JAZZ
2009-04-24
الأصوات...
تلك التي تضرب في كل الاتجاهات..
تلك التي،
كرياح تهب في عشوائية و فوضى فائقة اللامبالاة..
تلك الأصوات...
النشاز،
المدمرة
المتلفة للأعصاب..
خيارنا الوحيد،
معها،
كان،
أن نتجاهلها..
فلا نسمعها،
نحن الثلاثة...
نحن،
السائرون، في لهفة حرّى ،
متقدمين إلى حيث أحبة ينتظرون في شوق حلولنا بينهم لنعانقهم،
و ننثر عليهم من أرواحنا حبق و ياسمين أشواق ثرة الأريج...
السيارة التي تقلنا..
السيارة الأنيقة كصاحبها الأنيق،
تسير بنا في أنفة و شموخ و رشاقة رغم صغرها..
كما لو كانت معتزة جذلا باحتضاننا نحن الثلاثة..
نحن،..
الحالمين
الوديعين
العنيفين
الصاخبين
الهادئين
المثقلين بأساطيرنا الشخصية و أساطير الأولين،
و خرافات الجدات...
نحن العنيفين، الهادرين، الصاخبين ، السابحين في فوضانا الجميلة...
العنف و الصخب في دواخلنا مرجل يغلي،
لكن ناره،
نار سحرية خرافية لا تؤدي..
فقط،
تحرق أعصابنا نحن...
نحن الوديعين،
الهادئين..
و الوداعة مواربة...
الهدوء مواربة..
و الحلم،
حلمنا ،
أحلامنا،
في شساعة الكون،
الأكوان...
أجنحة نحلق بها عاليا،
عاليا،
مرتفعين عن حواجز الزمان و المكان...
مساء شتوي،
بارد...
ريحه لا تهدأ من مشاكسة و استفزاز سيارتنا الصغيرة التي هي الآن،
تخترق بعناد تياراته المعاكسة..
كما لو أن للسيارة إحساسا،
إحساسا بوجودنا
بفرادتنا
بندرة نوعنا،
النوع المهدد بالانقراض في أي لحظة،
بفعل التلوث المزمن،
و التمزق المطرد
في ثقب أوزون أدمغة تقدس النمطية،
و الذوق الهابط
و تعادي كل جديد
مختلف...
و بيد بيضاء
كبشرة صاحبها..
و بعينين وضيئتين
كعيني صاحبها،
و بنبض حالم،
و لمسة حنونة،
تتوقف السيارة،
سيارتنا...
تتوقف،
كجندول من فيينا،
أصيل
يتساقط عليه رذاذ ضباب
ويلفه من كل جانب...
تتوقف،
فنتسابق إلى الخروج كأطفال أشقياء،
مقترفين جرم اللامبالاة بالتي كانت منذ قليل تحضننا في حنان،
منجذبين إلى لحظة الاكتشاف المرتقبة،
إلى لحظة الانعتاق،
الانعتاق من ربقة اليومي
الممل،
الخانق..
إلى لحظة العناق
عناق الأحبة
الذين هيئوا لقدومنا،
لحلولنا بينهم،
طقوسا سحرية يكتمل بها البهاء...
عبر نفق مررنا،
نفق من رخام أبيض تتخلله عروق سوداء...
جدرانه كانتْ
تردد صدى إيقاعات زنجية كما لو أنها قادمة من عمق القارة السوداء...
النفق يؤدي رأسا،
إلى ستارة،
الستارة عريضة،
عالية،
ثقيلة،
الستارة
قرمزية اللون...
من خلفها ،
أتتنا الإيقاعات أكثر وضوحا
بادر أحدنا إلى البحث في ثنايا الستارة عن منفذ يفضي بنا إلى الداخل...
الإيقاعات تحمل معها رائحة العرق و الكدح،
رائحة حقول القطن في نيو أورليانز...
الستارة فاصل،..
فاصل بين عالم و عالم..
كما لو كانت كف الصاحب،
كفا ساحرة شقت لنا فجوة في قلب جدار ٍ
جدار ِ الزمنِ،
للمرور سريعا إلى الآخر...
إلى الزمن الآخر...
زمن نهاية حرب،
حروب،
و بداية تحرر من العبودية و الرق...
زمن ولادة إيقاعات و ألحان
تختزل أحزان
و صرخات عذاب العبودية
و تعبيرات الأرواح المكتئبة،
تختزل كل ذلك،
في البامبولاس
و السكسوفون،
و الترومبيت..
في الآلات الوترية،
و الطبول الخمسة...
في الأصوات الشجية المبحوحة القوية،
و تحريك الأرجل في تناغم إيقاعي رفيع...
زنجية،
ينعكس ضوء الكاشفات على بشرتها الناعمة فيستحيل وجهها قمرا مضيئا في سجف ليل
زنجي،
يضع حنكه على راحة الذكرى...
و دخان سيجارة تلو أخرى،
يصنع هضابا و جبالا
حقولا و سحبا
و مخلوقات لا تشبه أحدا،
تسبح في فضاء القاعة الفسيحة...
و لسنا ندري،
متى تعانقنا،
جلسنا،
متى غنينا،
بكينا،
متى ضحكنا
رقصنا
متى جذبنا
و خبطنا بالأقدام
متى غفونا و صحونا..
و قدمنا القرابين...
للنهر الأشهب المتوج بهالة من زبد أبيض...
و متى غطسنا في مياهه ،
غطسنا عميقا، عميقا
نبحث عن ينابيع الأساطير التي تلهب الذات،
الذوات...
و يمر الوقت...
يمر مثل ومضة عابرة،
و يحين وقت الرحيل...
في الخارج،
مطر و برد،
مطر يتساقط...
في إيقاع رتيب يتساقط...،
و في زاوية معتمة،
وقفت الصغيرة،
الأنيقة الصغيرة ،
كأم رؤوم،
تنتظر عودة أشقيائها الثلاثة...
و يسرع كل واحد منا يرتمي في حضنها طالبا منها المغفرة و السماح...
08-أيار-2021
31-أيار-2009 | |
15-أيار-2009 | |
27-نيسان-2009 | |
24-نيسان-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |