نظام للحروب العربية ( الساعة البيولوجية في الميدان السياسي )
2006-08-11
أمام العرب كأمة و منظومة اجتماعية ( و لن أقول حضارية ) عدة تحديات هي الامتحان الذي تمر من بوابته الأمم.
بعد الحرب العالمية تحولت اليابان من دولة مهزومة إلى قوة اقتصادية منافسة. إنها لم تخسر بالهزيمة العسكرية ، فقد وجدت الشكل و الأداة للتعبير عن مضمونها الحضاري و رسالتها الخالدة عالميا ، مثل النموذج الألماني الذي تحقق على أساس قطيعة معرفية مع ماضيه الإشتراكي الوطني .
وقد نجحت الهند أيضا ، في المرحلة بعد الكولونيالية ، في ذلك ، على نحو مستقر ، وبعيد
على الأقل عن شبح عودة السلطات الاستعمارية. كابوس أخفقنا في الشفاءمنه.
للتاريخ عتبة من حجر أو فولاذ. و هي لا ترحم الضعفاء . و هذه إشارة إلى غيرمفهوم القوة العسكرية ، و ربما أقصد بذلك قوة الأداة مهما كان ظاهرها. فالقوة ،دلاليا ، ذات مضمون واحد. و لكن لها عدة مترادفات غرافيمية ، من الناحية اللغوية أوالاجتماعية أو ربما من ناحية الشكل.
لقد تورطت هذه الأمة ، مع بداية استقلالها ،في حرب قومية ندعوها بلاغيًا بالنكبة. و هي حرب 1948 ، و التي نعلم جميعا أنهاعبارة عن دراما ، كان دورنا هو وضع ختم في نهاية وثائقها. أن نصادق عليها ، من حيثأردنا مقاومتها. و لكن الخطأ التاريخي ، هو بمثابة إزهاق الروح ، مجرد ورقة صفراءتسقط من الشجرة ، ثم تدوسها الأقدام.
و بعد أقل من عشرين عاما ، كما قال لي صديقي اليوناني الذي نسيت اسمه ،كانلا بد لنا من المرور في تجربة الامتحان نفسه، اختبار آخر ، نسميه اليوم في أدبياتناباسم ( النكسة).
و لكن إذا كانت النكبة هي حصاد أجدادنا ببنيتهم المفاهيمية والإيديولوجية اليمينية المحافظة ، العروبية و الإسلامية من ناحية الشعارات ، فإنآباءنا هم الذين جهزوا الأرض لبذور النكسة . و في هذه المرة تحت مظلة وطنية ذاتآفاق قومية إشتراكية ، رفعت لواء الديمقراطية للكادحين و الجماهير ( التي لم تحصلعلى فرصتها لتدافع عن أرض فلسطين في أول دورة حرب لنا مع الغرب الاستعماري و أدواته)فعلا لقد كان ثمن جلاء الاستعمار الاستيطاني المباشر هو أرض فلسطين ، و أجزاءأخرى نسيناها ، و ليبس من المناسب لنا أن نستعيد ذكراها.
و كلنا نعتقد أن دورة الحرب ذات النظام العشري ( كل 10 سنوات انفجار كبير ) هي ملاحظة ذات مصداقية. فقد مررنا نحن ، أو بالأحرى جيلنا ، بحرب عام 1973 التي انتهت بصلح منفرد مع مصر ، و جمود على الجبهة السورية ، مع استمرار في الاستعدادات. كان الغرض ، يومذاك ، مزيد من المكاسب على أرض الميدان. غير أن السحر ، كما تبين ، فقد مفعوله . و الترياق تحول إلى سم بالطريقة العكسية و الضدية التي مسخت غراغورسامسا من موظف في بنك إلى صرصار. لقد أخفقنا في لبنان ، و بذلك أسدلت الستارة علىآخر فصل من هذه الدراما ، بخروج فصائل المقاومة من بيروت ، و بإعادة تجمع للقوات السورية عند حدودها ، و بصيغة جديدة للوفاق الوطني بين القوى السياسية الفاعلة على الأرض . و قاد ذلك إلى تغيير في استراتيجية المقاومة ، و إلى تعديل في ميزان القوى ، لم يكن يذهب بالاتجاه الذي ترغب به سوريا.
الشيء بالشيء يذكر.
هذهالعبارة عندي قد أصبحت أشبه بمفصل في الخطاب الذاتي و السيكلوجي الذي يهيمن علىالمشهد الأساسي.
نحن دائما على موعد مع الذكريات ، خائبة و مريرة و لا نحصل منها على غير الرماد.لقد كررت دولة قوية و مستقرة و ذات ثروة نفطية ، و كانت في إحدى الفترات احتياطيا إستراتيجيا لشعوب هذه المنطقة ، تجربة حرب العشر سنوات. و خاضتثلاثة حروب إقليمية عام 1980 ضد إيران ، ثم عام 1991 ضد الائتلاف ، و أخيرا عام 2003 ضد قوات التحالف .
أقصد حروب العراق مع منافسيها في العالم الثالث ، ثم مع "العالم الجديد " ، و صيغته الإفتراضية في إعادة ترتيب الحدود على الأرض ، بطريقةتتناسب مع منظوره لغزو الفضاء وفق ما ذكر إريك لوران في آخر كتاباته عن أرشيف بوشالسري في البيت الأبيض.
و كما هو واضح كانت حرب الخليج الأولى (هكذا يطيب للإيديولوجيين و المؤرخين أن يسموها ) هي الأطول ، و لكنها الأكثر فانتازية وعجائبية. لقد كان الغرض منها فرض سيطرة بطريركية على الخليج العربي و مقدراته ،مقابل ضغط مكشوف و له ما يبرره ، من ناحية الصراع على قيادة المنطقة ، عرش النفط وعرش التراب . طبعا بالتعارض مع السياسية السورية .
غير أن الفصول التالية كانت أشد اختزالا و أبعد تأثيرا ، كما حصل في حرب الأيام الخمسة. خسارة على جميع الأصعدة، أو لنقل هزيمة ، نكبة ، نكسة ، أو ما شئت من مرادفات تدل أصلا و جوهريا على دمار نهائي له أبعاد قيامية و ملحمية.
و الآن إن عجلة التاريخ تدور من جديد باتجاهسوريا مرة أخرى، انطلاقا من النافذة التقليدية ، لبنان.. مواجهة حتما لا يعوزنا الذكاء لنرى نهاياتها الوحيدة ، المحتملة والممكنة ، المنطقية و الواقعية.
هذه رسالة شخصية إلى صديقي اليوناني الذي نسيتاسمه( ربما كان جورج ماركوبولوس ) ، مع سؤال :
ترى هل إن للساعة البيولوجية ،التي تنظم الإيقاع الحيوي في عالم الطبيعة و الأشخاص تأثيرا، أيضا ، يمتد إلىالميدان السياسي ؟.
أعتقد ، على كل حال ، أن لدى اليونانيين حكمة أثينية ، لاتغرب شموسها.
* إلى الأستاذ صادق جلال العظم مؤلف ( النقد الذاتي بعد الهزيمة )و بطل ذهنية التحريم.
08-أيار-2021
مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة : |
17-نيسان-2021 |
03-تشرين الأول-2020 | |
12-أيلول-2020 | |
22-آب-2020 | |
20-حزيران-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |