(جائزة نوبل) إن كنت لا تطمح إليها لا تكتب
2008-10-08
ضمن ما يسمى بـ الولوج إلى الذات في غفلة عن الحال القصدية للدرب تلك، يسعى المثقف الشرقي عموماً والعربي خصوصاً إلى طرد النواة من زهرةٍ ما، زهرةٍ تنكفئ عن إناءٍ موضوعٍ في أيّ ذهنٍ هنا، شرقاً من الغرب الشمالي للأرض مِنّا نحن وليدي الذهن القمعي بشتى أشكاله، قد تحتاج المعادلة ـ أبداً تسير المعادلة جانب السرد الشرقي ـ إلى شكل آخر للتعبير، حيث يكون المثقف العربي عموماً رافضاً جائزة نوبل للآداب لإغناء نفسه عن حنطة الكبرياء والسقوط عن فرس القصدية في بناء الأدب بأعمدة سياسية محضة. طبيعة الإنسان هذا الكائن ( العاقل ) تجتاح، أبداً، الركنَ المعتَّم لإنارته، العمل الذي أودى بنشوء الفكر الماورائي بشكل أدبي وشفهيّ، خصوصاً الرغبة في اكتشاف الموت، السماءِ، الآلهةِ.
في حين كان الحجر الخدوم لحاجته منحسراً عن بنيته العلمية، كان السرّ المكنونُ في النفس البشرية جمعاء وغدا الحجر آلهةً. هذا الطرف من المعادلة هو الشطر الأقوى من عقلية الأمم عموماً، حيث النار والشجر والقمر والشمس ومن ثم اللا مرئي ـ الله ـ الرب.
و إذا أسقطنا سيكولوجيا الشارع على المثقف نلحظ أن المثقفين عموماً وبدون استثناء يسعون إلى نيل جائزة نوبل للآداب.
مثلاً : سعي الكاتب إلى بناء لغة يعبّر فيها عن نفسه في سنيّ المراهقة، هو نتيجةٌ لعدم قدرته على الانكماش على ذاته باللغة المتعارف عليها، أي هو بلغته الجديدة نتيجة لنبذ المجتمع له بلغته المعلومة المشتركة بينهم. والمسألة الثانية هي سعي الإنسان إلى ولوج ذهن خصّصه لنفسه، للوصول إلى الذات المخصصة له بفعله الناتج عن نبذ الجماعة له.
وسعي الكاتب المنبوذ من الجماعة ـ جماعته، ما يجعله يُقدم على عملية نشر ما يكتبه في جريدة أو مجلة أوكتاب أو بوسيلة أخرى، رغبةً منه في الوصول. والإنسان بحكم طبيعته ينقاد إلى الغد البهيّ المفترض.
مثلاً : الإنسان يرغب في اقتناء حذاء جديد، أو ثياب جديدة أو طعام جديد أو مسكن جديد جميل.. أو الخروج بصحبة شجرة إلى ذاكرة جديدة، أو السفر إلى العالم، أو الانتحار.
والكاتب بدوره في عملية الكتابة يسعى إلى الآخر، مُطلقاً في وجهه لغتَه الجديدةَ..سعياً منه إلى توحيد العاقل وغير العاقل، في أدبه، مثباً لنفسه قدرتَه على التعبير الذي يساء فهمه شفهياً. بصورة مبسطة أخرى.
الكاتب يكتب ثم يسعى إلى نشر نتاجه ثم الحصول على مخصصات مالية ثم المشاركة في المهرجانات ثم ترجمة أعماله، و بمجرد إقدامه على فعلي الكتابة والنشر ـ وبغض النظر عن أسبابه ـ فإنه يسعى أوتوماتيكياً إلى نيل جائزة نوبل للآداب.
ولكي لا تكون حججهم ـ الكتّابِ، واهيةً.. أعرج هنا إلى تبسيط شديد؛
ثمة كاتب، يكتب بغرض التعبير عن نفسه، إذاً هو يحاول أن يعبّر عن نفسه للعالم ـ أوتوماتيكياً ـ يسعى إلى وضع أدبه على الطاولة المحاطة بكراسٍ كثيرة، وجائزة نوبل تتيح له هذا الفعل.
وثمة آخر، يكتب بغرض المال، كسب المال. وهنا أود أن أطرح سؤالاً شعبياً:
هل من أحد يرفض (مليون دولار) في حين أنه يسعى إلى الحصول على 100 دولار من مجلة أو جريدة ما ؟
وثمة آخر أيضاً، يكتب بغرض الكتابة فقط. وذكرتُ بادئ ذي بدء عن طبيعة الإنسان في الوصول بنفسه إلى الغد البهي.. بكافة الطرق المشروعة منها واللا مشروعة.
إذاً، هل الكتابة غاية أم وسيلة ؟ هي دوماً وسيلة للوصول إلى شيء ما، إن كانت غايتها ـ أقصد الكتابة ـ الجمالَ أو السلام أو الموت أو الحياة المرفَّهة أو الحياة نوماً تحت جسور العواصم.
و كما أن هناك بوابة أخرى لرفض الكاتب الشرقي عموماً والعربي خصوصاً جائزةَ نوبل للآداب، ألا وهي بوابة المصداقية حول الجائزة، وتفتتح هذه البوابة عادةً بفعل ريح النظرة السياسية للكاتب الناتجة عن نظرة حكومته المعتبرة فاسدة في نظرته الكاتب، والمناهضة للعولمة وخاصة أن جميع من نالوا جائزة نوبل للآداب كانوا ذوي توجهات إنسانية.
هل من بين الحائزين على جائزة نوبل للآداب مَن يدعو إلى الحرب ؟ أو يدعو إلى زيادة نسبة الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري ؟
أما بوابة الجمالية في أدب الـ نوبل قد تغلق بسؤالٍ بسيط, بوابة الشك في جماليته الفنية وغيرها.
هل من أحدٍ في الشرق عموماً قادرٌ على إسقاط القيمة الجمالية لأي عملٍ حائز على جائزة نوبل ؟
خاصةً، نحن في الشرق، نصدر كتّابَنا عنوةً، ساهين عن استيرادهم.. في حين يُصدَّر لنا كتّابُنا عالميّين، من الغرب "المتآمر" على شرقنا.
" اشرب البحر يا اكسانتوس" فلقد سُدَّتْ جميعُ الروافد التي تصبّ فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
سوريا
08-أيار-2021
25-أيار-2019 | |
17-أيار-2015 | |
22-آب-2009 | |
14-نيسان-2009 | |
23-آذار-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |