العقل – أوشـو
2009-09-08
جان بول سارتر كتب سيرة ذاتية ، سمّاها « كلمات » . الاسم ذو مغزى . إنه السيرة الذاتية لكل انسان . . كلمات . . كلمات . . كلمات .
أنت مملوء بالكلمات ، و هذه السيرورة من الكلمات تستمر طوال النهار ، حتى في العقل . حتى عند نومك لا تزال مملوءاً بالكلمات ، الأفكار .
العقل تراكم من الكلمات فقط ، و كل شخص مُستولى عليه بقوة من قبل العقل . ذلك سبب الاستحالة المتزايدة لمعرفة الذات ، التي هي وراء الكلمات ، أو بعدها أو تحتها أو فوقها ، لكن أبداً ليست في الكلمات .
أنت لا توجد في العقل ، لكن فقط تحت العقل ، وراءه ، فوقه . أبداً لست في العقل . أنت رُكّزت في العقل ، لكنك لست هناك .
لاحظ أنت تركز في العقل ، و بسبب هذا التركيز الدائم تطابقت معه ، تعتقد أنك هو ، و هذه المشكلة الوحيدة ، الأساسية ، و مالم تَعي أنك لست العقل ، لا شيء ذي مغزى يمكن أن يحدث لك .
ستعيش في تعاسة ، هذه المطابقة هي التعاسة . كما لو ان أحداً تطابق مع الظل ، عندها كل الحياة تصبح كذبة ، كامل حياتك كذبة ، و الخطأ الأساسي مطابقتك مع العقل . أنت تعتقد أنك العقل ، هذا هو الجهل .
تستطيع تطوير عقلك ، لكن بهذه الطريقة الجهل لن يعالج . تستطيع أن تصبح ذكي جداً ، حتى عبقري . لكن بوجود المطابقة ، تبقى دون المتوسط جوهرياً لأنك باقٍ فيها ، مع الظل الكاذب . لكن ، كيف حدث ذلك ؟
مالم تفهم آلية حدوثه لن تتجاوزه ، و كل تقنيات التأمل آليات لتجاوزه ، لتجاوز العقل . تقنيات التأمل ليست ضد العالم ، انّها ضد العقل ، و حقيقة ليست ضده بل ضد المطابقة .
كيف تتطابق معه ؟ ما آلية ذلك ؟ العقل حاجة ، حاجة عظيمة ، و بشكل خاص للانسانية و هو الفرق بين الانسان و الحيوان . الانسان يفكر ، ويستخدم تفكيره كسلاح في صراعه للبقاء ، يستطيع العيش لأنه يستطيعه . دون ذلك هو أكثر انعداماً للجدوى من أي حيوان ، أكثر ضعفاً من أي حيوان . فيزيائياً من المستحيل له البقاء ، بقي لأنه يستطيعه . بسببه أصبح سيد الأرض .
إذا كان التفكير بهذه الجدوى العميقة ، نستطيع بسهولة فهم لماذا تطابق الانسان مع العقل . أنت غير متطابق كثيراً مع الجسد ، بالطبع فالدين يقول : « لا تتطابق مع الجسد » لكن لا أحد في الواقع متطابق معه . الجسد أكثر واقعية . الجسد موجود و مرتبط بالوجود بعمق ، العقل ظل فقط ، لذا المطابقة معه أكثر خفاءاً منها مع الجسد فقط . المطابقة مع العقل جاءت نتيجة تقديمه تلك المساعدة العظيمة لبقاءنا ليس فقط ضد الحيوانات و الطبيعة بل ضد الكائنات البشرية الأخرى . إذا امتلكت عقل ذكي حاد سوف تنتصر على البشر الآخرين . سوف تنجح و تصبح أكثر ثراءاً لأنك أكثر تحسباً و مكراً . العقل سلاح . . تذكر ذلك ، هو حاميك .
إذا قال أحدهم أن جسدك مريض لن تُحس بالأهانة ، لكن قوله أن عقلك مريض تُهينك . لكن لماذا ؟ لأنك لا تتطابق مع جسدك ، لكن مرض العقل ، العطب النفسي ، الجنون أوصاف تزعجك ، إنها أشياء حولك أنت و ليست عن جسدك الذي تتصرف معه كعربة ، كشيء تملكه ، لكن ليس مع العقل . مع العقل أنت العقل ، مع الجسد أنت السيد . هو تابع تملكه .
هذا العقل خلق تقسيم في وجودك أيضاً ، و ذلك هو السبب الرئيسي الثاني لتطابقنا معه . أنت لا تفكر حول الأشياء الخارجية فقط بل الأشياء الداخلية أيضاً . مثلاً : الجسد يملك غرائز ، تُفكر بها ، و ليس فقط تفكر أنت تقاتل ضدها ، قتال دائم داخلي . العقل يحارب الجنس و يحاول قولبته بطريقته الخاصة يكبته ، يمنعه ، يحاول التحكم به . العقل يحارب في الداخل و الحرب تخلق التقسيم بينك و بين جسدك . حتى تبدأ في التفكير بالجسد كشيء معادٍ ، لأنه يفعل أشياء العقل يعاديها . لأنه لا يطيعه . لذا يشعر العقل بالإهانة ، بالهزيمة فيهاجم الجسد و يبدأ التقسيم و أنت متطابق سلفاً مع العقل لا الجسد .
* * *
العقل هو أناك ، الأنا الخاصة بك . إذا الجسد أثير جنسياً . تستطيع القول : « هذا الجسد و ليس أنا ، أنا ضده » . و هنا العقل قرر ذلك ! أناك ضد الجسد لأنه محطّم عنيد للأنا ، لا يطيع قراراتها . كل سخافات الزهد ولدت هكذا ؛ الجسد لا يطيع لأنه الطبيعة ، لأنه جزء من كُلٍّ كوني ، لأنه يملك قوانينه الخاصة الغير واعية يتصرف تبعاً لهم ، و العقل يحاول خلق قوانينه فوق الجسد . عندها الصراع يبدأ ، و العقل يحارب الجسد ، يجوعه ، و بكل طريقة يحاول قتله .
هذا ما حصل في الماضي ، مع من زُعِم أنهم أناسٌ متدينون . صاروا مجانين ضد أجسادهم . أفعالهم كانت قليلها لله و كثيروها ضد الجسد . و مصطلح باحث عن الله أصبح يستدعي معاداة الجسد . شيء يتعلق بالأنا بعمق ، أنا تُحس الهزيمة ، تقرر عدم الغضب ، ثم ياتي الغضب ، الهزيمة .
* * *
الأنا تناضل للتحكم بكل شيء ، و العقل يساعد . و في محاولتك تلك تصبح متطابق معه . العقل آلة مفيدة جداً للاستغلال يتوجب عليك استخدامه لا التطابق معه . لا تشعر أنه أنت ، لأنك عندها لن تستطيع استخدامه . سيبدأ هو باستخدامك .
* * *
عنThe Book Of Secrets – Osho :
08-أيار-2021
08-أيلول-2009 | |
28-تشرين الأول-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |