جوائز احتفالية دمشق...محمــــد ديبـــو والمعنــى شـــارداً
2009-04-20
تنبثق شعرية ( لو يخون الصديق ) لمحمد ديبو من خطف الدلالة و المساومة عليها , فالدلالة رهينة مقايضات بين النثري و الشعري , فلا النثري يسعف الدلالة و لا الشعري , كأن كلاهما على اتفاق سري في أن يفضحا ( النص ) و يكشفا عورته و عيوبه ,
نص يعيش برئة اللغة التي تغيب حينا و تحضر لتغيّب كل ما هو شعري , و قد تكون الدلالة طريقا وعرة لاستدراج كل ما هو شعري و نسفه و تشويه جماليته , يكتب محمد ديبو و هو يفكر بالمعنى ولا يفكر بلغته الشعرية ولا بكيفية الحصول على المتعة الجمالية التي تحدثها الأصوات و الصور و الإشعاعات التي تصدرها هذه اللغة , ثمة فكرة ما تهيمن على النص , فكرة و لا نقول فكر أو فلسفة تحيط بأسوار النص و تلجم طيرانه و تحليقه :
الانتظارُ: عدوّنا الأبدي يغلّف أرواحنا العذراء بشتى الاحتمالاتِ المريعة يُكشفُ ما خبأتْه الأقنعة.
الانتظار: صديقُ الذات الأبديِّ ومكنونُها المختبئ.
يعني ذلك أن كتاب ( لو يخون الصديق ) يخون لغته في سبيل الفكرة و الدلالة , حتى وان بدت اللغة متسامحة مع ذاتها , واضحة و جلية في تعاملاتها الصوتية والحسية ممتلكة مادتها و قشرتها الصلبة من كينونتها و وجودها , إنها لغة البنية الواحدة ، الراسية في جزيرة ملأى بكنوز الأفكار و المعاني , جزيرة لا احد عليها سوى العالم كله :
تعال .. تعال أيّها الغريبُ , الأليفُ لقد أعددتُ وليمةَ النهاية وجهّزت عشاءً يليقُ بكْ وزجاجتي نبيذ , لنكسرَ حاجز الصمت في رحلةِ التيه ِالطويلة.
نصوص ( لو يخون الصديق ) لا تميل إلى تشغيل مولّدات لغوية أو مفرخّات معجمية ذوات مدلولات طبقية متعددة الأجناس خانعة لمنظومات المعنى المتفرعة ، الدلالات (المتكاثرة) هنا قد لا تكون متدرجة و منبسطة , لكنها كذلك ليست طريقا أو نافذة على كل المعاني، ذلك يلزم أن لا يكون للقول العادي أعماق خفية مبالغ بها, أو أسرار تشي بالكثير من الفتن و الحيرة ( يفردُ الظلامَ أينما حلّ, يدوسُ الحبَّ تحت قدميه , ويهرسُ القلبَ بين أسنانه.) و (مشغولٌ بشهوةِ المكرْ , ومراودةِ الغموضِ , ابتكارِ الآلهة.)
يتجول محمد ديبو بين نصوصه الشعرية , كمن يتفقد روحها و ذاكرتها , محاولا إعطاء المزيد من الأوكسجين للمعاني المعطلة الواقفة عن الحياة , و ضخ الحياة في المفردات المنزوية في إسرارها و ظلالها الخشنة , نصوص تبحث عن الحب و فكرة ابتكار المجهول و تصنيعه شعريا و اللعب على أقدار الكلمات الوهمية , شعرية ( لو يخون الصديق ) طازجة , حامية , مرمية في قارعة الذاكرة منتظرة من يلملّمها و يقذف بها إلى فرن البياض المستعر .
جريدة تشرين
رسم بالكلمات
الاثنين 20-4-2009
إبراهيم حسو
بالاتفاق مع الكاتب
08-أيار-2021
16-كانون الثاني-2021 | |
09-كانون الثاني-2021 | |
27-أيار-2020 | |
02-أيار-2020 | |
30-تشرين الثاني-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |