قصة قصيرة / حموضة الغياب
2009-09-16
الساكن فينا؟ طيف حضور أم وقع غياب؟
كلما هطل الندى على حدائقي تحضرين, ظبية اغتسلت بضوء النهار.. أعدو يسبقني لهاثي.. كلما اقتربتِ تبتعدي.. فأصحو!!
لا شيء في بساتيني سوى ورود ذابلة, وبقايا رائحة امرأة مرت ذات وقت, سكنت في َّ دم الوريد.. ترقصين يا أنتِ على نبض قلبي.. قلتُ استفتي الطبيب:
- كيف اقضي يومي مع امرأة ترجمني باللهاث!!
قال الطبيب:
- لست المريض يا فتى!
- والتي تعمرني باللهاث؟ هل تخرج مني يا طبيب؟
- صفها إذن!!
ورقصتِ, جلجلت ضحكتكِ.. ذهب الطبيب إلى غفوة ربما لم يفق منها بعد, ومضيتُ أنا في رابعة النهار أقطع الطرقات.. تضيق بي المساحات.. يحاصرني العسس عند المفارق.. أرفع شارتي الخضراء.. أتسلل من بين أصابعهم كما الجني تسكنه إنسية, تأخذه من الحلم إلى الحلم..
أصحو على قبض الريح, أو الوهم, ويقين, بأن ثمة امرأة تنتظرني على شرفة الوقت عند فاصلة بين الغياب والحضور!!
أدركيني يا امرأة, تذرف دمعي مع ندى الفجر وتقتات الغياب..
هل يخذلنا الوقت؟ أم تراه يأخذنا إلى عمر جديد؟
هل تطلين مع غبش المساء قمرا ؟
تفتحين نوافذ الرؤيا, ويعود الياسمين بعد الجفاف.. ولو بعد حين
***
عجز الطبيب أمام حالي حانقا زفر:
- غاض فيكَ الدم.. صارت تجاعيد وجهكَ أكثر ألق يا فتى!!
- ربما ذلك من علامات القلق؟
- ذبلَت عيناك, ترسبتا في قاع المحجرين, لكنك ترى أبعد من زرقاء اليمامة يا فتى!!
- ربما لأني أرى امرأة بعيدة على صورة حمامة!!
- انحنى ظهركَ, فصرت في ليونة عود الخيزران يا فتى!!
- ريما لأن دمي هرب من أوردتي إلى مستودع الأحزان؟
زفر الطبيب هزيمته وبكى:
- حالك يسكنه وجع لم يمر في أسفاري وكتبي يا فتى
الطب يكشف أعراض البدن, وأنا المريض بامرأة رسمتني بين عينيها تعويذة.. ومضيت تتقاذفني الطرقات.. كلما جئتُ مدينة يسبقني الحراس:
- غادرت بعد أن أعياها الانتظار
- هل تصفوها؟!!
- هي الموشومة بين عينيك يا فتى !!
هل ترى العين حاجبها؟..أنظر في مرايا الوقت..تلوح لي حمامة تهدل دمعا, مثل ندى فجر يحمل حموضة الفقد, تقطع المسافة بين قلبي والمدى صوتها يهمس في دمي وجعا:
- أي الرجال الساكن فيَّ أنتَ؟.. وأي النساء العاشقات الراغبات الراجفات وجدا أكون!!
هي الأقدار ما فرقنا ؟ أم هي أعراف القبيلة؟!
ما كنتُ يوما من أمراء داحس ولا أنت كنتِ في خيام الغبراء أميرة!!
لكنها خيول الوهم في وقت الردة, حصدت الأرواح غدرا.. .. زرعت الأرض أجنة ماتت قبل أن ترضع تباشير النهار..وصوَّرت الغدر انتصارا, فوجدتني عند حد الموت على وجهي أهيم.. ووجدتك في المدى تلوكين الوجع, كلما يومض أمام عينيك الذي هو أنا, يأخذك الفقد, يزرع على جلدكِ شوك الانتظار..
من منا خذل صاحبه؟
فالذي عاش طعم اللوز وأريج البنفسج وعرق التمر لا يعرف الغدر
هل يغدر الواحد الساكن فيه؟
ليعيش الموت في الموت؟
لا مفر.. أنت امرأة قدر
إن طالعتِ وجهكِ في المرآة ساعات السحر.
سيطل عليكِ من بين عينيك فتى ما زال على سفر.. حلمه بستان راحة بين نهديك..
08-أيار-2021
14-نيسان-2018 | |
30-تموز-2015 | |
13-تشرين الأول-2012 | |
16-أيلول-2012 | |
18-نيسان-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |