ملف / هيرتا موللر / مادة عن تاريخها الأدبي لإبراهيم درويش وقصائد مترجمة ل
2009-10-17
هيرتا موللر الحائزة على نوبل تبحث عن أسرار حياتها: كريستينا ذات المجلدات الثلاثة في أرشيف 'السكيورتاتا'! إبراهيم درويش
قبل اسبوع من فوز الكاتبة الالمانية الرومانية هيرتا موللر (57 عاما)، كتب معلق بريطاني مقالا عن قرى الالمان المهجورة في رومانيا والتي قال انها لم تعد مسكونة الا من الغجر، في اشارة الى الاقلية الالمانية التي كانت تعيش في رومانيا. وكانت هذه المرة التي اعلم فيها عن وجود المان هناك ظلوا يتكلمون لغتهم حتى تحققت الوحدة وهاجروا في موجات الى بلادهم الاصلية. ومع ذلك يظل اختيار موللر مفاجئا للكثيرين لانها لم تكن معروفة خارج عالم اللغة الالمانية، ورواياتها المترجمة للغات الاخرى مثل الانكليزية تظل قليلة، وفي تبرير لجنة نوبل التي منحتها الجائزة يوم الخميس الماضي قالت ان الروائية والقاصة الالمانية منحت الجائزة للغتها الشعرية ولدقة تصويرها وملاحقتها لقضايا المحرومين. ولأن الكاتبة لم تكن معروفة الا في الاوساط الالمانية فقد جعلت لجنة نوبل كتّاب الصحف والتعليقات يبحثون عن معلومات عنها لنشرها في اليوم التالي او الاكتفاء بما ورد على موقع اللجنة من معلومات عنها والكتب التي الفتها وجعلتها في موقع يؤهلها للفوز بالجائزة. ولأن الكاتبة عبرت عن مرحلة في تاريخ رومانيا او على الاقل تاريخ اقليتها في حقبة الحكم الشيوعي خاصة نيكولاي تشاوشسكو فقد ظلت في كل اعمالها مشغولة بهذا الهم حتى بعد هجرتها الى المانيا الغربية التي توحدت مع اختها الشرقية. وفي نص نشر على موقع بالالمانية نشره الملحق الادبي لصحيفة ' الغارديان ' يوم السبت (10/10/2009) تحدثت فيه موللر عن اشباح الحقبة تلك ورأينا تلخيص اهم ما في حديثها حيث تقول ان ' كل عودة الى رومانيا هي رحلة في الزمن الذي لا اعرف فيه اي حادثة من احداث حياتي كانت بالصدفة او مقدرة ' وهذا الامر جعلها في كل مرة تطلب الاطلاع على ملفها السري لدى الخدمات السرية الرومانية الاسم الجديد للمخابرات السابقة ' سكيورتيت '. وعلى الرغم من نهاية الحقبة الشيوعية ولأنها بنت تلك الفترة لا تزال الكاتبة تؤمن ان هناك العديد من الادلة تؤكد انها لا تزال تحت المراقبة. وهنا تستعيد حادثا لها بداية العام الحالي حيث دعيت لزيارة ' الكلية الاوروبية الجديدة '. وتقول انها رتبت في اليوم التالي لزيارتها لقاء صديق لها على العشاء. وتقول ان الصديق الذي حضر لأخذها من الفندق لاحظ شخصا يراقبه وأن موظفة او موظف الاستقبال في الفندق طلب منه ان يملأ استمارة الزوار وهو امر لم يكن معروفا حتى في زمن تشاوشيسكو وهو ما اخافه. الحادث اقنع الكاتبة ان الرقابة لم تتغير الا بالاسم وان المؤسسة الامنية الجديدة تعترف ان 40 % من موظفيها هم من موظفي السابقة.
ملف المخابرات
وتقول ان فريقا من الباحثين اطلعوا هذا الربيع على ملفات الامن الروماني التي اعدها عن المؤلفين الرومان الناطقين بالالمانية (اكشنغروب بانات) ومن بينها عثرت على الملف الخاص بها الذي كان يحمل اسم كريستينا، وجاء في 3 مجلدات من 914 صفحة وبحسب الاوراق فيه فقد فتح في الثامن من آذار (مارس) 1983 مع انه يحتوي على وثائق تعود لسنوات قبل هذه الفترة. وعن الاسباب التي جعلت المخابرات الرومانية في حينه تعمد إلى فتح ملف امني عن الكاتبة هو ما رأته المؤسسة الجاسوسية التشويه المتعمد من الكاتبة لحياة القرية الرومانية في كتابها الاول ' نظراء ' حيث قدم جاسوس تحليلا ً نصيّاً لهذا العمل، اما السبب الثاني فلأنها تنتمي الى مجموعة من الشعراء باللغة الالمانية' المعروفين بأعمالهم العدائية '. لم يكن الملف الذي تاقت الى قراءته شاملا للكثير من الحقبات الرهيبة في حياتها فقد تم حذف وحرق الكثير من الادلة، وفي محاولة منها لملء الفراغات التي حذفها الامن خوفا من الملاحقة في العهد الجديد تعيد قراءة حياتها وعبر ملء الفراغات في ملفات الامن تستعيد الكاتبة الزمن الذي هربت منه طوال اقامتها في المانيا.
المعمل
فمن بين الفترات المفقودة في الملف هي فترة عملها في مصنع التراكتورات 'تيهنوميتال' حيث عملت كمترجمة. وكانت تقوم بترجمة الادلة للآلات التي كانت تستورد من جمهورية المانيا الديمقراطية والنمسا وسويسرا. وتقول انها في عامها الثالث تم التحقيق معها من مسؤول تحت ذريعة التأكد من صلاحيتها للعمل في المكتب من خلال فحصين كان يشرف عليهما مكتب خدمات سرية ' ستانا ' وكان التحقيق محاولة لتجنيدها، وبعد رفضها ' التعاون ' مرّتين، قال لها مسؤول المكتب انها ' ستندم وسترمى في النهر'. ووجدت آثار الرفض للتعاون في اليوم التالي حيث وصلت صباح احد الايام لمكتبها لتجد القواميس التي تستخدمها في العمل مرميّة ً على الارض، فقد تمت مصادرة مكتبها ووضع مهندس مكانها ولم يعد يسمح لها بدخول المكتب مرة أخرى. وامام هذه الازمة لم يكن بمقدروها العودة للبيت لانه سيكون مبررا لفصلها من العمل. وبدون كرسي او طاولة للعمل، وبطريقة متحدية وحتى لا تعطي اي مبرر لشخص كي يقول انها لم تعمل، قضت ساعات العمل الثماني المطلوبة منها على درجات المبنى الاسمنتية بين الطابق الارضي والاول. وكان زملاؤها في العمل يمرون بها بصمت إلا صديقتها جيني، وهي مهندسة كانت تعرف الوضع حيث كانت وفي الطريق الى البيت تحدثها عن كل شيء، وكانت في فسحة الغداء تأتي اليها لتناول الطعام معها على الدرج تماما كما كانتا تفعلان في الماضي. ظلت الكاتبة على هذه الحالة تعمل على الدرج كما تقول مدة يومين وفي اليوم الثالث قررت الجلوس قرب مكتب جيني التي افسحت لها مجالا ً في الزاوية، إلا ان الصديقة اخبرتها انه لا يمكنها المواصلة لخوف الزملاء الاخرين في المكتب منها ولظنهم انها ' مخبرة '.
وتقول ان القذف، الاتهام بالتجسس، كان في صورة منه محاولة لإجبارها على الاستقالة. وفي هذه الفترة المضطربة من حياتها توفي والدها. وافقدتها الوفاة السيطرة على نفسها ومن اجل اعادة الثقة بالذات وبالوجود بدأت بكتابة سيرة حياتها التي جاءت على شكل قصص وحكايات اطلقت عليها ' النظراء '. وتقول ان اشاعة كونها مخبرة لرفضها ان تكون جاسوسة كانت اسوأ من محاولة تجنيدها ومن تلقيها تهديدات بالموت، لأن الاتهام جاء من الاشخاص المفترض ان يحموها ولهذا كان اشد من تهديد الموت، لأن الموت جزء من الحياة أما الاتهام فيشبه اختلاس روح انسان. وتواصل قائلة ان الوضع الذي عاشته استمر لمدة طويلة وبدا بلا نهاية، وربما استمر لأسابيع وبعدها فصلت من العمل. بمقارنة معاناتها في هذه الفترة بما ورد في الملف تقول ان هذه المرحلة الصعبة من حياتها لخصها الملف بكلمتين فقط بخط اليد وجاءتا على هامش تقرير تحقيق، وجاء التعليق بمناسبة استعادتها بعد سنوات محاولة تجنيدها في المصنع حيث كتب المحقق بخط يده 'هذا صحيح '.
ثم جاءت الملاحقة والتحقيق
لا يحتفظ الملف بما جرى لها من تحقيقات والتي اتخذت شكلين اولهما انها لم تكن تبحث عن عمل وهي تهمة، وانها كانت تتكسب من الدعارة ومن صفقات السوق السوداء وتعيش كعنصر طفيلي على المجتمع. ومن الاسماء التي ذكرت انها تعاونت كمخبرة، وهي اسماء لم تسمع بها من قبل فقد اتهمت بالعمل كجاسوسة لصالح خدمات التجسس الالمانية الفدرالية في المانيا الغربية، فقط لأنها كانت زميلة لعاملة في مكتبة معهد غوته ولمترجمة في السفارة الالمانية في بوخارست. تستعيد الكاتبة هنا ذكريات تلك الفترة مثل الساعات الطويلة التي قضتها في جلسات التحقيق التي لم يكن المحققون بحاجة لأوامر اعتقال فقد كانوا يلتقطونها من الشارع.
حسناً أيتها العاهرة: أين العرب؟
في احدى المرات كانت في طريقها لصالون التجميل فقبض عليها رجال الشرطة واحضروها الى باب حديدي ضيق لقاعة ارضية في مسكن وكان فيها ثلاثة رجال بالملابس المدنية. رئيسهم كان رجلا نحيفا طلب هويتها وقال ' حسنا ايتها العاهرة، ها اننا نلتقي مرة اخرى' مع انها لم تره من قبل، وبحسب زعمه فانها مارست الجنس مع ثمانية طلاب عرب واخذت مقابل ذلك ادوات تجميل وملابس داخلية. وتقول انها في تلك الفترة لم تكن تعرف اي عربي. وعندما ردت بالنفي قال لها انه بمقدورهم العثور على 20 شاهدا من الطلاب العرب مضيفا ' سترين، وستكون محاكمة رائعة '. وظل يرمي هويتها على الارض المرة تلو الاخرى وكان عليها ان تنحني لأخذها. حدث هذا ربما ما بين 30 الى 40 مرة، وعندما كانت تبطئ في التقاطها كان يرفسها على ظهرها. وتتذكر انها سمعت من خلف الباب صوت امرأة تصرخ، تعذيب او اغتصاب، وكانت تأمل انه مجرد تسجيل. واجبرت في الجلسة على ابتلاع 8 بيضات مغليات وثماني رؤوس بصل خضراء وقطع كبيرة من الملح، وبعدها فتح الرجل النحيف الباب ورمى هويتها ودفعها من الخلف حيث هوت على وجهها على العشب. وتقيأت دون ان ترفع رأسها ودون عجلة التقطت الهوية ورجعت الى البيت. وكانت تجربة الجر من الشارع بدون امر اكثر خوفا من الاعتقال لأن الجرّ كان يعني ان لا احد سيعرف اين ستكون وقد تختفي دون ان يعثر عليها احد، وربما اغرقوها كما هددوا من قبل، والتبرير حاضر لديهم دائماً فالغرق انتحار.
مداهمة وحرب نفسية
ومقارنة مع ما تتذكره لا تشير الملفات الى التحقيق ولا الى اوامر المقابلة ولا الى جرها من الشارع. وتشير الى امور اخرى ان الامن كان يحضر الى البيت في اي وقت شاء خاصة عندما لم تكن العائلة في البيت، وكان البوليس السرّي يترك آثاره من اعقاب السجائر والصور التي نزعت من الجدران وتركت على الكراسي والكراسي التي حركت من امكنتها. وفي كل مرة كانت تأكل فيها كانت تفكر ان الطعام ربما كان مسمما. والملف لا يذكر اي شيء عن هذه الحرب النفسية.
صحافي مسكين
ومن الاشياء المفقودة في الملف زيارة صحافي من مجلة دي زيت حيث جاء لإجراء مقابلة معها بعد نشر عملها الاول. وكان قد ارسل برقية يخبرها عن قدومه لكن الامن حجزها بعد التنصت عليها. في نفس الوقت ولانها لم تكن تعرف بالبرقية ذهبت الكاتبة مع زوجها الى الريف لزيارة والده. في الوقت نفسه كان الصحافي يعتقد ان الكاتبة في البيت تنتظره، حيث حاول اكثر من مرة دق الجرس، وعلى مدار يومين وفي اليوم الثاني تعرض للضرب من رجال ثلاثة كانوا مختبئين له في الطابق الثاني وضربوه بشكل مبرح وكسروا له اصابع قدميه وبسبب تعطل المصعد ولأن الكاتبة كانت تعيش في الطابق الخامس اضطر الصحافي للزحف على يديه حتى الطابق الارضي. وفي البحث عن ذكر لهذا الحادث لا توجد اية برقية من البرقيات التي اعترضها الامن وجاءت اليها من غرب اوروبا مما يعني ان زيارة الصحافي وضربه لم تحدث ابدا.
حذف
وتقول الكاتبة ان الاستخبارات ( الأمن ) حذفت كل الاعمال التي ارتكبها المحققون حتى لا يتم تحميل اي منهم المسؤولية القانونية حالة فتح الملفات. فقد تحولت الاستخبارات كما تقول، في فترة ما بعد تشاوشسكو الى ' وحش مجرد بدون فاعل او متهم '. الصحافي الذي تعرض للضرب اعتقد انه بالسكوت على الحادث كان يقوم بحماية الكاتبة وزوجها، لكنها ترى ان الصمت كان اكثر ضررا من الفضح فهي ترى ان الصمت كان خطأ لأنه من خلال النشر كان يمكن حمايتها، فالتهمة التي وجهت لها بالتجسس لصالح مخابرات المانيا الغربية منعتها جائزة قدمت اليها من تلك الدولة، مما منع من تحقيق المحاكمة او حتى الاعتقال.
الهواتف مراقبة
كان بامكان الصحافي تجنب ما حدث له لو قام بالاتصال هاتفيا قبل حضوره، لكن الهواتف كانت محدودة في رومانيا وكان الطلب يأخذ أعواما قبل ان تتم الموافقة عليه. وتقول ان الدولة عرضت منح هاتف لها بدلا من الانتظار الطويل وهو ما رفضته لأنه اقصر وسيلة للامن للمراقبة وحتى من كانت لديهم هواتف كانوا يضعونها على الثلاجة ويفتحون مسجل حالة زيارة اصدقائهم.
الصديق الذبيح
رغم كونها مراقبة الا ان الملف يغفل الكثير من المراحل المهمة من حياتها فهو لا يأتي على ذكر صديق العائلة رونالد كيرتش. كان يزورها تقريبا كل يوم بعد نهاية عمله كمهندس في مسلخ. كان يهوى التصوير وكتب اشعارا نشرت بعد وفاته تحت عنوان 'حلم قطة القمر' (1996)، فقد وجد ميتا في شقته عام 1987 وبحسب الجيران سمعوا اصواتا وصراخا قادما من الشقة مع ان السلطات اعلنت ان سبب الوفاة انتحار، وهو ما لم تصدقه، لعدد من الاسباب منها تعجل السلطات في اخراج اوراق الوفاة والدفن لوالده مع ان الإجراءات البيروقراطية في ذلك البلد كانت تأخذ وقتا طويلا، ولأنه دفن سريعا بدون تشريح، ورغم ذلك ففي الملف الضخم لا ذكر ولا حتى لزيارة للصديق. 'مُحِيَ اسمه. لم يكن هذا الشخص موجودا ابدا'.
صديقة وجاسوسة
على الاقل بدد الملف شكوكا حملتها حول صديقة العمر جيني، فبعد التحرش بها في المصنغ ظلت تزورها بشكل شبه يومي. وبعد عام من هجرتها وزوجها الى المانيا، جاءت جيني لزيارتها في برلين. وتقول انه حينما شاهدت جواز سفر صديقتها في مطبخ الشقة ببرلين لاحظت تأشيرات لليونان وايطاليا والمانيا وعندما سألتها ' لا تحصلين على جواز مثل هذا بدون مقابل !' كانت اجابتها ان 'الامن السري ارسلني. واردت مخلصة رؤيتك ' لأنها كانت مريضة ولم تكن متأكدة انها ستعيش طويلا. واكتشفت الكاتبة ان الامن طلب منها، اي جيني، قضاء شهر عند صديقتها ومراقبة اسلوب حياتها، وعاداتها وتقديم تقرير عن محتويات الشقة. ووعدت الصديقة ان تخبر الامن بالمعلومات المتفق عليها. لكن مجرد التفكير بان صديقتها مبعوثة من الامن اثار شكوكها كل يوم حتى جاء يوم فتحت فيه حقيبة صديقتها ووجدت فيه رقم القنصلية الرومانية في برلين ونسخة من مفتاح الشقة بشكل جعلها تشك ان الصديقة كانت عميلة منذ ان كانتا معا في المصنع، لكن الملف أدى إلى طيّ هذه الصفحة وبرّأ الصديقة الميتة من تهمة التجسس.
انفصام
بعد نشر عملها الاول في المانيا بدأت الدعوات تنهال عليها للمشاركة في المهرجانات الادبية والجوائز تمنح لها. في البداية رفض النظام السماح لها بالخروج لكن الامن غير الاستراتيجية من خلال اظهار ان الكاتبة تنتفع من النظام، وبالتالي فهي عميلة له ونظم والحالة هذه استراتيجية لارسال معلومات مضللة للجماعات والمؤسسات المؤثرة لخلق هذه الصورة عنها وظلت صورة الكاتبة العميلة التي صنعت في اروقة الامن الروماني تلاحقها حتى بعد هجرتها، فهي كما تقول في ملف الامن عبارة عن شخصيتين نفسها واخرى، ظل من صناعة دائرة التضليل اسمها كريستينا وتصفها باللعبة ومن هنا تعلق على الانفصام في حالتها بالقول ' اينما ذهبت كان عليّ العيش مع هذه الدمية، فهي لم ترسل لملاحقتي فقد كانت دائما تسبقني. مع اني، منذ البداية كتبت دائما وفقط الديكتاتورية الا ان الدمية اختارت طريقها الذي تسير فيه حتى هذا اليوم، لقد اصبحت شخصية مستقلة عني، مع ان الديكتاتورية ماتت منذ عشرين عاما، فالدمية لا تزال تعيش في حياتها الشبحية، لمتى؟ ' لا تعرف . موللر في هذا النص ترى ان اشباح الماضي لا تذهب بمجرد تغيير المكان فما دخل في الوعي يبقى فيه ولهذا يبدو الموقف ساخرا ان الكاتبة التي رحلت غربا هربا من طغيان الواقع ظلت تعيش وتستعيد لحظاته بشعرية هي شعرية الطغيان، ويبدو انها لا تريد ترك الحبل للريح وتتحرر منه اي الماضي. فالملف وان حذف وقائع من زمن مضى الا انها ظلت وبوعي تبحث عن النقاط السوداء والفارغة كي تملأها.
يذكر ان موللر مولودة في قرية المانية رومانية ودرست في جامعة تيمشوارا وعملت في مصنع للتراكتورات كمترجمة. نشرت اول عمل لها خارج رومانيا. والدها عمل حارسا في الشرطة النازية اما والدتها فقد نفيت الى معسكر اعتقال في الاتحاد السوفييتي بعد الحرب العالمية الثانية. من اعمالها المترجمة الى الانكليزية 'نظراء'، 'ارض البرقوق الاخضر'، 'الموعد' و 'جواز سفر اقنعة'.
القدس العربي
خيانات عن الألمانية هرتا موللر
عندي ولع بالرقم 3
نيتسكيدورف، رومانيا (1953)
الأغبى أنّ العشب يجري منذ ساعات
في فستاني الجديد هنا وهناك وأنا
أجلس على المقعد الاسمنتي واحدة من خمس نسوة أمام
صالون الحلاقة
الأولى حمقاء
الثانية كبيرة الأعين
الثالثة خبيثة
الرابعة والخامسة كلتاهما أنا لأنّ تحتي بقعة
ماء صغيرة أرى نفسي فيها
وعليَّ أن أصنع التقطيبات والعرّات وإلاّ لما استطاعت
واحدة من الاثنتين اللتين هما أنا أن تميّز قطّ بين القبعة الفرو
على رأس الأخرى والطائر الميّت في بقعة الماء.
•••
مساء تدفع كلّ مشمشة
حجرا صغيرا في بطن الأخرى
نحن كذلك ثلثا جميع القطط
تشعر بأنفسها في العام الخامس
تركض هوائيّة إلى الغربة - في حقيبة اليد الصغيرة
فقط الشعر ومن جسر السكّة يغامر القمر
عبر الملعب كمثل منطاد بالدخول إلى البيت
يملك 11 ظفرا معلقا على خيط
انظرْ عندي ولع بالرقم 3.
•••
لاوي الملاعق يقول
يمتد الثلج مرتديا الثوب الأبيض هكذا
الاستعمال العاري للشوارع النحيلة
الالتواء القليل في طاسات الموكا
صندوق الكراموفون الصغير رفش القلب
في استطاعتك طبعا أن تعرفي أن كلّ هذه المادّة
ستصير في ما بعد مخدّتك المربّعة
أمّا أنا فقد تمت تهيئة لباسي لرحلة قصيرة فحسب
هواء فتيّ أو جوع قديم
أودى بثبات قبّعتي
أتى الملك بضريبة السكّر صاح وصمت
جاء ملك جديد بالنصر المرتجف.
•••
حالما أشقّ البطيخة فإن رجلاً قزماً كبير العينين
يهبّ في الداخل
في جوفها
من النوم يقول: بالطبع رأيتِ يا مدام
كيف البذور السوداء الجميلة تذهب تنفخ في الناي
تعلمين بالطبع أن المرء يمكنه أن يقتل بالسكّين
لماذا تشدّين مفرقي البارد
شخص مثله سعيد الحظ
ينوّم نفسه بعيدا في الأحمر حينما أنا
ألقي نفسي في قلب البيت
فإن الشوارع مصبوغة بخبز أبيض.
•••
كانت الساحة على الرأس
ثقيلة للغاية وخالية في هذا الوقت
حوالى الثالثة حيث أتى شخص وحيد
فأعطيته قبّعة عندها قال ماذا أفعل بها
قلتُ حينما كان يتشمّمها
يا رجل
فلتأخذها.
ترجمة عبد الرحمن عفيف
عن النهار اللبنانية
08-أيار-2021
14-تشرين الثاني-2010 | |
23-حزيران-2010 | |
19-نيسان-2010 | |
05-نيسان-2010 | |
09-كانون الثاني-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |