قصة قصيرة / العشــيرة
2009-02-01
أبي لاعب البوكر، الحريف الذي تشهد له الصالات وأهل الكار، لعب حتى نفض بطانة جيوب سترته وبنطاله.
صديقه اللدود الذي ربح ، لم يأبه لرجفة بطن أمي ، حيث كنت أنا أرفس بقدميّ أحاول الخروج .
جن جنون أبي فأمسك بتلابيب خصمه وقال :
- نكمل اللعب .
- أنت لا تملك شيئاً نلعب عليه؟!
- أملك هــذه ..
وأشار إلى أمي ، فرفست أنا جدار البطن ثلاثاً..
لحس صديق أبي لسانه ، وازدرد ريقاً جافاً ، حطت عيناه على كحل عينيها . وشهق :
- هي لي اذا ربحت؟!
- اذا ربحت..
- ولكنها حامل؟!
- تصبح لك والطفل لي.
وربحها الصديق اللدود، فاعتصمت أمي بشرع الله حتى تضعني ، ويبرأ رحمها من آثار الحمل ، وتكمل عدتها.. وعندما جاء الميعاد قالت :
- أمهرني .
- كيف أمهرك وقد ربحتك في اللعب؟
- أربي ولدي ، وأن يظل زوجي الأول بيننا ، وأن تستمرا في اللعب والرهان عليّ .
وفي اللعب خسرها زوج أمي ، وربحها أبي وكانت حاملاً فانتظر حتى وضعت أختي. وعشنا في بيت من ثلاث حجرات ، حجرة لأبي وأولاده والثانية لزوج أمي وأولاده ، والثالثة لأمي التي تسجل على صفحات أجندتها مواليدها حتى لا تختلط الأنساب .
وضاق بنا الحال فاجتمعت أمي بزوجيها.. تشاوروا طويلاً ، عرض أبي أن يطلقا سراحه ليلعب خارج الدار، فتوجست أمي خيفة أن يربح ويعود بضرة ، واقترح زوج أمي أن يستدرج صديقاً يلعبا معه في الدار، فراقت لها الفكرة..
وفي نهار وقفنا في صفين متقابلين ، نستقبل ضيفا طويل القامة ، وجيه الطلعة ، عريق الحسب والنسب.. ودار اللعب حتى منتصف الليل ، وكانت أمي زوجة لأبي في ذلك العـام ، صرخ أبي :
- نلعب عليها ..!!
أسبلت جفنيها على كحلة عينيها فاهتاج الرجل .
- نازل عنها !؟
- هي لك إن أنت ربحت .
وكي يغريه أكد :
- وهي ليست حاملاً .
وفي الصباح كانت أمي في حضن الرجل ، وكنا جميعاً نقوم على بناء الحجرة الرابعة للزوج الثالث
ومضت الأيام ..
وكبرنا ، ووقفنا في ثلاثة صفوف ننتظر رجلاً اصطاده زوج أمي الثاني .
ضاقت بنا الدار، وحاصرتنا الشرطة ، فخرجت أمي تسب وتلعن وقذفت في وجه الضابط قسائم زواجها وإشعارات طلاقها وبترتيب دوري ، ووضعت في عبه ملفاً سميناً يضم شهادات ميلادنا صبياناً وبناتاً .
أمضى الضابط نصف النهار الأول في تدوين البيانات ، وأمضى نصف النهار الثاني في اتلاف الوثائق وحرق ما دون.
وفي يوم صحونا ، لم نجد آباءنا ، فتحلقنا حول أمنا.. قالت :
- احرقوا أوراق اللعب..
- لمــاذا ؟
- لا يوجد بعد اليوم من يخسرني أو يربحني
وانتشرنا في شعاب الأرض ، وكنا كلما قابل الواحد منا أخاه أو أخته نتحاضن ، فيدق القلب على القلب ، ويؤكد الواحد منا لأخيه أو أخته أننا أبناء عشيرة واحدة ، ونرسم في وجه الشمس صورة أمنا ، ولا ننسى طرف رموشها على كحلة العينين ..
08-أيار-2021
14-نيسان-2018 | |
30-تموز-2015 | |
13-تشرين الأول-2012 | |
16-أيلول-2012 | |
18-نيسان-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |