فن تشكيلي/قراءات في معرض سعد يكن الاخير
سمر محفوض
2006-04-08
ارتقاءات الحزن عند سعد يكن على متن القلق والانتظار
متن أول / أفق يسخن الكلمات.
وأنا وحدي حولك محتشدة بالكل، ومتلفعاً أنت بالضجر. لا تقلق عما قليل أتخفف شيئاً فشيئاً من الفرح، أخط نبضي بالحزن أكثر وأكثر، لتحمل حنينك والقهر. وحده الحزن يرويك، ثم يفتك بالألوان، بعد احتقانك بالشرفات الموعودة بتعابير زائفة، وبعض إعلانات رسمية، ينتابك شوق العبور. فاعبر، أعبر بوابة الأزرق للمدى، أني ارتديت جموعي، وما كنت بعيداً عنك، فاصحبني إليك أصغ ...أصغ . أغمض عينيك. إنه الرفيف، حتماً نطير، بلى إننا نمزق العتمة.. وها جنوحك يشبك قلبي إليه، وأنت ألا تلحظ في القلب حزن عتيق، رتل صلوات الخمر. ارفع الكأس ارفع وبلّ الماء القدسي بك. بلّه، خوفاً من أن تدمر الكلمات الصمت الذي مد غصنه في جسدين،ا لفصول متلاحقة، فصول تتولى التسبيحات، متخللة النهاية المحررة للتهامي الرهيف. تلك التي تحين فيها الصلاة الخالصة لنفس الحزن.
متن ثاني / أفق نائم في أعماقه
يوماً بعد يوم يستبيك نفير عارم للفرح. فتدرك أن كل تقنياتك وحمامك الزاجل، هذياناتك و.و.و....عبث حافل بكل أنواع المطهرات المعتمة والصارمة. ليبق النور المنتظر حارس المقام . تتحرر ردودك منك، مصحوبة بصرخات ورؤى اعتادت على فردية حرون، ليست تروض، كما الشمس في وحدتها المترامحة لأفق أخر، بلحظات وجيزة تفوق أبدية كاملة. رويداً .. رويداً يجتذبك الموكب المتكاثف للآخرين، كأنهم انبثقوا من حنجرتك مباشرة. ساحاتك غاصة بالصمت، وبهم. ولن تتمكن من إضافة آخر فوق الأسطح، وأعمدة الضوء. حتى في الأماكن الأكثر نأياً من التوقع المأمول . لتبقى متأهباً لكل اهتمام يتموج في الجسد، كانعكاسات سراب يتشكل عبر الرمز البدائي .وأنت الوحيد المقتفي انتشاره الصاعق تتابع بانفعال سنوات وسنوات مرت دون أن تعاش كما كنت تشتهي.
متن ثالث/ أفق أسراب المطر والنار
هل يمكن لكائن واحد أن ينجز كل هذا الحزن . ؟ حين انقذفت الذاكرة منتحرة بالسؤال. كيف تمكن الله من خلق الوجع الزاحف نحوي ؟ أنا المحاصر بأوقات ممضة, محاصر بالماء من كل اتجاه. وبشوق الغرق, شوق الطوفان اليائس. ما أزال أبحث بقلق عن نقطة التوازن، يطغي عليّ اللون الذي يشع، فأغدو شلال حمى وحصار. كخفق الريح تنفرط، ثم تتجمع ثانية، حتى إذا ما انفرط الحلم يسودك الحنين المفتون في الوقت المفتون كالرب المفتون لدرجة الانصعاق ؟. شبه ماء وأنت تريد أن تتمثله.
يالله ما أشد بؤس القلب حين بشر لا يروقهم الحزن فيقسرون عليه . هاهو اللون من جديد جدول صاخب يمتلئ فرحاً مباحاً، يتناءى ليجعل الغموض عميماً. وأن يمد الغيم أصابعه بين الشخوص، ليمسك معه حزنه، ويحتفظ بأسراره. أشد ما يؤلم، أن الوجع يكبر، ليصبح ولعاً لا يتوقف، ولا ينتهي، يدفعك للغبطة المخاتلة، فتصرخ يكفيني الحزن، الذي عربد بدمي، ذات فيض رابضا بأعماقي, إن خرج مني تلاشيت .وإني أرف وحولي جسدي وإلى الأبد مدرك أن الصفات لا تمسك الآهة الكامنة . فقط أحدده ليكون رفيقي
متن رابع / أفق متى أستوعب وأتفادى الزمن
دائما، وكمثل إله إغريقي، يكتشف الدنيا دون جهد وترقب. تفاصيل لن يدركها سوى من أدمنها، وأنضجته نياطها المحرقة حد الذهول، والرقيقة كنداء . أيتها اللهفة الحب ما كان موتاً واحداً يعبرني، بل ألاف المرات، ببسالة من يسترجع خوفه بشموخه الأقوى، وليونته الفاجعة، المأخوذة بيقظة تنهمر، كأنها حلم، تاريخ مضى، تاريخها أو تاريخه، لعلها تفكر الآن بالتبدل العجيب. هي امرأة الأزمنة التي اصطفتها وليمة الخوف. مجرد طيف عبر مخيلة رجل مكسور ذات نبضة. كيف طوي الزمن وتم تغيير مجرى النهر باتجاه الصحراء؟ ما بقي هو الأهوال، وأثار الحرائق، وهذا الدوي المتواتر لذاكرة ترتعش بارتباك :رجل وامرأة في ساحة النسيان إنها البروق ولا شيء سوى الصدى.
متن خامس / أفق كلها خوف وكلي توحش
إنه الوقت الذي ينقص روحك، فتحس بأنها تختنق. جئتك ملتجئة إلى حنينك. هل تستطيع أن تلجئني إلى قلبك. وهل تستطيع الالتجاء إلىقلبي. والتعايش مع الآلهة المتوجة بجلال غموضها. آلهة تسفك الوقت باختراع دمعنا الغزير، بينما تبقر بطون بعضها للتسلية .
ولأن الفرح خيانة نهرب للبكاء بكاء يائس وحنون . ثم يأتي الصوت منفجراً كدخان ينسج قيامته توقا، ويستنسخ أحلاماً عن توائم روح رحلوا . هم ليسو موتى، ولا منسيين, فقط رحلوا. أحبة بحجم اللوعة. كأنما ولدوا في حلم ناء قصي .بعيد و ممحي. متأهبين أبداً ضمن حشود الصدر الغفيرة، وإن في ابتكار متأخر للمخيلة. لتضطرب من جديد روحك مشككة؛ لابد أن الحدث وقع بالفعل. توجع ثم توجع أيضاً ولن تستطيع أن تثبت . عذاب أن تستعيد مفتوناً الحزن المنفي والذي لا راد له وأنت تتساءل هل حصلت الأشياء على هذا النحو وهل تتغير بمعجزة مقترحة .
متن سادس / أفق تضيع فيه الاتجاهات فنسكن الدائرة
تهل والروح موحلة وهلامية, غيلان خرافية، نحن نرتدي كوابيسنا الظافرة، متجولين من قوس قزح مجنح، إلى أفق مرتجف دون اكتراث. والصمت حولنا، مصم، متعاظم، وقد تحرر المجال، حيث البعد يزداد زرقة، ووحشة، وماء. دائماً هناك ماء عليه اتخاذ قوام ما. تنتظر لحظة الأسئلة المقلقة بشأن ما . يعقب ذلك التأرجح، امتداد شاسع تحسه الروح فتتدفق مودة وألوان تغطيك رويداً .. رويداً لبضعة مواسم، ليست كما تشتهي. وهديلك الذي يستعيد نضارته الاحتجاجية، متكيفاُ مع التموجات النزقة .. لكمال الانفعال. وأنت الذي تفتقد أحبة غادروك، كقوس هائل الشجن، يتقاطرون منه كمنذورين ... بغتة يأتيك الامتداد المثقل بالنيازك التي قهرت الظلمة، ثم تلاشت، مكتفية بالقول؛ أيها الخوف العميم، منبع الرعب،المتدفق عطبا داخل أرواحنا التي سوف تلد مسوخا يهتفون بمجدك الأبدي. وأنا في هذا الليل، تائه، غريب، فائض، مطوق بوشاح الحاجة، أو بوشاح الكره والعبودية. لا أجرؤ على المواجهة أمارس التدمير والانقسام السرطاني. وخراب الروح المنهمكة بعضويتها. أنا الكائن المطارد بسراب مورثه يقيم التوازن في ساحة اللامعقول.
متن سابع / أفق يكشف أفضال الطين
متأهب للموت الجميل المقدس، أرسم صواعقي، و التوجس والوحل والاستكانة الخادعة. نزيف رش على مرايا الدم يشدها ، ثم يذبحها كحملان للعيد. وأنت لتحملك غيوم بيضاء فوق مروج بيضاء إلى عوالم بيضاء إلى الوجع الأبيض والوقت الأبيض والشوق الأبيض التباساً ملوناً ككائن يستحق الحياة داخل التموجات المجتاحة غضبك فلا حياد ولا تفاؤل مهزوم يرتب الخلاصات المجبولة بالباقي بلا استخدام من نبضك تنضم تارة إلى رفاق وهمين وطوراً لأحداث تدور على قدم وساق داخلك موزعاً الأدوار جنباً إلى جنب مع بشر خائفين يبحثون عن أحفاد الذاكرة بشر بقلوب بيضاء يغيرون الوصايا تباعاً ويصلون بقهر للرب الذي قد يتحول عن تركات الحزن يوماً حيث تتكدس غصات قلب كبحيرة دؤوبة تتقاسم الخلود مع النقصان، وتتقاطر بأسئلة متعبة.
متن ثامن / أفق مشغول حديثاً
مضى الزمن الحنون، بشهقة العاشق المزدحم بالعودة كقلبه المعتل بأخبار تسوء أكثر فأكثر. لا فرق فنحن لن نتقاسم الفرح، وإن ظهرت العلامة من جديد في موسم جديد سوف نتراشق بالشغب، وبأحلام اليقظة، متأخرين عن اكتشاف مدى الصدأ الذي يبارك أفكارنا، فنصلي ليوميات الأمس، وننهض دفعة واحدة. بحطام على مقاسنا نرتب الكلمات ونحتفظ بالضحكات الشافية للتجاعيد المبكرة ناصعين نوزع على المدعوين نيات مجردة من رغباتها ونخزن الشرود كي نتفق في الضجر والحزن الذي تنزل بالوحي ا دون ماء ولا ورد حين بكت التفاصيل ألوانها المنخرطة بالأعذار.
متن تاسع / أفق الأمكنة
لهاث مرتبك ليل نهار. كيف تنهض بالسنابل الغزيرة؟ ما الذي يجعل القلب ينضغط، والصوت يختنق بالهذيان، ثم يتراجع أمام بشارة صغيرة، وقابلة للتصديق. حتى ساعة مقبلة من الحزن الأكيد. أيها القدم بلا أمل من التوقيت، إلى يومياتي تفتش عن سحابة ضالعة في الصدر، وهكذا تنسل الأحلام إلى بيت الرفيف، كشمس مفتوحة على وحشتنا بعد احتجاب تقمصنا، ونحن قاب الدخول العارم في الشغب المشروخ، نرقص في ساحات الأسرار التذكارية، حتى تنبت من منصاتنا رسائل تتعود الاتجاهات التي تتعدد، ويساء الاختيار رغبة في السكوت عن اقتراف القراءة بالألوان، التي ماانفكت تحضنا على استقبال احتمالات تتمهل أول التذوق المشغول كمعبد يخلص الضحكة العالقة في الخيال لتذكرنا كم من مساحات تصلي لشغب ألوان حرة.