Alef Logo
يوميات
              

صرخة أنثى ..!

نورة غانم بيطار

2009-09-13


اعتاد قلمي الكسول أن ينتظر دائماً من يوقظه و يحرضه للكتابة , لكنه لم يعلم أن من سيوقظه هذه المرة هو
( صرختها! ) , صرختها التي دويت طاردة النعاس و التعب اللذين أثقلا جفوني
( لا أريدك ) صرخت .., ( ابتعد عني , لا أطيقك , لم أعد أحتمل الحياة معك..) , صوت زجاج يتحطم, ضرب ثم اختنق صوتها: ( أرجوك اتركني .. خد ما شئت لكن اعتقني..!) و تعالى بكاء طفل صغير هو الغل الوحيد الذي يقيدها بذلك البيت...
هي الجارة التي وطدت علاقتي بصرختها منذ فترة , صارت صرختها رفيقة أذني تحرضني , و تؤلمني ..
لم اعرفها.. خفت أن أعرفها , ربما لأني خفت على نفسي من دمعتها , خفت لأني لا استطيع فعل شيء لأجلها , لا استطيع تخليصها من عذابها و أنهي صداقة لا أريدها مع صرختها.
الشرطة ستقول : هو أمر خاص بين زوجين لا نستطيع التدخل فيه , و هي امرأة اضعف من أن تشتكي و إن اشتكت فالقانون سيحكم بميزان الرجل لا العدل , أما المجتمع فهو أول من يقدمها قرباناً لقاتلها .
هي المرأة دائماً التي ما أن توضع في شهادة ميلادها كلمة ( أنثى ) حتى تتسلم معها كتيب التعليمات نواهي و أوامر ترسم لها طريق حياتها .. فالمرأة التي هي أجمل كائنات الأرض و أكثرها عطاء تتحول بورقة إلى مجرد أداة و أحياناً سلعة فقط لأنها الكائن الوحيد على الأرض الذي أعطاه الله ختماً إلهياً هو الشرف و العار معاً. و ما أن تقرا اللائحة محاولا البحث عن بصيص أمل حتى تصطدم بأوامر مثل :
نفذي ثم لا تفكري حتى بالاعتراض فصوتك أخفض من أن يسمع , كوني مثال الفتاة الطيبة , الرقيقة و المهذبة , الخجولة , و التي لا تعرف شيئاً عن الحياة,كلما كنت خجولة و جاهلة في الحياة أكثر كلما كان الطلب عليك أكبر ..! للأسف بعد أن بتنا في القرن الواحد و العشرين لازال هناك من يغتصب المرأة جسدياً و نفسياً أليس حرمانها من حقها في التعبير اغتصاباً لحريتها , أليس حرمانها من ابسط حقوقها بالسير في الطريق دون سماع نباح كلاب بشرية مقزز اغتصابا لأمنها , أليس كبت صرختها اغتصاباً لإنسانيتها , أليس الساكت عن الحق شيطاناً أخرس ترى كم من الشياطين تحوم حولنا و نحن لا ندري؟! أليس المجتمع شيطاناً عندما يبرئ المجرم و ينفذ حكم الإعدام بالضحية متذرعاً بحجج العذر فيها أقبح من الذنب ..؟! ( المرأة هي من تفتن الرجل الذي ببساطة لا يستطيع ضبط النفس فيفعل ما يفعل مغتصباً المرأة نفسياً و جسدياً ..!) أليس لهذا السخف من الكلام ما يجلب الاشمئزاز خاصة و نحن نعلم أن حوادث الاعتداء تطال حتى المنقبات !! أليس من المؤسف أن نصور الرجل الذي هو الأخ و الصديق و الأب و الحبيب على انه حيوان بشري لا يملك القدرة على ضبط شهواته ؟! و المرأة أليس لها نزواتها أيضاً كما الرجل ؟!
كم من المخجل أن نجد فئات ترتدي قناع التحضر و الانفتاح خافية وراءه تزمتها و تخلفها ..!
كم من المؤسف أن امرأة اليوم استطاعت تحقيق ذاتها و محطمة كل الحواجز التي تقف في طريقها تقف مدهوشة و عاجزة أمام مجتمع مريض لم يحدد هويته بعد , مجتمع يرتكب جريمة بحق الأناقة فيحاول ارتداء ثوب الانفتاح فوق الانغلاق فلا هو يعتمد على ثوب واحد فقط و لا يجد ثوباً جديداً على قياسه .
متى سيكف هذا المجتمع الذي انجب العلماء و الطيبين و الأنبياء عن إنجاب المتألمين و الطغاة , متى سنتعلم أن نزوع الزهور لا الحصرم ؟! و متى ستربي النساء من يحترمهن لا من يحرمهن؟! ترى متى سنجد مفتاح مغارة علي بابا المنسية و نجد الكنز المفقود لأن كلمة (افتح يا سمسم) التي ما مللنا قولها لم تعد مجدية ..!
( صرختها) هي صرختها في كل مكان و كلما كانت صرختها موجعة أكثر كانت الصفعة أكبر و لعل مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد الذي طرح سابقاً يكون آخر الصفعات..
جارتي.. صديقتي.. و المرأة الواقفة هناك و ربما أنا كلنا وجوه لعملة واحدة من الألم , عملة يهربها جلادونا بطرق ملتوية , أحياناً ضرب أحياناً صراخ , اغتصاب , كلام , حرماننا من حقوقنا , تجريدنا من حريتنا , و الإعدام اختناقاً بنفايات مجتمعنا..
إلى أن توقظ قلمي الكسول ضحكاتها لا صرختها يبدو أنني سأجافي النوم ..
تصبحون على أمل ..

نورة غانم بيطار

حمص في 7 / 8/ 2009

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

عذراً أيها الحب...!

23-كانون الثاني-2011

ذكريات مونديالية:

20-تموز-2010

سهرة مع الحب

21-نيسان-2010

صرخة أنثى ..!

13-أيلول-2009

و عدت لأخربش من جديد..!

08-أيلول-2009

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow