(على مسافة قبلة) لمعاذ اللّحام رحلة الأنا المؤلمة
2010-07-25
يرمي الشاعر معاذ اللحام في (على مسافة قبلة) بوصلته الشعرية وراءه ماضياًفي جهات الشعر الوعرة دون أن يلتفت يميناً أو شمالاً ونصب عينه في التنقيب عن مجاهلومغاليق الكلمات
كأنه في رحلةاستكشافية خطيرة محاطة بالمفاجآت حذراً من أن يقع في فخاخ اللغة ومطبات البلاغةوحفر النثرية السردية الموحلة، هي رحلة في أعماق الأنا إن لم يكن صميمها التيتتلاشى وتتوارى رويداً رويداً خلف الآخر المقابل ليتمازج الاثنان في قالب واحد وقلبواحد وبمشاعر متحدة نضرة تغلب عليها ذاكرة بوح ويوميات عشق تتفجر بالحكاياتوالمغامرات الخاصة جدا وما تخلفها من حيوات طازجة ينبثق عنها ذلك التناغم التلقائيللصور والمجازات الموحية المرنة الفضفاضة:
(هراء محض
هذا الألم كحملكاذب
إن تبقى منتظرا
ماذا تفعل كلهذه العصافير المقلمة على الطريق؟
ماذا تفعلللحصول على زيت حديث لنول اللغة ؟ )
أي إن صوتالشاعر معاذ اللحام خالد في العمق في المعنى المتحرك الذي ينازع صداه أو يبتزه فيسبيل الإبقاء على تلك النغمة المرحة التي تبدر من تتالي الكلمات والرنين السري الذيلا يتوقف في إيقاظ القارئ من أعماقه:
(أغمض عينيك
أمام المرآة
وابدأ الرسم).
معاذ اللحامشاعر تجاوز أناه في غمرة انفلات مخيلته وتبعثرها، بل تخطى صفاء اللغة على حسابالفكرة ليعبر وبمهارة مجازفات البدايات وإرهاصاتها الأليمة ،ويقف على بعد خطوات منصناعة تجربة يليق بشعريته وصوته الخاص:
(كوني لغتي
فأنطلق بك أفكربك
أكتب بك
وتسكنين فوقشفاهي ولساني
يتلمظك
فبدونك أغدوصامتاً كبئر
مظلماً كهوة.)
تنتمي شعريةاللحام إلى قصيدة التواتر الصوري السريع، فالصور هي تقود القصائد إلى جزالتهاوطزاجتها الأولى، وهي التي تقوم نيابة عن اللغة في أرشاد الكلمات إلى مطارحهاوتستعيد كثافة الجزئيات من سرديتها التي غالباً ما يقع الكثير من شعراء قصيدة النثرفي فخاخها، فالشعر يتوهج على بساطة المواضيع الحسية (نصوص الحب) التي تظهر بمهل فيالنصوص القصيرة جداً وتختفي أحياناً في المطولات الشعرية التي تغرق بدورها فيالإعراب عن الأمكنة والزوايا ونقل الرؤى والذكريات إلى حيز الاشتغال عليها فكرياًوذهنياً، لتبدو النصوص معرضة لثنائية اللغة، والرؤية وبالأخير تتكشف المعاني وتنفرطالصور وتتبدد شفافية اللغة وتضعف توترها الجمالي، ومن ناحية أخرى يحاول الشاعروبحذر راشد التخلص من سماجة الفكرة والدخول مباشرة في تضليل المعنى وتبسيطها عبراجتياح المفردة ومناورتها أو اللعب عليها من خلال تحريرها أو تحويرها بلاغياً،والحال هذه تفكك الكلمات نفسها بنفسها من ثقل اللغة ورطانتها وتبتعد عن التلقائيةالملوثة بجرثومة الاستبهام والمناورة اللفظية ( تقولين الشعر وغضبي يثار كحلمة) وقديجد القارئ في نصوصه الطويلة قدراً طائلاً من محاورات خفية مع الأنثى عبر المخاطبةوالنداء والاستخدامات المتكررة لضمائر شخصية تصل أحياناً إلى التقّرب الصوفي (الأناني) الذي لا يتوقف عند المحاكاة والوصف والمناجاة بل يمضي الأمر إلىالاستنجاد بأسلحة غير شرعية لمواجهة متاهات التعبير (الشهواني) الغريزي المشحونعادة بتوترات اللغة وتصادماتها، ومع ذلك يمضي اللحام على قدم وساق في فتح معابرجديدة للغة واستكشاف الجمالي فيها الذي يجعل للصور الشعرية أن تجني حظوة أكثر منالدلالات وما تخلقها دون الوقوع في مجاهيل المباشرة والفذلكة والعبثية.
معاذ اللحام (على مسافة قبلة) شعر - عن دار التكوين بدمشق 2010
كتب / جريدة الثورة
الأربعاء 21-7-2010م
إبراهيم حسو
08-أيار-2021
10-تشرين الأول-2020 | |
( سلطانات الرمل ) للروائية السورية لينا الهويان الحسن .. الراوية في تبصرها الباذخ |
28-آب-2010 |
25-تموز-2010 | |
03-تموز-2010 | |
25-تشرين الثاني-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |