كرسي الرئاسة للكاتب المكسيكي كارلوس فيونتس ترجمة
2008-10-04
كرسي الرئاسة
بقلم الكاتب المكسيكي: كارلوس فيونتس
ترجمة: خالد الجبيلي
[في عام 2020، وخلال انعقاد اجتماع لمجلس الأمن في الأمم المتحدة، تجرأ رئيس جمهورية المكسيك المثالي النزعة، وصوّت ضد احتلال الولايات المتحدة لكولومبيا ورفض واشنطن تسديد أسعار النفط إلى منظمة الأوبك. ويأتي انتقام الولايات المتحدة سريعاً. إذ تقرر رئيسة الولايات المتحدة كونداليزا رايس أن تقطع نظام الاتصالات في المكسيك - فلم تعد هناك هواتف أو فاكسات أو بريد إلكتروني – ويغوص البلد في كابوس إداري لا حدود له، ويصبح تبادل الرسائل الوسيلة الوحيدة للاتصالات. وسرعان ما يبرز المتنافسون الذين يسعون للاستيلاء على السلطة من خلال الرسائل التي يتبادلونها. المترجم]
1
من ماريا دِل روساريوغالبان إلى نيكولاس بالديبا
لا بد أنك ستظن بي الظنون، وستقول إني امرأة نزواتية. وأظن أنك على حق، لكن من يخطر بباله أن الأمور قد تتغيّر تغيراً جذرياً بين عشية وضحاها؟ فعندما التقيت بك البارحة، لأول مرة، طلبت منك ألا تدوّن أياً من آرائك السياسية. لكني اليوم لا أجد وسيلة أخرى كي أتواصل معك. ولا بد أن هذا الأمر سيعطيك فكرة عن الأوضاع الصعبة التي نمر فيها...
ستقول إن اهتمامك بي – الاهتمام الذي أبديته ما إن وقعت عيناك عليّ في الردهة خارج مكتب وزير الداخلية – لم يكن اهتماماً سياسياً، بل اهتماماً رومانسياً، بل ربما كان انجذاباً جسدياً، أو مجرد شعور عاطفى إنساني بسيط. لكن يجب أن تعلم في الحال، يا نيكولاس بالديبا ، أن كلّ شيء بالنسبة لي هو ضرب من السياسة، حتى ممارسة الجنس. ولعلك ستدهش لهذا الضرب من النهم المهني. لكن الأشياء لن تتغير. فأنا في الخامسة والأربعين من عمري الآن، ومنذ أن كنت في الثانية والعشرين، أركّز في حياتي على تحقيق هدف واحد وهو أن أعيش، أن أتمتع بجسد رشيق وجميل، وأن آكل، وأن أحلم، وأن أتذوق، وأن أعاني من السياسة. هذه هي طبيعتي، موهبتي. لا تذهبّن بك الظنون بأن هذا يعني أنني أضع جانباً ما أحبه لكوني امرأة، متعتي الجنسية، رغبتي في ممارسة الجنس مع رجل جميل ينعم بالشباب مثلك...
بكل بساطة، إني أعتبر أن السياسة تعبير عن العواطف الخاصة القوية أمام العامة، وهي تشمل، بل وربما كانت أهمّ من أي شيء آخر، عواطف رومانسية جامحة. إن العواطف ليست إلا مجرد أشكال اعتباطية من أشكال السلوك، أما السياسة فإنها عبارة عن انضباط ونظام. إننا نتصرّف بأكبر قدر من الحرية التي منحنا إياها الكون، وهي في الوقت ذاته هائلة، وملتبسة، وعشوائية وضرورية، الكفاح للوصول إلى السلطة، والتنافس ولو على مجال صغير من السلطة.
هل تظن أن هذا الشيء ينسحب على الحبّ؟ إنك مخطئ. فللحبّ قوّة لا تعرف حدوداً، قوّة تُدعى الخيال. فحتى لو سُجنت في سجن القلعة في سان خوان دي أولوا، فإنك ستظل تنعم بحرية الشهوة، لأن الإنسان يظل دائماً سيّد خياله الإيروتيكي. ومن الناحية الأخرى، ما جدوى التمني والتخيّل في السياسة إن لم تكن تملك القوّة؟
أكرّر وأقول إن القوّة إحدى طبائعي. إن القوّة موهبة من مواهبي. وهذا أول شيء أريد أن أحذرك منه، إذ إنك شاب في الرابعة والثلاثين من العمر، وقد جذبني جمالك الجسدي على الفور. لكن يمكنني أن أقول لك أيضاً، إن الرجال الجذّابين قلة، وقلما تجدهم في ردهة مكتب وزير الداخلية، بيرنال هيريرا. كما لا توجد الكثير من النساء الجميلات. وبما أن صديقي الوزير معروف بسمعته في التقشف والزهد، فإن الفراشات لا تقترب من حديقته، بل تعشش تحت سجادته عقارب الخداع والغش، ويئز نحل الطموح حول قرص عسله.
هل بيرنال هيريرا جدير بالسمعة التي يحظى بها؟ ستكتشف ذلك بنفسك. إن كلّ ما أعرفه أنه في عصر يوم شديد البرودة في مطلع كانون الثاني، وفي غرفة انتظار مكتب الوزير في قصر كوبيان القديم، كانت هناك امرأة تقارب الخمسين من العمر، لكنها لا تزال تتمتع بجاذبية شديدة – كان وجهك يقول كلّ ذلك، يا حبيبي - تبادلت النظرات مع شابّ وسيم، كلّ جزء فيه مشتهى مثلها، لا يكاد يبلغ الثلاثين من العمر. لقد اشتعلت الشرارة، يا عزيزي نيكولاس...
يجب تأجيل الملذات، يجب إرجاء المتع يا صديقي الشاب.
ها أنا أعترف لك بكلّ شيء: إن طول قامتك يلائم طول قامتي. كما ترى، فأنا فارعة الطول، ولا أرغب في أن أنظر إلى الأعلى أو إلى الأس
08-أيار-2021
14-كانون الأول-2019 | |
05-آب-2017 | |
09-آذار-2011 | |
03-أيار-2009 | |
10-شباط-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |