كلما اتسعت المدينة.. ضاقت غرفتي للشاعر غياث المدهون.. صور مشاغبة وحارقة
2009-05-11
افتقدنا غياث المدهون في احتفالية «مسابقة شباب الشعر»، كما نفتقده كل اثنين في «بيت القصيد» فقد غادرنا إلى استوكهولم، وأخذ معه دراما قراءة الشعر.
واليمامة البيضاء قلبه.. في كتابه الفائز «كلما اتسعت المدينة.. ضاقت غرفتي» تمتزج القصائد بين الشاعر ومدينة دمشق، وكأن المدينة منه، وله «دمشق منزلي المتصدع، وقاسيون ندبتي». والنصوص تعبر في مجملها عن تجربة الشاعر في كتابة القصيدة، التفعيلة، والنثر، إلى المقطع النثري الذي افتتح به الكتاب.
خلف المعاني والتوريات هنالك كائن فقد طفولته فجأة، ليجد نفسه وحيداً، وحيداً جداً وهو يدخل إلى جحيم يستعين عليه بعصا المتصوفة، لكنه يعبره في النهاية، ثم يعود إلى أوراقه ويبوبها في مقاطع شعرية تحمل عناوينها الخاصة ويجمعها عنوان رئيس، فمن إلى الشام.. وتحت عنوان تعاليل.. ثم إلى عنوان ثالث شفافية.. كتب /يشتهي حذاء/ وبين القدم والحذاء/ لوح زجاج شفاف../ ليس إلا/ ومن مقطع آخر وعنوانه الثالث... جاليليو/ هي لم تنحن لتلتقط شريطة شعرها.../ ....لا/ الأرض هي التي (استدارت).../ لتلمس كفها/ بهذه الشفافية الرومانسية تلامس مع حاجتين أساسيتين في حياة شاب يريد أن يكون له وجود متحقق في الحياة وبالذات في قسوة هذه المدينة التي يعشقها بكل جوارحه، يقاوم.. ويجاهد بإصرار ليؤكد أنه باق ولن يموت/ سأركل الكرة الأرضية/ بلاأهداف/ سأصعد سلم الموسيقا/ حتى الطابق الأخير/ سأهدم بيت الشعر/ وأسكن في الخيام/ وحين يلدغني عقرب الساعة/ لن أموت/.
بتلك اللغة غير المتعجرفة يرسم صوره الشعرية من استعارات اللغة، وبلاأدنى تحفظ يعلن فكرة الهدم، بمافيها هدمه لتفعيلته في القصيدة، وقد فعل ومازال في كتاباته اللاحقة لهذا الكتاب. في بعض قصائد هذا الكتاب الطويلة نسبياً لمست بعض تطويل وتكرارات ربما فرض عليه شكل القصيدة هذا المنحى، إلا أن النصوص القصيرة، الومضات، ظهرت مكثفة في إيصال الفكرة والمعنى، وهي دال واضح لاختيار غياث أسلوبه الشعري، وخصوصيته، بعيداً عن تأثير صوت والده ـ الشاعر ـ المعروف في الأوساط الثقافية العربية، وهذا يحسب لغياث، من الوحشة، من صعلكات الليل، من ضغط اليومي الاقتصادي، من تفاصيل حياة مهمشي المدينة بخاصة من يشتغلون في المجالات الإبداعية، استقى غياث نصوصه، وإن كانت ـ الأنا ـ حاضرة بقوة في كل الحالات، أنا الشاعر الأسيانة غير اليائسة، المتفاعلة اجتماعياً بديناميكية محببة من الجميع. نقرأ من قصيدة «أصدقائي» ساورتني دمشق../ وكنت أكنس أحياءها/ كنت أصغر من جوعها../ وحيداً../ وأنزف بالأصدقاء/ ذئاب ولكنهم أصدقائي../
...تتوالى المقاطع صوراً مشاغبة لكنها حارقة ومؤلمة يحسها الشاعر ويتفاعل معها بإمعان وتفهم كأنها قدره الممض إلا أنه أحبه وتعايش معه. فيختم القصيدة/ أصدقائي.../ ذئاب لهم ضحك طفل../ براءة ناي/ وأحلام نورسة.. /إنما... /حينما لم أقاسمهم كسرتي.. /أنكروني../....... ولكنهم أصدقائي./ ..يختصر غياث المدهون المعيش اليومي ويحوله إلى قصائد علاماتها تلك الحياة الملتبسة.
صحيفة تشرين
تشرين الثقافي
الاثنين 4 أيار 2009
08-أيار-2021
كلما اتسعت المدينة.. ضاقت غرفتي للشاعر غياث المدهون.. صور مشاغبة وحارقة |
11-أيار-2009 |
23-أيار-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |