جوائز احتفالية دمشق..ملامســـة الشـــعر مـــن أطرافــــه
2009-05-18
أكثر الشعراء انبهارًا بالخيال و المخيلة هو محمد أبو اللبن ضمن المجموعة الفائزة في احتفالية دمشق عبر مجموعته ( مفارقة العابر ) و يمكن وصفه بشاعر اللحظات الذهنية الأكثر انصياعاً للعقل ,
شاعر بمخيلة عاقلة ( إن صح التعبير ) المخيلة التي تنظم شبكتها الشعرية عبر التحام العقل مع الذهن و زواج الصورة ( المتخيلة ) مع المعنى المتزاحم الذائب , خياله يشبه اتقاد الحجر بنار سقيمة , المستسلم الناعم و المستغرب الذي يرتب مفاصل الصورة و يبددها كشبهات عابرة , مخيلة منبسطة كمعانيه المنزلقة من تلال ذاكرة محصنة , شعرية ( مفارقة العابر ) طافحة بالحكمة بالفلسفة بتعدد الحيل و الشراك للكلمات الطاهرة المبتدئة في استعمالها , كلماته المتساقطة كريش الهواء , كالرغبات المحظورة التي تعتصر و تتقّوض كالرئات التي تنادي الأوكسجين :
وما وقتي إلا خيالٌ يتداعى.. لو يُشرِقُ بين داعيين جوابُ سؤالي
لانفضَّ هذا الزَّمان كمزحةٍ ساخرةٍ لما يمكن لزمانٍ أنْ يكون...
يتحرك محمد أبواللبن ضمن نصه بحرية و أمان لا محدودين , لا يكترث بالأصوات و الاشكال التعبيرية, و الطرق الحديثة لاكتشاف القارئ , و مع ذلك فهو شاعر أنين , ينظم نصه وفق توصيفات لغوية مبهرة , و يجدّول صوره الشعرية حسب الأفكار و المواضيع المنتخبة ( بعقلانية ) مهووسة , هو شاعر الشكوك الدائمة مع كتابته , يحاورها و يلمس محتواها مفردة مفردة , جملة جملة , مطيعاً تداعيات اللغة التي تلهبه أحياناً و تأسره , فتجده يتذوق فن السرد هنا , ساردًا أحداثاً و ووقائع, تقرّب الشعري من النثري , و تجده هناك لاهثاً و منغمساً بفخامة لغوية مراوغة عبر إيقاعات و أصوات عمياء:
كانوا لتوِّهم يكتشفون تسمُّم البئر فصرخوا..وانقطعتْ الكهرباء.
لم أرتوِ بعدُ من الحكاية، بقي على نهايتها القليل،
لكن الكهرباء قد انقطعت , وثمَّة ما لا يُقاومُ من دفعِ الخيال:
ولدٌ ونمرٌ مضيا على سطحِ سفينةٍ تقصِدُ كَنزاً مستحيلاً،
ليس وحدَهُ ولدُ السفينة مصاباً بسِحْرِ ذي الرجل الخشبية:
شريرٌ، قويٌ! جميلٌ! واسعٌ كبحر!...
وعلى الرغم من استبداد الذات و الأنا الظاهرة المستنجدة المنادية تبقى كتابة ( مفارقة العابر) من الكتابات التي تفتح الأسئلة الشخصية حول الإنسان و ما هو عليه و حول الحياة نفسها و ما تحتويها من تناقضات و ويلات و فقدان. ذات محمد أبو اللبن قلقة تتألم و تترجم أوجاعها بمجابهة الآخر المتأوه و عقد ( الغربة ) معه , الأخر ( القارئ ) المذهول هو الأخر من ذاته, و هي تتحول كل ثانية إلى ذوات أخرى و بمواجهات أخرى ( وإذ أصحو لا أنجو ) .
عن جريدة الثورة
08-أيار-2021
16-كانون الثاني-2021 | |
09-كانون الثاني-2021 | |
27-أيار-2020 | |
02-أيار-2020 | |
30-تشرين الثاني-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |