تمام تلاوي في تفسير جسمك في المعاجم .. البلاغة بوصف آخر
2009-05-24
لتمام تلاوي غير (تفسير جسمك في المعاجم) مجموعتان شعريتان هما (شعرائيل) (ومنزل مزدحم بالغائبين) ومع ذلك تبدو الفضاءات الشعرية هي ذاتها، واللغة القلقة ذاتها، والصور اللاهثة وراء بعضها البعض ذاتها، والمفردة الرخيمة الدسمة ذاتها، البناء المطرز بنقوش البلاغة المحتدمة ذاتها، لا شيء يدل إن فاصلاً أو حدوداً أو تقاطعات بين الثلاث سوى ألوان الطباعة على الأغلفة ومكان صدورها، لا شيء أكثر احتكاكاً بين المخيلة اللغوية الهادرة وبين محاورة صدى هذه اللغة وهي ترجع منتعظة من ثقل الدلالات والتشبيهات والإيقاعات الممزوجة بالكلمات المعجمية التي أرهقت النصوص وأجهضت حركتها وحريتها، تاركاً المعاني ملطخة بدمائها،قابضاً على عنق الصور، ضاغطاً على الأصوات التي تستغيث من وطأة الإيقاع ومن سوط (الأنا) المختبئة في كل كلمة وكل مفردة، الأنا الحاضرة الغائبة، الأنا الغاضبة البسيطة النبراتية التي تخاطب ذاتها من ذاتها، الأنا الصاخبة الغنائية التي تنبع من (التوالد المشهدي والفيض التخيلي مع روح صافية رتبت كآبتها الكحيلة لغة متقطرة الصياغة):
كنت هناك...
نبضي كان مزروعاً على الشرفات،
واللائي انتظمنَ على سِقائي ما قدرن على يباس القلب
صوتي كان محموماً وعمري بات أصغر من غيابك
ربما لو كنت أكبر لاجترأت على مطاردة احتمالك في الشوارع
كنت علقت الدموع على المداخل والمخارج
كنت قد أفشيت القصيدة هذه، ووضعت تفسيراً لجسمك في المعاجم.
لا تظهر في (تفسير جسمك في المعاجم) أفكار كبيرة أو مواضيع كونية ذات دلالة حياتية أو مستقبلية وإن كنا نلمس وبخجل مفرط التماعات إنسانية تبرق وتخفت بعلو الإيقاع وخفوت القافية في نصوص تشتبك بحذر مع قشور النثر وفي حيطة بالغة بترك مسافات بين النثري والتفعيلي لتخليق تعبيرات شعرية تثير الدهشة في أكثر من مقطع:
أيها الشاعر
شكراً للمزايا الهائلة
أنت تكتب وحروف النار تهربْ
لزوايا الطاولة.
ثم تكتب بينما الأقلام تنشبْ
عند ذيل الفاصلة.
تكمن خصوصية تمام تلاوي خلال نصوصه السابقة إنها متماسكة بشكل محمي كأنها مطوقة بأسوار حديدية من البلاغة ومدروسة بحكمة وإتقان وهو يعرف كيف يبني المعنى وكيف يجري بمفرداته (المعجمية) نحو القارئ، ليستعرض معه خياله الماكر الحلو اللون وذلك باستدراج هذا القارئ واستغضابه بتكوينات تعبيرية محيرة ذات ألفة ومرح غير معتادين في قصيدة التفعيلة السورية: (فتشت عنك فلم أجدني) (صمتي كعكاز طويل) (حاولت بالحبر.. وبالماء حاولت أيضاً).
شعرية (تفسير جسمك في المعاجم) نابعة من تجربة محترفة قادرة على إنتاج الحركة بين الدلالات مثلما هي قادرة على توليد الصمت وتكرير المعنى في أكثر من موضع وفي أكثر من سياق شعري.
جريدة الثورة
08-أيار-2021
10-تشرين الأول-2020 | |
( سلطانات الرمل ) للروائية السورية لينا الهويان الحسن .. الراوية في تبصرها الباذخ |
28-آب-2010 |
25-تموز-2010 | |
03-تموز-2010 | |
25-تشرين الثاني-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |