عيون وآذان (... كانت «غلطة»)
2006-08-08
العالم كله أصبح يرى اسرائيل على حقيقتها، دولة توسعية عسكرية تقتل النساء والأطفال، إلا ان الرأي العام في الولايات المتحدة وحدها لا يزال يؤيد النازية الإسرائيلية لأنه لا يسمع عن هذه النازية، فعصابة الشر من المتطرفين اليهود الأميركيين والمسيحيين الصهيونيين تسيطر على الكونغرس، وتوجه الإعلام «التابلويد» في خدمة الجريمة.
غالبية اليهود الأميركيين ليبرالية ديموقراطية تريد السلام، والمسيحيون الصهيونيون اقلية بين المسيحيين، ومع ذلك فهم الأنشط، وقد أرسلوا في يوم واحد 3400 مندوب عنهم الى واشنطن لمحاربة نانسي بيلوسي، رئيسة الديموقراطيين في مجلس النواب، بعد ان ارتكبت «جناية» لا يمكن ان تعتبر جنحة في أي بلد في العالم غير اميركا، ما يستحق اشارة عابرة، فهي رفضت ان يوضع اسمها على مشروع قرار يؤيد اسرائيل، إلا اذا اضيفت إليه عبارة تحض الجانبين على الحد من الإصابات المدنية، في حين أصر النواب الآخرون على إطلاق يد اسرائيل. وهي في النهاية صوتت مع القرار، لكن مجرد محاولتها الإشارة الى المدنيين جعلت 3400 عميل لوبي يتدفقون على واشنطن لمحاربتها. وأقول مرة اخرى ان هذا حصل وحوالى 80 في المئة من اليهود الأميركيين صوتوا ضد جورج بوش مرتين، فكانوا أبرز طائفة اميركية في معارضته.
الصحف الأميركية الكبرى معتدلة، وأكبرها ليبرالي، ربما باستثناء صفحة الرأي في «وول ستريت جورنال»، ولو بدأت تسجيل اسماء لما انتهيت، ومثلها محطات التلفزيون الأساسية، غير ان هناك اضعاف هذه من الجرائد التابلويد في كل مدينة، ومحطات تلفزيون من نوع جرائد الإثارة مثل «فوكس نيوز»، والنتيجة ان كل استطلاع للرأي العام الأميركي قرأته بعد انفجار القتال، أولاً في قطاع غزة ثم مع «حزب الله» ايّد اسرائيل.
وبما ان جماعة اسرائيل افضل تنظيماً (لا يوجد جانب آخر حتى نتحدث عن مدى قدرته) فإن الصحف التي حاولت إبراز مواقف الجانبين تعرضت لهجوم القراء. وكانت «واشنطن بوست» الصحيفة الرصينة نشرت في 11/7/2006 مقالاً كتبه رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية عن العدوان الإسرائيلي، وتلقت الجريدة ألوف الرسائل المعترضة، وركز أكثرها على ان فصيل حماس «إرهابي» لا يعترف بإسرائيل، مع ان هذه ايضاً لا تعترف به. وأغرب من ذلك ان ريتشارد كوهن، وهو من كتّاب الجريدة الكبار، ويهودي ليبرالي بارز، كتب محذراً اسرائيل ومذكّراً قراءه بأن اسرائيل نفسها كانت «غلطة». وهاجمه قراء يهود كأنه من «حماس».
ربما كان الأمر ان الصحافة الأميركية التقليدية شاخت، والصحافية اللبنانية الأصل هيلين توماس كتبت في 27/3/2006 مقالاً عن تراجع الصحافة الأميركية لقي اصداء واسعة بعدما هاجمت تحديداً مراسلي البيت الأبيض الذين أخذوا كل كذب الإدارة وقلبها الحقائق من دون تحقيق أو مراجعة، فكان ان الأميركيين خدعوا بتأييد حرب غير مبررة راح ضحيتها حتى الآن ألوف من شبابهم مع اهل العراق.
هيلين توماس عميدة صحافيي البيت الأبيض على امتداد نصف قرن، وهي وصفت صحافيي آخر زمان بأنهم «كلاب مدللة للإدارة» واسترجعت ايامها وسام دونالدسون، وغيره من ابطال الصحافة المسؤولة، منذ فضيحة ووترغيت وقبلها وبعدها.
قبل 30 سنة او نحوها كنت شاهداً على عمل هيلين توماس فيما كان صحافيون من حول العالم يحيطون بوزير الخارجية في حينه هنري كيسنجر وهو يتحدث بجانب بركة السباحة في السفارة الأميركية في جدة، كما كانت في تلك الأيام. وبدأ الوزير الخطير يقول شيئاً فقاطعته هيلين قائلة: «هنري، انت تكذب...»، واعتذر كيسنجر وحاول ان يعيد صوغ عباراته، وقاطعته هيلين ثانية وقالت «هنري، انت تكذب من جديد». وأذكر ان الزميل سليم نصار كان موجوداً، ولعله يذكر هذه المواجهة.
اين هيلين توماس من الصحافيين الذين ألصقوا بالقوات الأميركية وغطى كل منهم نصف كيلومتر مربع من الحرب على العراق.
الساحة خالية لإسرائيل والمتطرفين الذين يدافعون عن جرائمها، وكان عدد القتلى من المدنيين اللبنانيين تجاوز مئتين في الأسبوع الأول من القتال، ومع ذلك فحوالى 50 من أبرز قادة الطائفة اليهودية قابلوا الرئيس بوش وأصروا عليه ان يرفض وقف إطلاق النار حتى تدمر اسرائيل ما تقدر عليه، أو «تكمل المهمة» كما أكملها هو في العراق. ثم قابل هؤلاء اعضاء الكونغرس وطالبوا بعقوبات على سورية، وعلى حض الدول الأوروبية على إعلان «حزب الله» منظمة ارهابية.
شخصياً أفهم ان يدافع يهود اميركيون او غيرهم عن اسرائيل، وأفهم ان أعضاء الكونغرس المرتشين أو الخائفين ينفذون ما يُطلب منهم، ولكن لجنة العمل في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية (ايباك)، أي اللوبي الرسمي، متهمة بالتجسس لإسرائيل، واثنين من ابرز اركانها، ستيفن روزن وكيث وايسمان، يواجهان قرارات اتهام رسمية مع لاري فرانكلين، الذي اعترف بذنبه، ويفترض بالتالي ان يمنع اعضاؤها من الاتصال بالمسؤولين الى حين انتهاء القضية، غير ان اللوبي من الفجور والنفوذ ان يخطب نائب الرئيس ديك تشيني في مؤتمره السنوي، وأن يضغط على الإدارة والمشترعين لتأييد الجرائم الإسرائيلية بدل ان يختبئ في «بيت الكلب» كما يقولون.
أكتفي من فجور الجماعة بشرح طلع به مالكولم هونلاين، نائب الرئيس التنفيذي لمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الذي يجمع 52 من اكبرها، فهو لم ير قتل مئات المدنيين في إرهاب حقيقي، وإنما قال ان هناك فرصة «لدعم اسرائيل للدفاع عن نفسها واتخاذ اجراءات لوقف الإرهاب».
الإرهاب اسرائيلي، والضحايا مدنيون، والاعتذاريون في اميركا مسؤولون عن دماء الضحايا مسؤولية الجيش النازي الإسرائيلي. وأكمل غداً ببعض الإرهاب الفكري.
الحياة - 09/08/06//
08-أيار-2021
02-تشرين الثاني-2006 | |
11-آب-2006 | |
08-آب-2006 | |
26-تموز-2006 | |
18-تموز-2006 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |