ارتاح وخليني فكر ـ 2 / وصية ورثاء لصديقي حمار غزة
2009-10-13
التأقلم مع المصائب مهنة أجيدها ، وتقنيات استجلاب الصبر واستحلابه ، أصبحت اختصاص مميز بالمنطقة وأنا من المنطقة لذا فلا غرو أن أجيد التحمل والصبر ، وأصبحت أسير بالطريق وأنا معطيا خدي الأمين ليصفع فأدير برشاقة ومهارة الخد الأيسر ،إلا ما حدث أخيرا وكيف أن السيد غولدستون الذي ما ولدته أمي ولا ينتمي لا لطائفتي وعشيرتي وحزبي ، رفض هذه الجرائم التي ترتكب بنا جهارا نهارا ، ورفض هذا الفتك بأطفالنا ونسائنا وشيوخنا ، فدبت به الحمية واستنفر عشائره وقبائله وللأمانة كانوا أوفى من السمؤل وأكرم من حاتم فجهدوا الجماعة وحشدوا كل قواهم ولفوا العالم وهم يعرضون صور أطفالنا وشيوخنا ونسائنا وعملوا المعارض وقدموا الوثائق لدرجة إن منظمات حقوق الإنسان وكل مساندي الحق بهذا العالم الكبير الغريب استنكر وشجب وطالب بتقديم هؤلاء الوحوش البشرية للمحاكم والحجر عليهم كوباء عضال يهدد سلامة البشرية والإنسانية ، ولكن للأسف وفجأة و ومع تعالي الأصوات وحمرة العيون وحمية وطيس النخوة العالمية ضد هذه الصهيونية وما تفعله بشعبنا ، زعق مندوبنا متسامحا ومطالبا بتأجيل نقاش هذه القضايا التي تسيء للقضية وتعطل دورانها وتوقف مصادر رزق مغتصبي سلطتها وتهدد ولي نعمتهم ، وانأ المهان تاريخيا والمذل منذ مطلع القرن ، والقرون التي أحملها أصبحت تشكل معلم تاريخي لا يقل عن العجائب السبع ، تعريت من كل شيء رغم العري الطبيعي الذي أنا فيه ، إلا ما حصل جعلني كما خلقتني يا رب ، يا رب ، الله يسخط هذه الأمة ، أكثر مما هي مسخوطة، يا رب أجلط هذه الأنظمة ، جلطة واحدة تودي بهم ، أكثر مما هم جالطين شعبنا ومورثيه كل أدواء وأمراض العالم ، فماذا نفعل الآن نتوجه للعالم ونحن نخوزق العالم ، نحشد التضامن العالمي ، ونحن نتآمر على التضامن العالمي ، ما بعرف كيف بدنا نقنع أخونا غولدستون هذا وبأي طريقة ، ما بعرف نستضيفه ، ندبج له خطاب مقفى ومقعر مأخوذ من البيان والتبيين .
وأنا بهذه الحالة التي هي بين الهذيان والجنون وصلتني نعوه صديقنا حمار الوحش في غزة ، هذا الصديق الذي أثر أن يترك السهول والغابات ويأتي لأرض الرباط ويرابط الحزين معنا ويلاقي الحصار مثلنا وكان مرتبكا ومقاتلا شرسا أيام العدوان يضحك لفرحنا ويحزن وينفلق لوضعنا إلا أنه لم يتحمل هذه الأخبار والمآسي فأصيب بذبحة قلبية وفارقنا تاركا وصيته التي لا أعرف كيف سننفذها .
الوصية : إياكم وإهانة الحمير وإطلاق لقب حمار على كل من ولغ بأرض هي أول المقدسات وقبلة الحق ووجه العدالة ، فالحمير حيونات أهلية ومرتبطة بالوطن والأهل ، وهي وفية لا تخون ولا تغدر وتعرف طريقها جيدا ، لهذا لا داعي إطلاق لقبي على الطالع والنازل ، فالهامل والسارق ، والبايع والوالغ ، والمهرول والمشمر ، والتابع والقابع ، ليس الحمير ، الحمير لاتبيع أرض أكلت منها ، ولا ساقية شربت منها ، للأمانة قدم أيضا احتجاجا لغويا أيضا ، حيث قال لي : شو ، ليش هذه الفصاحة ، منين نازلة عليك شو أكل هوا وبكتب نحوي، ولك هذا اللي صاير فينا من هوان ، وإذلال وما يمارس علينا من صفاقة وزعبرة يورث من الحزن والألم والوجع ما يجعل وضعنا مكشوف ومفضوح وهو ليس بحاجة لفصاحة ، وعليك أن تعرف لغة شعبية وطالعة من الوجع والألم والنزف ، لغة ما بتعرف سبويه ولا ابن خلويه ، ولا المدرسة البصرية ، ولا الكوفية ، لغة بتعرف تردح وتسب وتشتم، والأحسن أنك تهجم على كل مورثي هذا العفن والمرارة في حياتنا وتلقي بهم على مزبلة اي حاكورة ببلدنا الناطرة .
محمد زكريا السقال
برلين / 10 / 2009
08-أيار-2021
08-آب-2020 | |
04-شباط-2011 | |
28-كانون الثاني-2011 | |
11-تموز-2010 | |
10-تشرين الثاني-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |