اللغة عندما تعيد بناء نفسها
2009-02-02
يتمسك جولان حاجي في ( ثمة من يراك وحشاً ) بالمعرفة و الفلسفة و التاريخ كدعائم لبناء نصه الشعري المقام على بساط من قراءات معمقة لملخص التجارب والانجازات الشعرية التي ظهرت في الآداب العالمية ,
يستثمر جماليات اللغة لفتح عوالم شعرية ذهنية مدهشة و مثيرة تفضي إلى ذلك التوق في كشف مكامن جديدة للأشياء و الكون و الإنسان , و يلمس جلد المفردات الساهية , يقّلبها يمينا و شمالا في سبيل أن تكون قادرة على الإدهاش كيفما تموضعت و تراكبت , مفردات (العزلة ) و ( الوحشة ) و ( القاع ) و ( الجنون الذي بلا حد ) كلها تأسيس لمتاع اللغة اليقظة , الشهوة المخنوقة التي تتكاسر من اجل أن لا تخمد و تتشقق :
كم من البشرِ نحنُ ؟
قربَ أي يدٍ
ستحطُّ هذه الكلمات ؟
أيُّ الثقوبِ في ثوبِ الحياة
لا تتّسعُ كدوائرِ الطلقات عند الحدود ؟
ضد العزلة , ضد الحضور الفاسد للأشياء المحتملة التي لا تنضب , مع الغصة المشكوك الشاردة , تلك هي تنقلات جولان حاجي في ( ثمة من يراك وحشاً ) التي توزعت لتمتد على صيغ حركات صوتية متدرجة و متتابعة لتشكل عتبة النص وواجهتها الأمامية , أصوات تحمل في جذرها اختزال علامات لغوية تظهر مع تأكيد هذه الأصوات نفسها , فاللغة ( المرحة ) النقية المتكشفة لا تحتفظ بأسراها ولا بأسرارها الكلمات و الدلالات الغامضة المتحولة . و حركة الجمل الضالة المتعمقة في تنضيب السياقات الشعرية و تجليسها كما يجب , كل ذلك مشروع على تأويلات و إشارات لغوية مثيرة لا بنية واضحة لها ولا كتمان :
في الجلدِ الذي تقاسمناهُ
وحدك تتحسّسني
من الداخل
كزهرةٍ بيضاء في آنيةِ التلّ.
لأخفيكَ
غضضتُ عيني
و لم أحدّقْ بعينِ أحد.
أطبقتُ فمي
لتتكلّمَ يداي
و كلُّ إصبعٍ ممحاةٌ
تقلّدُ ريحَ آذار
التي وُلدتَ عند هبوبها.
( ثمة من يراك وحشاً ) قائمة على حيّرة ُملغزة للصور و حركاتها الخفية و تناسلها الذي لا يترهل , كلماتها وهي تفتك بنفسها و تصير وحشية عظيمة من اجل الحصول على اللذة و الفكاهة , لتمض الغيبيات
( الفلسفية ) و ُتجتلب (الكونيات ) وما في متنها من مصائد و مصادفات , و إشارات تقترح إلى مثول التاريخ بتشوهاته و جمالياته التي أنتجت عوالم محسوسة مصنوعة من دم الكلمات و هلام اللغة الغفلة .
08-أيار-2021
16-كانون الثاني-2021 | |
09-كانون الثاني-2021 | |
27-أيار-2020 | |
02-أيار-2020 | |
30-تشرين الثاني-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |