أريد وطنا
خاص ألف
2011-02-04
زمن طويل وأنا أتجرع عذاب الغربة والتشرد، سئمتني الموانئ والمرافئ، وحقائبي كثيرا ما تمزقت وانفجرت، وانا كالغجر الرحل أضرب بهذه الأرض على غير هدى، أغص امام الخلق والعالم الذين وهبهم الله مساحة من الأرض فعمروها وتعايشوا بها وسقوها بريف العين وسموها وطن. وأنا أريد وطناً. وطن مترامي الأطراف وقادر أنا على الركض به، والتمرمغ على ترابه مثلما تفعل الخيول. وطن قادر على الصراخ به والرقص به. وطن أكتبه فيربت على كتفي كتلميذ مجتهد، وطن لا يحكمه العسكر والأمن بقدر ما يحكمه القانون وتسوده العدالة. وطن واقعي بسيط مثل أحلام القرية التي ولدت بها. يتنادى أهله للفرح، ويجتمعون على المصاب ويثورون على الظلم والإستبداد، ومضافاته تتسع لأماسيهم، تدور بها القهوة العربية على أحاديث مواسمهم واحلامهم.
منذ عقود سرق الوطن، وأمم أنسانه باسم الوحدة التي أصبحت خرافة تحول فيها الإنسان لرقم فاقد للإنسانية مقموع جائع، والحرية التي أصبحت سجنا ومعتقلاً وعذابات مفجعة. والإشتراكية بما يعني الجوع والبطالة والسرقة والفساد ولم يبق من هذا الإسم الجميل الوطن سوى خرائب تعتمل فيها الأفاعي والأمراض، وتفجرت فيه الأحقاد، وسحقته جزمات العسكر فهربت
لم يكن بمقدوري الإنتماء إلا لوطن. ما كان لي بعد الحلم بأمة كبيرة متسعة أن أتلطى وراء عشيرة لا أملكها، ولا طائفة.كما أنني لا أملك إمكانيات التزلف لأصبح مخبرا رخيصا، ولست قادرا على الصمت، ومن أول بيان كتبنا به الوطن ورسمنا فضائه ونسيم أشجاره، كان السجن لخمسة عشر عاما عقوبة وتكسير أطراف من أجل إعادة التأهيل كرقم صالح في خدمة السلطة، وبهذا نسينا ماذا نريد في البيان الثاني الذي لم نعطى فرصة للتفكير به وصياغته. لهذا فأنا لا أطمع بأكثر من وطن أحترمه وأصلي لأجله وأضحي شرط أن يحترمني ويتعامل معي كإنسان قادر على التفكير ومن حقه كتابه أفكاره ونشرها وقادر على الإحتجاج والتظاهر وينتخب مرشحيه وهذا ليس بالكثير. في بلدان الله الواسعة الذين يناضلون من أجل إنقاص ساعات العمل وزيادة الخدمات الإجتماعية التي لا تكتفي بتعويض البطالة بل بزيادة نسبتها لما يعادل نسب عالية تشجع على البطالة أحيانا، ناهيك عن الضمان الصحي الكامل وبحرية اختيار العيادة والمستشفى. هناك في هذه البلدان يضحكون على أحلامنا البسيطة والعادية بل الطبيعية. لهذا ليس كثيرا علينا أن نحلم بهذا الوطن ونسعى لتشكيله.
كم فرحت لثورة تونس وها أنا أرقص لمصر، فرحتي لا يمتلكها إلا الذين مثلي المحرومون من الوطن، وأكيد هؤلاء الشباب السمر ربيع مصر ووردها، أه كم راودتني نفسي بالسفر لمصر والإنخراط مع هؤلاء الشباب والصبايا والرجال الذين تدفقوا كمياه النيل ليقولوا، كفى عبثا وكفى ذلا وهوانا، أرحل أيها الطاغية أنت وأزلامك وبطانتك، اتركنا نبني وطننا ونسيجه بالحرية والقانون والعدالة والحب.
أه كم أشعر بأنني امتلكت وطنا، وكم استعجل الذهاب لمصر للقاهرة والحسين وخان الخليلي وميدان التحرير والجيزة. سأقبل الناس واتطهر بمياه النيل وأوزع الكحك كما يقول اخواننا المصريين. فمصر هرم الأمة وسيظللنا جميعا وسيرفد همومنا وأحلامنا ويرفع الذل والهوان الذي أصابنا. أه يا مصر كم كان غيابك ظلام وقهر، وكم مزقنا وشتتنا سجنك وحصارك وتقييدك، ولكنك تشرقين من جديد ونحن ننتظر قطاف مواسمك.
محمد زكريا السقال
الفجيرة / 1 / 2 / 2011
08-أيار-2021
08-آب-2020 | |
04-شباط-2011 | |
28-كانون الثاني-2011 | |
11-تموز-2010 | |
10-تشرين الثاني-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |