قصة / أريدها صادقة....... أريدها عاهرة
2009-08-22
1
ليست المرة الأولى التي أشرب بها هذا الكم من الويسكي، وليست المرة الأولى التي أخرج بها من سهرة بعلبتي تبغ فارغتين تماما، وليست المرة الأولى التي أفعل فيها هذا كله وأنا أحمل في جوفي معدة خاوية على عروشها........ ليست المرة الأولى، لكنها المرة الأولى التي أفتح فيها باب منزلي وأنا أشعر أنني أرغب بتقيأ نفسي..... أهي تلك الأسئلة هي التي ضربت زلزالاً في رأسي؟ أمر وارد، فليس عادياً أبداً أن تكون ثملاً وأن يسألك صديقك القريب جداً.........ماذا تريد؟
2
أن تصرخ ملأ العالم، أن تفضح عيناها كل الجوع الذي اختزنته البشرية واجتمع بين فخذيها وبين أنيابها عندما تقرر الهجوم عليك، أن تشعرك بلحظة أنها قادرة على سكب الجليد على قلبك المحترق.
3
إنني أعيش وحيداً، لذلك لن أجد من أستطيع أن أسأله عن الطريق إلى الحمام، بناء عليه سأعتمد على ما تبقى من الذاكرة، ذلك الشيء الذي يحتوي على كل شيء، فناجين قهوة، مناديل ملوثة بما هب ودب من الإفرازات البشرية، ملاعق، أنواع مختلفة من المسكنات، مزيل تعرق، وآخر شيء يمكن أن يتواجد هنا بضعة كتب وبضعة أوراق...... إنها طاولتي.... ثلاث خطوات إلى الأمام ثم ألتف إلى اليسار فأجد الحمام..... ذاك الحقير كيف سألني ماذا أريد؟
4
عندما تشرع مؤخرتها للريح....... خذوها........... ادخلوها....... مزقوها....... عندما تشرع مؤخرتها للريح خذها..... لكنك مهما أخذتها ستشعر بالحزن، لأنك ستشعر أنك لم تأخذها بعد............ وأنك لن تأخذها أبداً........ لكنها وبكل براءة ستقول لك: خذها.......هي لك.
5
خطوة، اثنتان، ثلاث..... ما هذا؟ إنه البراد!!!! تذكرت الحمام إلى اليسار وليس إلى اليمين.
6
كل شيء في البيت في مكانه الطبيعي، هذا يعني أنني سأعيش كإنسان طبيعي..... رائحة البيت ليست عطرة لكنها رائحة بيت، بيت طبيعي لا يحتضن بين جنباته سبعة كؤوس من القهوة الجافة، وكأسي شاي تلونا بفعل الزمن، وصحن فيه قطعة سردين لم أتناولها قبل أسبوع لأنني قررت النوم فجأة بعد زجاجة البيرة العاشرة، ها أنت إذاً مستلقية على سريري الكبير، والكبير جداً بشكل غير مبرر، ولأنني أنا الأصلع لا أملك (سيشواراً) في منزلي فقد بردت المياه التي لم تنشف على شعرك وسادتي التي اعتادت السخونة، وغسلت شرشفي الأزرق برائحة الشامبو المحببة إلى قلبي، ها أنت تنتظرينني منذ الصباح وقد حضرتي كل شيء لليلة طبيعية ومن قال لك أنني أعرف كيف تسير الأمور في الليالي الطبيعية.
7
كالعادة لم انجح في أن أتقيأ، لكنني نجحت في إفراغ مثانتي بغض النظر عن المكان الذي فعلت فيه ذلك.
8
هي ذئب، وعندما تقول ذئباً فإنك سرعان ما تتخيل أنياباً متحفزة، فماذا ستفعل عندما تنبت الأنياب من قلب ابتسامة هادئة، لطيفة، حانية............. تشبه ابتسامة أمك.
9
الحرير الوردي سيد الموقف، حين تمرر إصبعك المقدس عليه سيقول لك بخبث ( وانتبه أنه سيقولها بخبث) (وانتبه إلى أنك ستتجاهل ذاك الخبث الذي سيكون واضحاً لك) سيقول لك: الطريق سالكة. وستشعر أنت أن الطريق سالكة، فيذهب رأس إصبعك المقدس بسلاسة لم تحدث أبداً من قبل، لكنه في الحقيقة لا يستمتع بهذه السلاسة بقدر ما يستمتع بكونه ينزلق، وأن ينزلق هنا معناه بالضبط أن يسلم نفسه للطريق........ تخيل ما الذي سيحدث عندما يسلم رأس إصبعك المقدسة نفسه للطريق...... تخيل.
10
كالأعمى مددت يدي لأتلمس الأشياء..... خزانة لا يمكن أن أقفل بابها لأنها حبلى بكل ملابسي وكتبي وأسراري، كرسي لم أعرفه، بل عرفت الغبار الذي نام عليه ......حقيبة اعترضت طريقي وعرفتها لأنها كالعادة تتسول مني أن أكترث لوجودها........ أنا في منتصف الغرفة على بعد خطوتين من السرير....... لقد وصلت.
11
هي وقحة لا تتورع عن فعل شيء...... ما هي حدود الخيال؟ هي أوقح من الخيال، هي التي تلتقط في عينيها إيماءة سخرية من إبليس..... إبليس الذي اعتقد أنه شرير ولعين لكنه......... إنها تسخر من إبليس, هي التي تشعرك أنك ستخسر الفردوس عندما تبدي للحظة شيء من التعاطف......... إنها ومع ذلك كله تمتلك وجه طفلة في السادسة من عمرها، هادئة، ومغلوب على أمرها.
12
هاهو سريري لقد عرفته من رائحة الجوع التي تلبسه...... تناثرت في مساحاته الشاسعة واعترفت...... ليست المشكلة في أسئلة صديقي الحقيرة..... المشكلة في محاولاتي للإجابة عليها.
13
كانت تمنع الهواء عني..... كانت تمسك دماغي لتصنع منه أشكالاً عدة، شجرة، سيارة، طائرة، منفضة سجائر..... كانت تجري اتصالاً مع الشمس لتسلط حرارتها على رأسي ثم تتبعه باتصال مع مديرية الكهرباء لتقطع الكهرباء عن منزلي..... إن لم تستجب المديرية لا يبق أمامها إلا تحطيم المروحة...... وكانت تقول دائماً: أحبك.
14
كان السؤال بوضوح: ما مواصفات المرأة التي تريدها ؟........... كان الجواب الذي ادعى الوضوح: أريدها صادقة، أريدها عاهرة.
15
كل ما تحتاجه هو الحنان...... قالت جملتها بطريقة عجيبة تذكر بنجمات سينما الستينات، صوت مرتبك خافت، تأثر بالغ في العيون، تحريك بطيء للرأس متناغم مع إيقاع الجملة، تماماً كما كن يقلن ( بحبك يا احمد) أو(ما يصحش كدة يا محسن) أو (أنا عمري ما هانسى كل كلمة قلتهالي) أنهت جملتها، ومررت يدها على خدي الخشن بطريقة تبدو مدروسة.......... ليس أمامي إلا أن أصدقك.... أيتها الكاذبة.
16
كنت أتلاشى في عتمة الغرفة وفي صخب الذكريات، يحاصرني السؤال الحقير لصديقي الحقير ومع ذلك تذكرت أن أضبط المنبه كي يوقظني صباحاًً في موعد ذهابي إلى العمل، أرخيت جفناً على جفن ومتت.
17
ذلك الخيط الوردي، أو البنفسجي، أو الأحمر، أو أبيض، وفي بعض الحالات يكون أسود، يطل مبتسماً من شرفة بنطالها الجينز (ساحل الخصر)، وهنا نتحدث عن نهايات الظهر وبدايات المؤخرة، يطل ذلك الخيط ليعطيك لمحة عن البقية، وطالما أنه ليس من الصعب تخيل البقية، فلن تكون تلك اللمحة مزعجة لك، إن المزعج الحقيقي هنا هو تذكيرك بحضور هذه البقية، وبأنك طالما رأيت هذا الخيط الوردي، فإنك مؤهل لرؤية ما تبقى، ولماذا أنت مؤهل؟؟؟ فقط لأنك رأيت، وبمعنى آخر فقط لأنك تملك حاسة البصر، وستكتشف لاحقاً عندما تغيب صاحبة الخيط إما لأنها ذهبت في طريق مغاير لوجهتك، أو لأنها غادرت الطاولة المواجهة لطاولتك في مقهى ما، ستكتشف أن كل ما حدث هو أنك قد دفعت ثمن امتلاكك لحاسة البصر فهل اعتقدت يوماً أن الله قدم لك الحواس مجاناً.
18
عندما أرخيت جفناً على جفن اعتقد أنني متت..... لكنني وعندما رن المنبه صباحاً عرفت أنني كنت نائماً.
08-أيار-2021
22-آب-2009 | |
04-حزيران-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |