مختارات من ديوان مدين للصدفة
2009-05-02
1- انخطاف :
دونما خوف تتآكل الفكرة بين أصابع الكف الواحدة .
بينما أرجوحة تهتف بي من بعيد . الأرجوحة
ذاتها
تسكن في قلبي دائما .
كما لو أني
أتنفس في غور سحيق مسافة أخرى .
كما لو أن دمي يعيدني إلى الغروب
منفردا بخطوات مؤلمة ، بصلاة آهلة
بالكلام . و بوردة تسيح على سياج من بهاء .
لو أثير الآن ، في هذه الصورة ،
وجه امرأة تلوح بعينيها إلى شمس الخريف
لو أستطيع محو اللغة المعتمة
لاحتضنت عتبات الخوف
و لأشعلت لي جسدا من حنين و من بهاء .
غير أن الفكرة ، في هذه اللحظة ، احتفلت بي
و العالم
خراب مسرف في السهو :
أين
تقيم أيها الضوء ؟
كلما أوصد القلب بابه
واعدني الشفق .
كلما واعدني الشفق
ارتقيت الفجوة التي تعود بي إلى حيث لا أرى .
و كلما ارتقيت كان الموت صديقي الفرد .
هكذا آخيت المساء
لأنصت للحيوانات المقيمة على شفا ليلة
لأكتب عن الصاعدين إلي من الفجر
لأقول
ثمة حلم معتم في السريرة
يرتب أشلاءه في انخطاف العين
أو في انسحاب النور .
2- ليس تماما يا أمي :
لا، ليس تماما يا أمي،
تظنين أنني سيء الطبع إلى هذا الحدِّ
وَأنّني مولعٌ بالهتاف للفراغ
وأنّني لا أعرف الطريق
التي ينبغي أن تكون طريقي،
وأنّني أسرف في الطاعة للظلالْ
وأنني بلا شبيهٍ في البرية
لا، ليس تماما يا أمي،
لكنني مخطئٌ.
لا داعي لتسفيه حسن ظنّكِ،
فالمسافة رفيعة إلى حدّ التلاشي
بين ظنّكِ وما أريد،
وخطواتي ضئيلة
ويدي،
ما في يدي حيلة كي أركِّب العالم
كما يحلو للغيمةِ التي ترهق كاهلي
لا، ليس تماما يا أمي،
أنني أحضن الكون بين شفتيَّ
كما قد أدَّعي في لحظة انفصام
أو أنّني أوشك على القفز
في مهاوي الكلام
لا، ليس تماما يا أمي،
لكنني مخطئٌ
أو غيرُ مقنعٍ على الأقلّْ.
السماء البعيدةُ مرمى خطايَ
والأرضُ نَعْلي،
لذلك أكتنز السحاب لسفرٍ
محتملْ
وأشجُبُ صداقتهُ للريحْ.
صرنا نقيضين: أنا والريحْ،
أستبطئ العمرَ
وتسرق سنواته
تباعاً
لا، ليس تماماً يا أمّي،
بدأتُ، أنا الآخرُ، انجرافي نحوَ الهاوية،
وتماما لما لو في قصةٍ ملفقةٍ،
وجهي أبيضُ كغمامةٍ
وضحكتي تسخرُ من الصباح
حيث الفرح لم يعدْ مجدياً، كما كانْ.
بدأتُ يا أُمّي،
تركتُ أحلاما لتنْمو في الأرضِ
تركتُ الشمس تمعن في قسوتها،
وانجرفتُ… أمسكُ الكون من حاجبيه الكثَّيْنْ
لا، ليس تماما يا أمي،
كيف أصدِّقُ
أنَّني قاسٍ إلى هذا الحدّْ
وأنَّني سيء الطبع، تماما، كما تظنين
وأنّني مسْرفٌ في العصيانِ
وفي الطاعة لظلالٍ غامضةٍ،
وأنّني
لا أقْوى
على رؤية السقفِ الذي وضعتِهِ
لأحلامي،
التي لم تكنْ سوى أحلامِكِ
لا، ليس تماما يا أمي،
أنّني أشحذُ السنوات من الدنيا
وأنَّني أمعنُ في التسكع داخل مدار اللغةِ
كيْ أُدركََ المعنى
وكيْ أعثر على نصيبي من غَنِيمةِ الكلامْ
لا، ليس تماما يا أمِّي،
أنَّ سقفَ الأحلامِ لا يُدْركْ
لكنني مخطئٌ
أدَّعي أنَّ الحياة صغيرةٌ إلى حدِّ البشاعَةِ
وأنَّ العالَمَ شديدُ البُؤسِ
ومصابٌ بدوارْ،
بينما الأمرُ، في النهايةِ،
أنَّك، يا أمِّي، تظنّين أنَّني سيّءُ الطبعِ
وأنَّ أحلامي مسيَّجةٌ
وأنَّكِ تظنّين، أيضاً، أن بيدي حيلةً
وأنَّ الكونَ بينَ شفتيَّ:
كن .
3- واضحا أزحف إليك أيها القلق :
أختلف إلى الصمت،
وإلى شغب الداخل. فراشاتٌ
كثيرة من القلق على صدري،
فأيكم أيها الأصدقاء غير الودودين،
أيُّكمْ
سيقفل باب الغياب
خلف خطوتي الأخيرة؟
أيّكمْ، أيها الكثيرون في الهباء الأليف،
سيُنْفقُ كلمات لتعزية الوقتِ؟
كلما
شحذتُ فكرة أن أصل
في الغد إلى حيث يريد التيهُ
لا أصلُ.
لا أصل مَنْبَذَ الروح في ظلماتِ
الجسدْ.
وكلما
نظرت
كيْ أرى وجه النهار
في صحو براءتي الأولى
قتلتُ كلَّ أطفال الغيمة الأنيقة في
ألمي
واكتفيت ببهاء الألقِ الذي كانَ.
أيُّكمْ
سيَنْفُقُ معي في الطريق إلى
أول الصمتِ؟
أيكمْ، أيها الحمقى الجميلون،
سَيُشيحُ بوجه اللغةِ
عن رغبتي في تَقَصِّي المحوِ
وفي العبور إلى جلال العدم القريبْ؟
لا شكَّ،
في أقصى الكلمات ستجمعون شظايايَ:
الرهبة أوار
والموت نديمٌ
والكلام لا يفي بكلِّ شيءْ
وأنا،
أنا نفسي،
من وراء الأفق الرمادي
أو الأزرق
أُمْطِرُ
أو أحلُمُ
بمطرِ يليقُ بِقَلَقِ العالمْ
مختارة من مجلة أبابيل
08-أيار-2021
02-أيار-2009 | |
02-حزيران-2008 | |
18-أيار-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |