Alef Logo
كشاف الوراقين
              

زواج المتعة ج 5 ـ فرج فودة

فرج فودة

2007-01-27


الفصل الثانى مداخلة توثيقية
" وقال ابن حزم ثبت على إباحتها بعد رسول الله ـ ص ـ ابن مسعود ومعاوية وأبو سعيد وابن عباس وسلمة ومعبد ابنا أمية بن خلف وجابر وعمرو بن حريث ورواه جابر عن جميع الصحابة مدة رسول الله ـ ص ـ وأبى بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر قال ومن التابعين طاوس وسعيد بن جبير وعطاء وسائر فقهاء مكة ".
فتح البارى ـ ابن حجر العسقلانى.
عزيزى القارئ ...
قررت هنا أن أتدخل وأن أقطع الحوار, وظنى أنك مستمتع به, مستغرق فيه, متعجب منه,
أما الاستمتاع فمرجعه إلى رقى مستواه,
وأما الاستغراق فمرجعه إلى خطورة محتواه,
وأما التعجب فمرجعه إلى جدته وطرافته وغيابه عنك على كثرة ما سمعت من الفقهاء فى موضوعات أقل خطرًا وأهون شأنًا,
وظنى أيضًا أنك قد فزعت لما استند إليه الفريقان,
وكيف توافر فى نصوص السنة ما يستند إليه هذا وما يستند إليه ذاك على اختلاف الرأى بينهما بل على تضاده؟,
ولعلك قد سألت نفسك أيضًا عن هذه الأحاديث التى استند إليها هذا والتى استند إليها ذاك وعن مصدرها وعن محتواها وعن إسنادها وعن فحواها,
ولعلك فى حاجة إلى توثيق قررت أن أقوم به نيابة عن الطرفين المتحاورين, وكان بإمكانى أن أضع الأحاديث المسندة على لسان كل طرف خلال الحوار, وأن أحصل عليها من كتب الطرفين عند تعرضها لهذا الموضوع الحساس, ولعل هذا كان السبيل الأسهل, ولكنه سبيل تكتنفه مخاطر شتى تتناقض مع منهجية البحث وأسلوبه العلمى, لأن كل طرف يقتصر على حجته, ويزين من أسانيده لها, ويهمل أسانيد الطرف الآخر ويشكك فيها,
ولم يكن أمامى من سبيل إلا أن أرجع إلى المصادر الأصلية, وإلا أن أنقل منها نقلاً كاملاً, مع تعليقات محدودة وترتيب مقصود بحيث يتعرف القارئ على أسانيد كل طرف,
ولعله سوف يتبين يقينًا أن الطرفين لا ينطلقان من فراغ, ولعله سوف يتوقف أمام حقيقة مذهلة لكنها حقيقة على آية حال وهى أنه لو قصر منهجه فى قبول الحديث أو رفضه على السند أو على وروده فى الصحاح أو على تواتره فى كتب الأحاديث المعتمدة.
لوصل إلى نتيجة يأباها عقله وضميره وهى أن زواج المتعة حلال وحرام فى آن واحد,
وأن الرسول هو الذى حرمها إلى الأبد وأن عمر هو الذى حرمها بعد أن كانت مستمره فى عهد الرسول وعهد أبى بكر وصدر عهد عمر فى آن واحد, وأن عليًا أعلن حرمة المتعة وأن عليًا أيضًا لم يعلن ذلك وإنما أشار إلى تحريم عمر لها بقول فيه غير قليل من الإنكار فى آن واحد, وأن عبد الله بن عباس أصر على حل المتعة فىآخر حياته وانه تراجع عن حل المتعة إلا فى حالة الضرورة فى آخر حياته فى آن واحد,
وهكذا, ولعلنا لا نرى فى ذلك بأسًا, ولا نراه يبعث على الشك فى كتب السنة بقدر ما نراه دافعًا إلى إعمال العقل وإلى ترجيح الحجج وموازنتها بالمنطق, وإلى ضرورة أن يتوازى السند والمتن فى الحكم على صحة الحديث, وهو منهج يراه البعض إثمًا ونراه ضرورة,
وأذكر فى هذا الصدد عالمًا دينيًا كبيرًا يشغل منصب عميد إحدى الكليات الأزهرية, ذكر فى محاضرة له حديثًا غريبًا عن ظهور المهدى المنتظر فى الشام ومحاربته للسفيانى ولقائه به فى ( المنارة ) فى الشام ... إلى آخر الحديث,
وقد اصطدم الحديث بعقلى ووجدانى فى عنف شديد, ولما راجعته سائلاً عن بعض تفاصيل الحديث, وعن مدى معقولية متنه, ومدى صحة إسناده نظر إلى فى تعال شديد, وصعد بصره إلى وجهى, وركز عينيه فى عينى, وأجاب فى بطء شديد وكأنه يتلذذ بهزيمتى: إن الحديث وارد فى صحيح مسلم ثم ابتسم فى خبث أو تخابث ـ لا أدرى ـ وعاد يصوب نظرته إلى مع إبتسامة لم ينجح فى إخفائها متشفيًا مما تصوره هزيمتى بالضربة القاضية ...
ولم أملك إلا الصمت احترامًا لدعوة صاحب المكان ودير الندوة ...
أمثال هذا الأستاذ الجليل سوف يفقدون توازنهم وهم يراجعون أحاديث المتعة فى صحيح مسلم بالتحديد, وهم أيضًا يتطوعون بتقديم أنفسهم لقمة سائغة للطرف الآخر فى الحوار, ولعلهم سوف يخرجون منه فى جولته الأولى السابقة, إن جاز استعمال تعبير الجولة فى حوار ساخن مثل هذا, أما الذين سيبقون, وهم كثر, فهم من وهبهم الله نعمة التفكير والعقل والتدبر والاجتهاد ...
وما علينا, بل علينا أن نعرض وثائق الطرفين من مصادرها الأصلية ( السنية ) ولا نعتذر فى هذا للطرف الآخر وهم الشيعة لأنهم يستندون إلى هذه المصادر نفسها,
ولسنا نشك فى أن هذه المداخلة ( التوثيقية ) ضرورة ليس فقط لطرفى الحوار, وليس فقط للقراء, وإنما أيضًا للمتشككين فيما نكتبه, والمتصورين دائمًا وأبدًا سوء النية وفساد القصد, والمتخيلين أننا فيما نكتبه نأخذ بأطراف القول ولا ناخذ أنفسنا بالصعب من البحث والكثير من الجهد, والمرهق من تقصى الحقائق فى مصادرها,
وتبقى ملاحظة نراها هامة وهى أن من حق القارئ ـ إن شاء ـ أن يعبر هذه المداخلة حتى يستكمل الحوار, وأن يعود إليها ـ إن شاء ـ بعد أن يستكمله لكى يتأكد من صحة أسانيد الطرفين أو من أمانتنا فى التوثيق, والله, واحترام العقل وهو منهج إلهى ـ من وراء القصد ...

********************
المرجع الأول: صحيح البخارى
ورد فى صحيح البخارى أربعة أحاديث فى باب ( نهى رسول الله عن نكاح المتعة آخرًا ), وأحد هذه الأحاديث وهو حديث على بن أبى طالب تكرر فى ثلاثة مواضع أخرى من الصحيح كل منها فى باب مختلف مع اختلاف طفيف فى الرواية.
الحديث الأول ومكرراته:
يذكر الحديث عن على بن أبى طالب أن الرسول نهى عن زواج المتعة فى غزوة خيبر, وقد تكرر أربع مرات,
اثنتين دون ذكر المناسبة,
واثنتين تذكران المناسبة وهى الرد على عبد الله بن عباس ( أو على الناقلين عن ابن عباس ) الذى كان لا يرى بمتعة النساء بأسًا, وفيما يلى الأحاديث الأربعة:

1 ـ { 4825- حدثنا مالك بن إسماعيل: حدثنا ابن عيينة: أنه سمع الزهري يقول: أخبرني الحسن بن محمد بن علي، وأخوه عبد الله، عن أبيهما:
أن عليًا رضي الله عنه قال لابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية، زمن خيبر }. [ راجع : 3979]‏.
[ الحمر الأهلية أو الأنسبة يقصد بها: الحيوانات الأليفة التى تألف البيوت ].
[ جزء الثالث. 70 ـ كتاب النكاح. 32 ـ باب: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخرًا ].

2 ـ { 3979 ـ حدثني يحيى بن قزعة: حدثنا ملك، عن ابن شهاب، عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي، عن أبيهما، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية }. [4825، 5203، 6560]
[ ش أخرجه مسلم في النكاح، باب: نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ. وفي الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، رقم: 1407 (متعة النساء) زواج المرأة لمدة معينة، بلفظ التمتع، على قدر من المال. كان مباحا ثم حرم باتفاق من يعتد به من علماء المسلمين ].‏[ صحيح البخاري: وجدت في: 36 - باب: غزوة خيبر].

3 ـ { 6560 ـ حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن عبيد الله بن عمر: حدثنا الزُهري، عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن علي، عن أبيهما:
أن علياً رضي الله عنه قيل له: إن ابن عباس لا يرى بمتعة النساء بأساً، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الإنسية }. [ راجع :3979].
وقال بعض الناس: إن احتال حتى تمتع فالنكاح فاسد. وقال بعضهم: النكاح جائز والشرط باطل.‏ [ صحيح البخاري وجدت في: 4 - باب: الحيلة في النكاح ]

4 ـ { 5203 ـ حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي، عن أبيهما، عن علي رضي الله عنهم قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة عام خيبر، وعن لحوم حُمُر الإنسية }. [ راجع : 3979 ]‏ [ صحيح البخاري: الجزء الرابع. 75 - كتاب الذبائح والصيد. 28 - باب: لحوم الحُمُر الإنسية ].

الحديث الثانى:
يشير هذا الحديث إلى ترخيص عبدالله بن عباس فى متعة النساء ثم قصره الترخيص ( بعد مراجعته ) على الضرورة.

4826 - حدثنا محمد بن بشار: حدثنا غندر: حدثنا شعبة، عن أبي جمرة قال:
سمعت ابن عباس: يسأل عن متعة النساء فرخص، فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد وفي النساء قلة ؟ أونحوه، فقال ابن عباس: نعم

[ ش ( متعة النساء ) عقد الزواج على المرأة لمدة معينة، وقد نسخ أخيرا. ( الحال الشديد) أي حال كثرة الرجال وتوقانهم إلى النساء، مع قلة في النساء لا تسد هذه الحاجة، وعلى كل فهذا رأي ابن عباس رضي الله عنهما، والجمهور على خلافه، وأنما رخص بها بشروط وقيود كما ترى من الحديث، وقد نقل أن ابن جبير قال له: لقد سارت بفتياك الركبان وقال فيها الشعراء ؟ فقال: والله ما بهذا أفتيت، وما هي إلا كالميتة، لا تحل إلا للمضطر].‏
[ صحيح البخاري : وجدت في: 32 - باب: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخرا ].
الحديث الثالث:
فى ترخيص رسول الله ـ ص ـ بالمتعة:
{ 4827 ـ حدثنا علي: حدثنا سفيان: قال عمرو، عن الحسن بن محمد، عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا:
كنا في جيش، فأتانا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا، فاستمتعوا }.
[ صحيح البخاري : الجزء الثالث. 70 - كتاب النكاح. 32 - باب: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخرا].
الحديث الرابع:
ورغم أن المتعة لم يرد صريحًا فى الحديث إلا أنه فى تقديرنا يختص بترخيص المتعة لسببين هامين:
أولهما ورود الحديث فى صحيح البخارى تحت عنوان نكاح المتعة
وثانيهما أن إطلاق الحديث دون قصره على المتعة دلالته خطيرة يأباها الإسلام والمسلمون ويأبون نسبتها لرسول الكريم.
{ وقال ابن أبي ذئب:
حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، عن رسول الله ـ ص ـ: ( أيما رجل وامرأة توافقا، فعشرة ما بينهما ثلاث ليال، فإن أحبا أن يتزايدا، أويتتاركا تتاركا ). فما أدري أشيء كان لنا خاصة، أم للناس عامة. قال أبوعبد الله: وبينه علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه منسوخ }.

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

زواج المتعة ج 5 ـ فرج فودة

27-كانون الثاني-2007

دفاعاً عن حرية الفكر والإبداع ـ 1

17-آب-2006

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow