تقبض نصوص ( ابحث عنك على Google ) لقيس مصطفى على يد القارئ إلى مغامرة شعرية تمتد على أكثر من 50 صفحة تتوزع فصولها على مقاطع شعرية تحمل عناوين ( غاضبة ) و ( حاقدة )
و قصائد الألفة و اللوعة و التقرب ضمن ضيافة ( قصائد زرقاء ) وكل هذه النصوص التي جاءت متنوعة كطريقة التعبير و التشكيل و المواضيع الحسية و الإنسانية , تكشف شعرية البرهة أو التفاصيل ( الشخصية ) موغلة في الخصوصية الحادة , بقسماتها و سياقاتها التركيبية و قوانينها الداخلية و تقنياتها الفنية , عبر إيقاظ العادي الكريه و إمداده بقدرات شعرية تترجم الأحاسيس و الأفكار و تسجل الوقائع اليومية الدقيقة بكل واقعيتها ( الشرسة ) و( الشاذة ) ببياضها و سوادها , ببرودتها و سخونتها , أفكار شيطانية ( لغاية في نفس إبليس ) تشي بسلوكيات تفضي بالأخير إلى كتابة شعرية مثيرة تستولي عليها اللغة لتختمها بختمها و تأتمرها لوظائفها الشكلية :‏
- كنت أصبُّ لك الشَّاي‏
فلا يعجبني السُّكَّر المنثور على الطاولة‏
يثير بي احساساً بالنمل ينهش عيني اليسرى‏
لا أحد هنا‏
ولست أشرب شاياً‏
لكني أشعر بالنمل يأكل قلبي‏
هكذا أنا منذ قلت بأنك‏
مثل ماء النهر‏
لن تعودي مرتين....‏
في نص ( فلسفة امرأة ) تجمح الرغبة و يسعر الخيال في التحام الجسد بصوته , في ترويض الصمت الذي يحتك بالضجة تارة و بتحسس الكلام بشهواته الصلبة تارة أخرى , نص مراوغ قائم على الشك المبصر المصغّي إلى دلالاته التي تتقاطر , و إلى لهاث المفردات وهي تتقّلب دون إن ترتطم باللامعنى , فتدب الحياة في الكلمات لتصبح كل كلمة صورة مختصرة متخيلة , فيها ذلك الملمس الشعري المتماوج , توصيفات حسيّة مشتعلة تتبدى في استنطاق الجسد و محاورة تفاصيله بطريقة شهوانية مكبوتة , و من منظورات انفعالية تكشف ذعر الجسد و انهزامه أمام رغباته و مشاعره الفتاكة :‏
عرَّيتُ غجريةً، وشممتُ في أعضائها ‏‏
روائح كل البلاد التي مرّت بها، لكنّي ‏‏
لم أتعلم السفر ‏.‏
يمتلك قيس مخيلة صورية , فهو يبني نصه على الخازن الصوري , و يقيس صوره بمسطرة‏
( البرق ) التي تعصف بالجملة الشعرية و تنتهك عرضها في مذاق جمالي خفي,‏
لا يُعرف‏
إلا في نهاية كل لمعة:‏
تلتقي نصوص قيس مع نصوص رائد وحش في وصف جسد الأنثى خارجياً و إغراء القارئ بضوضاء اللغة المراوغة التي ترّوض مقولات ايروتيكية و تجعل من الألفاظ ( الجنسية ) محتكة بدلالات ملتبسة ( مخجلة ) أخلاقياً , لقد ادخل قيس نصه في لائحة النصوص المحرمة أو ( الساخنة ) التي كان يفتقدها المشهد الشعري السوري منذ أكثر من أربعين سنة :‏
عن جريدة الثورة
بالاتفاق مع الكاتب