رسائل من زمن الحب .. في عيد الحب
2008-02-14
عيد حب سعيد للجميع
تعالوا إليَّ أبارككم، أنا المبارك. تعالوا إليَّ أعمدكم بماء الياسمين، أنا المعمدان.. يا عشاق العالم أتوني مبللين بماء الحب المقدس، أتوني مطهرين بلحظة الرغبة.. أنا رب المتعة، أنا ..... أنتم.
رسائل من زمن الحب
المنزل معتم، كل ما فيه يوحي بالكآبة والحزن.
هو يجلس وحيدا مفكرا، ساهما، عيناه زائغتان.. ما الذي حدث؟ تساؤل يقفز من عينيه.
بين يديه مجموعة من الأوراق بأحجام صغيرة، هي أوراق كتباها لبعضهما بعضا في فترات مختلفة. يمسك واحدة ويقرأ :
صرت فيّ وصرت فيك،
وكانت الفوضى .. وكان الصخب. وكان الحب الذي لم آلفه يوما.
فجأة أينعت أرض الخراب بماء الياسمين، وعادت الروح مكللة بالغار وزهور التفاح والنارنج ، ورائحة كل ما هو بري ومعتق. وقبل شروق اليوم التالي كنت قد صرت فيّ ، وصرت فيك ، وصرنا بنبض واحد .
يجعلك الورقة بيده متألما، ويرميها على الأرض قربه.
غرفة صغيرة في بيت أهلها، سرير وكرسي وطاولة صغيرة ومكتبة يعلوها الغبار.
هي تجلس على الطاولة لمباديرة إضاءتها خافتة موجهة إلى ورقة بيضاء.. تكتب:
ينداح المساء علينا، كما كل المساءات، كما فراشات تلوب حول ضوء ساطع. وتمر الفصول مبتهجة بالزنابق وزهور النارنج، ونحن نمسك بحبنا ونتمسك به، البهجة سيدة الحروف، وأنا منتشية بك أغني لك فيروز، ومن ياسميناتك التي أحضرتها لي أصنع طوقا لي وطوقا لك ..
هي تمسك الورقة تجعلكها وترميها بسلة إلى جانبها..
هو .. يجعلك ورقة أخرى الألم يعتصر روحه، يمسك ورقة أخرى ويقرأ:
كنت واقفة على فسحة درج ما في مكان ما تنتظرين قدومي. وكنت أبحث عنك وكنا نبحث عن الحب. نشتريه بكل لهفتنا البتول، وبكل ما نتذكره عن قبلتنا الأولى كطفلين عاجزين عن فهم معنى القبلة يضع كل واحد منا شفاهه متطابقة على شفاه الآخر ونشعر بالرعشة الأولى بالتلامس الأول بالطهر الأول وبالتحليق في خيالات لم نجرؤ سابقا أن نفكر بها.
هي تقرأ بصوت عال آخر سطر كتبته في ورقة أمامها:
يا أنت .. يا رجلا اقتحم صمودي المديد، وصار سيد كل شهواتي، وسيد كل أوقاتي، مازال عبقك ، رائحة بخور إبطيك يملأ صدري كما الياسمين الذي رميته في صدري ذات يوم ..
يشدني إلك الياسمين .. فماذا أفعل.. ؟ لماذا فعلنا ما فعلنا .. لماذا أنا هنا وأنت هناك.
هي تدعك الورقة بيدها وترميها أيضا في سلة المهملات. وتتمتم .. أما آن لهذا الليل أن يتأبط نجومه ويرحل.
هو مغمضا عينية ، ابتسامة مرمية على طرفي شفتيه.. يتمتم بصوت واه:
هل أصفك أم أصف امرأة في خيالي تطابقتا كما ظل في منتصف ظهيرة حارة. يا امرأة حملت رائحة النعناع الطازج وبخور المعابد القديمة. ومزجت بعينيها صورة عاهرة المعبد، وخجل الأنثى قبل أن تتعرف على الرجل، رجلها ، ومن حبها الكثيف منحت للرجل الحياة. في عينيها عهر للحظة، وفي اللحظة التالية وبراءة طفلة لم يمسها رجل من قبل .
هي تدعك بيدها ورقة جديدة.. ترميها بعصبية على الأرض وتقف .. تتوجه نحو نافذة تطل على السماء .. فقط على السماء .. لا بيت ، لا مئذنة، لا شيء سوى السماء والنجوم.. تبتسم، مغمضة عينيها ومبتسمة:
اخلع من أصابعك كل الحروف، واكتب لي قصيدة لم يكتبها قيس لليلى، هكذا قالت له وهي تتقافز ، لالا.. لا اكتب لي عبثية من عبثيات أبو نواس .. وليكن فيها كل عهر العالم .. يضحك .. ويحاول ان يمسك بها فتهرب من أمامه .. يصرخ تريدين كل عهر العالم ستحصلين عليه دون كتابة .. تتقافز أمامه ثم فجأة تتوقف تستدير تعانقه . ويدخلان في سبات قبلة مديدة ..
تبتسم وهي تستدير وظهرها للنافذة دمعتان تنهمران من عينيها.
لقطات سريعة لكل منهما هو يسمع صوتها : أنت كالنبع في أول تدفق له.؟ وكالولد المشاكس الذي يصر على أمه كي ترضعه ثديها ليتمتع بالمرأة حتى آخر قطرة.
هي تسمع صوته : وكان الحب الملون، المبهج، وغير المألوف. كنت بهجة للرجال، أنوثتك الطاغية كانت تجعل أحلامهم كوابيس في الليل، ثم وفجأة ما عادوا يدرون سبب هذا التحول الذي جرى لك، أين أنثانا التي كانت تحمل لنا البهجة وعرفوا بأن أنثاهم ضاعت منهم إلى الأبد، ضاعت في عيني رجل كان يشكلها في خياله مساما، مساما وملمحا، ملمحا، صرخة، صرخة . بعد أن صرتما واحدة، أنثاي وأنت، كان اللهب الكوني يجمعنا في البراري التي لم يطأها أحد غيري، صعدت وهبطت، أنز عرقا. نقطة.. نقطة، تروي عطش البرية فيزهر النرجس والبنفسج وشقائق النعمان
تعودني لحظات نكون معا، وأتذكر بضع ياسمين خبأته في صدرك يوما، ثم سرقته لحظة ضممتك إلى صدري، ولم أسأل عنه لأنني عرفت أنه هناك ، وأنك حافظت عليه لأجلي . ثم اكتشفت أنك أنت الياسمين، وما خبأته عندك لم يكن إلا قطعة منك ، ومثله النرجس وزهر الليمون ، لا بل أوراقه الخضراء كلما فركتها بأصابعي فاحت عطرا ليس كأي عطر ، ولست كأية امرأة.
هو يسمع صوتها ، كل الفصول مهيأة لابتكار الزنابق قوسا من الياسمين لك. ولك الآن أن تبلغ الأبجديات القادمة، و أن تخلع من أصابعك كل الحروف في الزمن المسرحي .. لك أن تعد كتاب المطر لهيآته القادمات، للرعدة التي لم تلد بعد.. تواصل تشكيلها لغاربة الموج قبل هدوء البحر.
هي ترتدي ملابسها مسرعة تسمع صوته: تعودني عواصف رعدك، وبرق عينيك، وسيول رغبتك، فأفرح، وأنا الحزين أبدا، أفرح لأنك طفلتي العاشقة، وأنثاي الممتلئة بهجة وحبا ، لماذا تأخرت كل هذا الوقت ، ولماذا لم تكوني موجودة أبدا ؟ ليس لكل تلك الأسئلة من إجابات، يكفي أننا معا الآن ، ويكفيني صراخ جسدك البري، والبربري ، وحديث عينيك الوحشية، ودفء حضنك المقدس، فيه أحلم أن أنام، أغمض عيني المتعبتين وأغفو فتهدهدينني كأم حنون .
هو يرتدي ملابسه بسرعة: يسمع صوتها يا رجلا يشبه الغيم هاطلا ، والعواصف حبا، والجنون شبقا ، تعال نسرق خمرة الآلهة نعب منها حتى حدود السكر، وحدود البهجة، فندخل متعة الآلهة التي أخفوا أسرارها عنا، تعال نصنع متعنا الخاصة متعا لم يعرفها أحد قبلنا، تعال نصبح نحن الآلهة.
هي ملتاعة من فرس تلوذ داخلها شموسا وبعيدة عن الترويض. وهل تظل فرسا لو روضت . تركض في الشوارع تصرخ ما أغباني
هو يركض ملهوفا يسمع صوتها والندى يستقبل نداي فيمتزجان في لحظة لم تتعرف عليها سوى الآلهة، وبعض من المباركين بالحب. ونزيز الماء المطرز بالحب النازف من جروح الحزن المبارك. والثدي يقدم قربانا للفم النهم للرضاعة، لأم ليست كالأم، وعشيقة ليست كالعشيقة وحبيبة ليست كأي حبيبة.
هو يركض في الشارع مبتهجا .. هي تركض ملهوفة ..
هذان نحن رجل وامرأة، وحب ليس كالحب .
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |