فصل من رواية "المفتاح" للكاتب الياباني جونيشيرو تانيزاكي ترجمة
2008-11-08
يوم السنة الجديدة
مؤلف الرواية
هذه السنة، قررت أن أكتب بحرية مطلقة عن موضوع طالما ترددت في الكتابة عنه، موضوع لم أكن أجرؤ حتى على مجرد ذكره هنا. فقد كنت أحرص دائماً على أن لا أعلق بشيء على علاقتي الجنسية مع إيكوكو، لأنني أخشى أن تعثر على مذكراتي وتقرأها سراً فتشعر بالإساءة. ويمكنني أن أقول إنها تعرف مكانها جيداً. لكنني قررت ألا أعير هذا الأمر أي اهتمام بعد الآن. وبطبيعة الحال، فإن تربيتها المتزمتة بالطريقة التقليدية القديمة في كيوتو، غرست فيها قدراً كبيراً من المبادئ الأخلاقية التي أصبحت بالية وعفا عليها الزمن، لكنها لا تزال تتفاخر بأنها تتمسك بها. لذلك، لا أظن أنها ستحاول أن تقرأ مذكرات زوجها الخاصة. لكني لا أستبعد ذلك تماماً، وخاصة بعد أن بدأت مذكراتي، وللمرة الأولى، تركّز بصورة رئيسية على حياتنا الجنسية، فهل بوسعها أن تقاوم إغراء قراءتها؟ وخاصة أنها امرأة مولعة بطبيعتها باستخدام أساليب خفية ماكرة، ومغرمة بكتم الأسرار، وتتظاهر دائماً بالجهل وعدم المعرفة؛ والأسوأ من كلّ ذلك أنها تعتبر ذلك نوعاً من الحشمة الأنثوية. وعلى الرغم من وجود أماكن عديدة يمكنني أن أخبئ فيها مفتاح الدرج الذي أحتفظ فيه بمذكراتي، فإن امرأة مثلها تستطيع أن تنبش في جميع الأماكن، وتستطيع أن تحصل بسهولة على نسخة من المفتاح.
كنت قد قلت إنني قررت ألا أعير بالاً لهذا الأمر، لكنني ربما لم أعد أعير اهتماماً لذلك منذ فترة طويلة. وربما أصبحت أقبل، بل أتمنى، أن تقرأها خفية. إذن لماذا يتعين عليّ أن أقفل الدرج بالمفتاح وأن أخفيه في مكان سري؟ لعلي كنت أفعل ذلك لكي أرضي نقطة ضعفها في رغبتها في التجسس. أما إذا تركت المفتاح في مكان يمكنها أن تجده بسهولة، فقد تقول لنفسها: "لقد كُتبت هذه المذكرات من أجلي"، وربمالا تريد أن تصدق ما أقوله، بل ربما تقول: "لا بد أنه يخفي مذكراته الحقيقية في مكان آخر".
إيكوكو، زوجتي الحبيبة! لا أعرف إن كنت ستقرأين هذه المذكرات أم لا. لكن ما فائدة طرح هذا السؤال إن كنت ستجزمين بأنك لن تفعلي ذلك. لكنك إن فعلتِ، فأرجو أن تصدقي أن ما تقرأينه ليس من نسج الخيال، بل إن كلّ كلمة فيه صادقة وحقيقية. لن ألحّ أكثر– لأن كل ذلك يبدو مريباً، والمذكرات وحدها هي التي ستشهد على صدقه.
بالطبع لن أقيّد نفسي بالأمور التي تريد أن تسمعها، ويجب ألا أتحاشى الأشياء التي تعتبرها غير سارة، بل حتى جارحة. إن الشيء الذي جعلني أرغب في أن أكتب عن هذه الأمور هو تكتّمها الشديد و "طهارتها" و "أنوثتها"، وما يدعى بالحشمة التي تجعلها تخجل من مناقشة أيّ موضوع ذي حميمية معي، أو تجعلها لا تستمع إليّ عندما أحاول، في مناسبات نادرة، أن أحكي لها قصة غير محتشمة. فبعد مضي أكثر من عشرين سنة على زواجنا، وحتى بعد أن أنجبنا فتاة أصبحت الآن في سن الزواج،لا تزال ترفض أن تفعل شيئاً أكثر من ممارسة ذلك العمل بصمت. فهي لا تهمس كلمات رقيقة ونحن مستلقيان وذراع أحدنا متشابكة في ذراع الآخر - هل هذا زواج حقيقي؟ إني أكتب هذا بدافع من الإحباط، لعدم وجود فرصة تمكنني من أن أحدّثها فيها عن مشاكلنا الجنسية. من الآن وصاعداً، سواء قرأت هذه المذكرات أم لم تقرأها
08-أيار-2021
14-كانون الأول-2019 | |
05-آب-2017 | |
09-آذار-2011 | |
03-أيار-2009 | |
10-شباط-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |