك.؟
لم يدرك بادئ الأمر مالذي يحدث..اقتادوه في الصباح الى المخفر كان الشرطي يلقي اليه بلائحة طويلة من التهم وهو يمسك بكتفه ويقرأ في الورقة التي بين يديه وبين الحين والأخر يتفل على الأرض أحس بأن تلك التفلات له , لم تمض دقائق الا وكان في المخفر ... كان مايزال يلبس ثياب النوم .... قدميه العاريتان
تنزفان لأن المحقق قد داس عليهم اثناء التحقيق ليعترف ....
- سيدي القاضي.. انا حتى الآن لا أفهم؟
مسح القاضي جبهته الحمراء بمنديل ابيض كان بيده ودسه مسرعا في جيبه واعتدل
- للمرة الأخيرة يا عبد الجبار سأذكرك بالتهم التي وجهت ضدك:
انت تستهلك كميات كبيرة من الورق الأبيض لكتابة قصصك مما يضطر الدولة للأستيراد وانت تعرف انه مكلف للحكومة ثانيا انت تقرأالكثير من قصص الحب والمقالات السياسية ثالثا انت لا تدخن الا الدخان التهريب .. انك لا تشجع الصناعة الوطنية وايضا تلوث الهواء النقي بدخان الأمبريالية العالمية رابعا تجلس في المقهى وتتكلم في السياسة - يأخي مالك انت ورغيف الخبز – ارتفع و فقد اليس من حق الحكومة ان تربح؟
انت تفسد الشعب بكتاباتك وتفسد اخلاق الشابات انت دائما تتكلم عن الحرية والديمقراطية والحب والجنس
الكل في قصصك يحبون بعضهم حتى اننا امسكنا احدهم وهو يهم بتقبيل صديقته
.... واخيرا انت دائم الجلوس في الحديقة لساعات تكلم العصافير هل تريد ان تلويث افكارهم
اعتدل القاضي في جلسته ونظر حوله :
- ارأيتم ايها السادة ؟
نظرعبد الجبار حوله لم يكن هناك أحد , كان المحقق جالسا يبتسم ابتسامة صفراء وشلة من الجنود
يلعبون الورق جانبا ومنادي المحمكة العجوز الذي لم يرفع نظره عن الأرض ابدا
- خذوه
ترك الجنود ورق اللعب على مضض واقتربوا منه وضعوا القيود في يديه واقتادوه الى القبر .
بلد الممنوع
يا أستاذ ممنوع .... ممنوع .
هكذا بدأ حواري مع رجل الجمارك في المطار عندما رأي " قناني العرق " العشرة التي في حقيبتي. لم تكن زيارتي الأولى ... كنت أحياناً أسرق نفسي من زحمة العمل والأولاد لأزور القامشلي واجلس متكاسلا اشرب القهوة على كراسي الخيزران والقش المتعب.
رسم برد أوربا وثلوجها خطوط بيضاء في الشعر الأسود الداكن الغزير الذي كانت أمي كل صباح تخلل أصابعها الرقيقة فيه وهي تضحك :
لو كان أشقرا .. لكنت تشبه الأسد .
أخرجني صوت الضابط من شرودي , التفت اليه كان يلبس البزة العسكرية وجهه الأسمر الداكن القاسي وعيونه الغائرة في وجهه ذكرتني بمصباح صديقي كان ورغم تعاقب كل تلك السنين والجو الحار الذي صبغ كل قريتي باللون البني لا يزال يصر على لبس الشروال والسلك :
يا أخي غير شكل ... الشروال غير شكل " بتحس حالك حر من تحت " ...
كنا نضحك ..... كان لمصباح مفهومه الخاص للحرية ... ولا تشغله الا حرية أعضاءه فقط , كنا كلما بدأنا حديث السياسة يزيد من جرعة العرق التي يشربها ويمسح ماعلق منها بشاربيه بطرف القميص الأسود .
طيب وبعدين يا أستاذ ؟ لا يمكنك إخراج كل القناني ممنوع ....
والعمل ... انا ما معقول اتركهم أبدا هون .
لم اصدق بأن المشكلة هي مشكلة القناني العشر .. غمزني احدهم ..لم افهم , أشار إلي وهو يفرك الإبهام والسبابة ... ابتسمت .. وقررت أن لا ادفع .. يعني هل من المعقول أن ادفع لإخراجي من البلد عشر قناني عرق بلدي ...
أستاذ أنا عندي حل .... اتركهم في ساحة الانتظار وسافر ..
كان الحل وكما رأيته دراماتيكيا ... أغلقت الحقيبة وأنزلتها على الأرض :
لا والله انا مستعد أن اكسرهم أو أفرغهم في الحمامات ولا أتركهم هكذا في ساحة الانتظار .... أنت عم تمزح ؟
طيب ... ممنوع يعني ممنوع .
والتفت الى غيري ووضع الجواز جانبا ... قررت أن أظل على موقفي وان لا أدفع قرشا واحدا وقررت أن أترك له الحقيبة بما فيها له ... التفت إليه :
طيب خذها أنت ...
أمسكت جوازي وحملت ما تبقى من حقائبي وعبرت .....
لم يتبقى لإقلاع الطائرة إلا ربع ساعة عبرت البوابة , سمعت صوته من وراء الزجاج وهو يناديني ...
يا أستاذ ... يا أستاذ ... ممنوع قلت لك ممنوع ..
لم التفت اليه وتابعت طريقي ... عندما وصلت للسويد , وفي اليوم الثاني تفا جئت عندما رأيت قناني العرق العشر على الطاولة سألت زوجتي.. فقالت إنهم كانوا معك في الحقيبة السوداء .....
رويت لها ماحدث .. نظرت الي مستغربة :
أي ... وكيف هيك ......
فأجبتها :
ببساطة الحقيبة الأخرى والتي تركتها في المطار بدون قصد كانت تحوي الكتب والجرائد القديمة التي كانت لدي وأنا طالب ... تركتها لهم هناك في بلد الممنوع .
08-أيار-2021
22-نيسان-2009 | |
27-كانون الثاني-2009 | |
15-تموز-2008 | |
27-حزيران-2008 | |
18-آذار-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |