لماذا تفشل ( و ستفشل ) الليبرالية عربيا ؟
2009-08-06
بعيدا عن التنظير المحابي لليبرالية الذي يعتبر أن الليبرالية البرجوازية الغربية نبتة غير قابلة للغرس في التربة الشرقية المتخلفة , يمكننا أن نؤكد أن البرجوازية في الشرق , مهما كان توجهها الفكري أو السياسي المزعوم , لا يمكنها إلا أن تكون تابعة , ما دام منطق وجودها محكوم بالسعي وراء الربح , و ما دام الربح لا يمكن إنتاجه إلا عبر التفاهم (اقرأ التبعية ) مع سلطة الاحتكارات الرأسمالية الاقتصادية و السلطة العسكرية و السياسية لدول المركز الرأسمالي . لا توجد برجوازية يقوم مشروعها للبقاء في السلطة اليوم على المواجهة المباشرة مع النظام الرأسمالي العالمي , على الأقل كخيار أول رغم أن مواقف الإمبريالية نفسها قد تجعل منه خيارا وحيدا إلزاميا , و لنا في مصير الأنظمة البيروقراطية في أوروبا الشرقية أفضل مثال , هذا من جهة . كما يمكننا في نفس الوقت أن نؤكد أنه لا يمكن للسياسات الليبرالية , لا الجديدة و لا الكلاسيكية , أن تنتج اليوم نظاما سياسيا أو حتى اقتصاديا تعدديا , كما يروج بعض المنظرين النيوليبراليين , لعدة أسباب , من أهمها , أن منطق المنافسة الذي تزعم البرجوازية أنها تشجعه , يتحول بسرعة هائلة إلى منطق الاحتكار . إن منطق المنافسة السائد في السوق الرأسمالية هو أن البقاء هو للأقوى , و أن الأقوى سينتهي إلى الاستيلاء على السوق , إن منطق السوق الرأسمالية هو منطق الاحتكار , احتكار القوي و سيطرته . ناهيك عن الفقراء , ضحايا السوق الرأسمالية , فإنها حتى لا يمكن أن تعني المنافسة بين الأقوياء أنفسهم , في عالم كهذا لا يمكن ظهور منافس جدي لقوة الدولة البيروقراطية في مجتمعاتنا , التي تستخدم السياسات النيوليبرالية لإعادة توزيع الدخل بشكل يحد من حصة الجماهير بشكل أقل فأقل و للدفع بتركيز السلطة و الثروة في يدها . أما في العالم فلا يمكن أن يخلق النظام الرأسمالي العالمي أية سلطة أخرى غير سلطة الاحتكارات و المراكز القوية عسكريا و اقتصاديا , ليس للفقراء أي أمل إلا في النضال ضد النظام نفسه . في الحقيقة لم يسبق أن جرى تشويه الديمقراطية على النحو الذي قامت به البرجوازية اليوم , فحتى الفكر السياسي لليونانيين القدماء لم يعرف الديمقراطية على أنها حكم الأغنياء كما تفعل البرجوازية اليوم , الذي سمي يومها بالأوليغارشية لا الديمقراطية . إن أوليغاركية الأغنياء هذه لا يمكنها في أطراف النظام الرأسمالي الحالي إلا أن تقوم على العصا قبل الجزرة , باختصار لأن الجزرة التي يمكن تقديمها للناس هنا لا تستحق الاهتمام , و بالتالي وحدها عصا غليظة تستطيع إنتاج قبول ( أو بالأحرى خضوع ) الناس لمثل هذه الأوليغاركية . و بعيدا عن أوليغاركية الأغنياء هذه تبقى الحرية بعيدة جدا عن أن تكون وعد السادة و هبة الأقوياء , إنها حلم الفقراء و المقهورين , نتاج نضالهم الدؤوب ضد قاهريهم.......
مازن كم الماز
08-أيار-2021
09-كانون الأول-2012 | |
19-كانون الثاني-2010 | |
15-كانون الثاني-2010 | |
11-تشرين الأول-2009 | |
06-تشرين الأول-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |