شعر / قصائد تمطِرُ عِشقاً... لطيف هلمت - ت
خاص ألف
2006-10-01
لطيف هلمَت، شاعرٌ يُمسِكُ بأذن جنيّة الشعر، يقودها إلى مخدعهِ الشعري راضية مرضيّة؛ ليطفىء فيها رغبات وجدانية غير متناهية، وليفجّر في الجوانح سيمفونيات شعرية رائعة، محرِّضاً عَنادِلَ الشِّعر على اقتحام مخدعهِ، وتحويله إلى "أوركسترا"!.
القصائد هذه، جزء من سلسلة قصائد أخرى كثيرة، تشكل مجموعة شعرية للشاعر، باللغة العربية، آمل أن تصدر قريباً، وتحت عنوان "قصائد تمطِرُ عِشقاً
حلمٌ ضائع:
حلمتُ أنّ أصابعي عصافير،
عصافيرُ فصل الحُبّ،
تطيرُ وسط رَوض شَعركِ.
حلمتُ أني طفلٌ... وأنتِ شُهدٌ، (1)
ظمىءٌ... وأنتِ نهرٌ،
شَريدٌ... وأنتِ مَدينيّة.
حلمتُ أني طفلٌ...
أهيجُ في
بساتين ليل القرية،
حلمتُ ببردٍ زمهرير،
وقد رقدتُ... بين نحركِ ونهديكِ.
حين طار حلمي صوبَ السماء،
كسُنونوةٍ وسط المطر،
كنتُ في عتمة غرفتي... مُنهَكاً
ومرمياً... وسط الوحدة.
شيء عن الشِّعر:
الشِّعرُ مثلُ فتاةٍ حسناء،
طوال ليل صحراءِ الحياة
تقبّلني... وأحياناً تهبني القبُلات،
قبُلات نار
قبُلات سكر
قبُلات مطر.
الشِّعرُ مثلُ فتاةٍ حسناء،
طوال ليل صحراءِ الحياة
تحدثني و
تحدثني...
وتحطمُ...
النَّصبَ الذي أكرِّسُهُ!.
نوافذ تائهة:
أتخيّلكِ...
نجمة
تنفذين إلى غرفتي،
عبر زجاج نوافذ تائهة.
أتخيّلُ نفسي طفلاً،
أرتعُ بين نهديكِ.
نهداكِ... غابة
أتسللُ فيها إلى عُشِّ خُطافٍ،
لا يدركني تعبٌ ولا نوم.
تصيرينَ سحابة
وأنا أتبعكِ،
تصيرينَ سنديانة (2)
أتفيّأ أفنانَها.
أفتحُ نافذة في قلبي،
لتلألؤ سماءِ فرحي القادم.
أفتحُ نافذة
وأستسلمُ لأمواج رغباتي!.
المِحجَن:
وددتُ لو أصبحُ
شجرة توتٍ،
قبالة منزلكم.
فذات يوم،
حين تعجزين،
قد يصيرُ غصنٌ لي
مِحجَناً لكِ!. (3)
خمسة غيتارات:
نهداكِ...
حمامتان من نار!.
لو نقرَتا فمَ
أيّ غبيٍّ،
لأصبحَ شاعراً!.
في حلمي...
نقرَتا يدي، ذات مرةٍ
فاستحالت أصابعي
خمسة غيتارات!.
عَـدَد:
حين نحتضنُ بعضَنا
نصبحُ ثلاثة:
القبُلات وأنتِ وأنا!.
حين نفترق...
نصبحُ أربعة:
أنتِ والوحدة،
وأنا والعذاب!.
جسرُ التردد:
حين أتحدثُ عن قبُلاتكِ،
تستحيلُ الأعسالُ ضَباباً. (4)
حين أتحدثُ عن شَعركِ،
تهجرُ الشمسُ غرفتي.
وحين أتحدثُ عن قامتكِ،
يغتاظ كل العَرعَر والصنوبَر
في هذه الربوع!. (5)
اعذريني... لا أكثر، ولا أقل،
لا يمكنني ذِكرُ ثغركِ...
أخشى أن تكتئب
كلّ الوُرودِ في حديقتي!.
غربلة الشك واليقين:
شُكّي في المشطِ الذي
تصففين به شَعركِ،
فقد يكونُ يدي.
* * *
شُكّي في المرآةِ التي
تتجرَّدينَ أمامَها،
فقد تكونُ عدَسة عين
رغباتي ومشاعري!.
* * *
شُكّي في العطر الذي
تتعطرين به،
فقد يكونُ غَمامة
قبُلاتي الكثيفة!.
* * *
شُكّي حتى في ذلك النسيم
الذي يُحرّك تنورتكِ،
فقد يكونُ يدَ
أشعاري المُشاغِبة!.
رذاذ:
كان المطرُ يَهطِلُ ويَهطِلُ... ويَهطِل،
بَيْنا أنا...
أنفخُ في جُذى مِجمَر قبُلاتي.(6)
وددتُ لو أني رذاذ
أحط على مَبْسِمِكِ، (7)
لتلعقيني بلسانِكِ!.
* * *
أنّى ذهبتُ...
أحملُ معي
رائحة شَعركِ وثغركِ.
أينما أنامُ...
أفترشُ لكِ
مكاناً بجانبي،
أغطيكِ بشِعرٍ طويلٍ... طويل
كي لا تلمحكِ... زوجتي!.
أنا أحسدُ المطر
أنا عاتِبٌ على المطر،
لم يعلمني كيف
أكونُ عاشقاً...
لدرجةِ أن
أضيّع أصابعي العَشر،
كعَشر "حبّاساتٍ" (8)
في غيمةِ شَعركِ!.
أنا عاتِبٌ على المطر
أنا أحسدُ المطر!.
اسم:
حينَ أكتبُ...
يتدفقُ عِطرُ شَعركِ
من قلمي!.
حين أتكلمُ...
يتناثرُ ياقوتُ ولؤلؤُ اسمكِ
من بين شفتيَّ!.
لذلكَ... عرفوا جميعاً
أني... أحِبّكِ!.
سُكَّرٌ وشاي:
سأكونُ جَمراً،
وتكونينَ مِجمَراً.
كوني شجرة تفاحْ،
وأكونُ النَّضّاحْ. (9)
سأكونُ جانياً،
وتكونين لي سجناً.
كوني جبلاً،
وأكونُ ثلجاً.
سأكونُ شاياً،
وتكونينَ سكراً
سكراً... سكراً!.
مُدُن الجسد الضائعة:
جسدكِ ورقة بيضاء،
بيضاء... بيضاء
كأول ثلج الشتاء.
أحلمُ أن أدوِّن عليها
- وبلساني-
أطولَ قصيدةٍ لي!.
* * *
رسمتُ ثغركِ على مَفازةٍ (10)
فامتلأت كل صحارى الدنيا
بالورود والعصافير الجميلة!.
* * *
لأنني أملكُ ثغركِ،
لأنني أقتاتُ على
قبُلاتِ شفتيكِ ووجنتيكِ
وحلمتي نهديكِ،
لذلك أعتذرُ إلى
أطفال العراق
وإلى سائر ذكور وإناث بلادي،
وإليكِ أيضاً،
كوني لا أخشى "الحصار الاقتصادي"!.
شُدّي يدي:
شُدّي يَدِي...
تهطِلُ الكلماتُ ويتقاطرُ الشِّعرُ.
أشُدّ يديكِ،
تتكسَّرُ خمسُ قواريرُ عِطر
في يَدِي!.
دَين:
من كثرةِ ما قلتُ شِعراً
طويلَ الشَّعر
في الفتياتِ الجميلات،
أصبحت كلّ فتيات العالم
مَديناتٍ لي بالقبُلات!.
* * *
لِمَ تجُولُ قصيدتي في المدينة،
بيتاً بيتاً؟
تحملُ معها
كيسَ حِنّاءٍ وأملاً كبيراً
لكل فتاة.
لكن...
حينَ آتي في إجازةٍ عسكرية
لا فتاة تمنحني قبلة،
ولا حسناءَ تستقبلني!.
قلبي:
قلبي لم يَعُد في صدري،
ثمة صورة لكِ، بدلاً منه!.
فتشي حقائبكِ،
لا تقولي إنهُ يشكّ فيَّ؛
فلربّما ظننتِ
أنّ قلبي قارورةُ عِطرٍ،
فأودَعتِهِ إحدى حقائبكِ!.
عِشقٌ خالد:
أنا أعشق أشياءَ كثيرة،
الورق... القلم
حلمة نهدٍ
تملأ فمي،
شفة لم تقبَّل بَعدُ،
وشَعرٌ أكثرُ صفاراً من الشمس،
رقصة الأشجار وقهقهة البحر؛
لكن لا أحدها
يعيشُ في قلبي
كما عِشقُ الجبل!.
صديق:
أيّ ثوبٍ ترتدينه،
لي نجمة صديقة...
تأتي عند طلوعِها
لتخبرني عن لونهِ.
* * *
كيفما صففتِ شَعركِ،
أيّ عِطرٍ ضمّختِهِ بهِ،
ثمة نافذة صديقة
تأتيني... وتسِرّ إليَّ بهِ.
* * *
أينما ذهبتِ... إلى أين،
ثمة نسمة صديقة
تحملُ إليَّ أريجَ أنفاسكِ.
* * *
ثغركِ رَوضُ بنفسج
لم أجرؤ على لثمِهِ كفاية،
خشيتُ بقاءَ ذرّة عَبَق
أسفل فمي
تذروها ريحُ منتصفِ الليل،
فتوقظ كلَّ بيوتِ الجوار
مِن نوم لذيذ!.
--------------------------
الشروح: 1- الشّهد: كلمة فارسية معرَّبة، تعني: العسل قبل استخراجه من أقراص الخلية. 2-السنديانة: كلمة فارسية معربة، تعني: شجرة البلوط. 3- المِحجَن: عصا في طرفها انعقاف، أو عصا الراعي. وتسمى في الكردية: .gopal,gochan4- الأعسال: جمع عسل. 5- العَرعَر: جنس أشجار حرجية، من فصيلة الصنوبريات. تسمى بالكردية:hevris. 6- جُذى: جمع الجذوة، وهي الجمرة الملتهبة. والمِجمَر: ما يوضَع فيه الجمر. 7- المَبسِم: الثغر، موضع التبسّم. 8-حبّاسة: ماشة، شكّالة، ملقط الشَعر. 9- النّضّاح: المطر الرّشّاش. المَفازة: الفلاة لا ماء فيها.
08-أيار-2021
01-تشرين الأول-2006 | |
04-أيلول-2006 | |
شعر / قريبا من تَكويرَةُ النَّهدَيْن، تحتَ السُّرَّةِ،، ظلك ينحنيِ-شيركو بيكه-ت |
25-نيسان-2006 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |