محسن مخملباف.. الطمع بالسلطة أم بالسينما؟
2009-07-27
سينما إيرانية إنَّما تصنعها عقول «كردية»، رغم أنَّها عقول مندمجة اجتماعياً وأخلاقياً في اللحظة الوطنية الإيرانية. ولعلَّ من أهم أسمائها الذين صنعوا السمعة الرفيعة لهذه السينما عباس كياروستامي وبهمان غوبادي ومحسن مخملباف.. هذا المخملباف الذي كان سيدفع حياته ثمناً لمعتقداته أيام الكفاح من أجل إنجاز الثورة الإسلامية لقلب نظام الشاه؛ إذ كان من الأيادي المقرَّبة من الإمام الخميني، فقُبِضَ عليه بتهمة محاولة قتل ضابط شرطة وبانتمائه لتنظيم إسلامي معادٍ للدولة، وقضى أكثر من خمس سنوات في السجن، وكاد يُعدم لولا أنَّه كان يومها دون الثامنة عشرة من عمره، حتى جاءت الثورة فخرج من السجن.
مع ذلك فمحسن مخملباف سينمائيٌ -ولو إنَّه لم يدرس السينما دراسة أكاديمية- يعيشُ لحظة بحث درامية عن الذات الممنوعة؛ ففي أفلامه الأولى تراه كردياً يتقاطع كثيراً مع (يلماز غوني) الروائي والسينمائي التركي من أصول كردية، خاصَّة في أفلامه: توبة نصوح، عينان عمياوان، البحث عن مأوى، مقاطعة. وحتى في الأفلام التالية: البائع المتجوِّل، راكب الدراجة، زواج السعداء. إذ كانت فكرة الذات عنده شديدة القوَّة لأنَّ عقله تواقٌ للقبض على الحقيقة، فلا يبقى تابعاً، ولا يبقى حطباً لحروب صغيرة أو يروح بين الأقوياء فرق عملة.
اليوم انقلبَ محسن مخملباف على إيران الثورة الإسلامية ليس في السينما، أي في فيلم سينمائي، ولكن في تصريحات هنا وهناك وعلى الفضائيات، فهو ضد انتخاب أحمدي نجاد رئيساً لولاية ثانية ومع موسوي.. برأيي لو أنَّ مخملباف قال ما قاله عن الثورة والانتخابات الأخيرة في فيلم سينمائي كما فعل بهمان غوبادي في فيلمه «لا أحد يعرف شيئاً عن القطط الفارسية» والذي تنبَّأ فيه بهذه الانتفاضة لكان أفضل. فالمجتمع الإيراني وثورته الإسلامية مازالا في درجة ضعيفة من التاريخية، فهو مجتمع شرقي والثورة فتية ومتطرِّفة، وهذه التقطها بهمان غوبادي وهو من المخرجين الشباب ومن أصول كردية كمخملباف، ففيلمه «القطط الفارسية» والذي تمَّ تصويره بشكل سري وبكاميرا رقمية -كانَ عُرض في مهرجان كان الأخير 2009- قدَّم موقفاً ساخراً من(الملالي). فالفيلم هو عن عنوان أغنية لفرقة»راب» إيرانية تنتقد وبتهكمٍ لاذعٍ قرار السلطة الدينية منعَ الكلاب والقطط من التجوُّل في إيران باعتبار أنَّها حيوانات «نجسة»؛ مع أنَّ هذه الحيوانات الأليفة لا يخلو منها بيت في إيران، ولأنَّها جزء من العمارة الداخلية للبيوت الشرقية، ما يذكِّرنا بأولئك المتفيقهين في العصر الأموي الذين كانوا يتفاقهون لإلهاء الناس/الشعب؛ فيجعلون من الفقه مطيةً ويعقدون مجالس ودورات ومؤتمرات يبحثون/ يشغِّلون البشر في: هل دم البراغيث طاهر أم نجس؟!! مما أغضب عالماً وفقيهاً كبيراً هو (الحسن البصري) فقال: يا عجباً ممن يلِّغ لسانه في دماء المسلمين كأنَّه كلب، ثمَّ يسأل عن دم البراغيث؟! لاسيما وأنَّ محسن مخملباف كان عملها،إذ قدَّم موقفاً نقدياً ساخراً هازئاً من (الملالي) في فيلمه «السحلية» 2004. وهو عن مجرمٍ يهرب بثياب/عمامة (ولي) تقع صدفة بين يديه وهو في مشفى السجن، فيرتديها متزيياً بزي الولي، مامنحه امتيازات سياسية ودينية واجتماعية واقتصادية، فيثري (يغتني)، ويصير عنده أتباع ومريدون ويترقَّى درجة دينية على غاية من الأهمية تصل حدَّ التقديس.
هو الطمعُ بالزعامة؟ محسن مخملباف سيخسر المبدع، إن لم يكن قد خسر السياسي. فالسلطة هي السلطة ستدافع عن (طربوشها) مهما كان لونه أو طوله، والوقوف مع موسوي ضد نجاد أو العكس يجب أن يكون وقوفاً مع الحركات الاجتماعية والثقافية الإيرانية التي تفكُّ جنازير الإيديولوجيا السياسية الدينية التي تتسلَّط و(تتسلبط) على رقابها. من قبل كان مع الخميني، ثمَّ مع خاتمي، ثمَّ.. ثمَّ مع نجاد، ثمَّ مع موسوي ضد نجاد!! كأنَّه رجل يريد يمتلئ بالسلطة وليس بالإبداع- بالسينما التي تنتصر للعقل على الأهواء.
08-أيار-2021
23-أيار-2020 | |
14-كانون الأول-2019 | |
05-تشرين الأول-2019 | |
17-آب-2019 | |
04-كانون الأول-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |