بين الإيمان بالديموقراطية كقيمة و أسلوب حضاري لإدارة الحكم و التداول على السلطة و بين ممارسة الديموقراطية في الواقع من طرف الأنظمة السياسية العربية بون شاسع .لدلك انبعت من فكري هدا السؤال و لو أني لا أود أن يكون استنكاريا كما تهاطلت في هواجسي مجموعة من الإجابات فتحت دماغي على أسئلة أخرى من قبيل هل تقبل ثقافتنا العربية بالاختلاف و التعدد ؟ إلى أي حد استطاعت بيئتنا الثقافية من المدرسة إلى الحياة الأسرية في تطعيمنا بثقافة الاستبداد و اللاتسامح ؟ إلى أي مدى تستمر الشاشات العربية في إشاعة العنف بين الأجيال وتربية الأفراد على الهتاف للزعماء و عبادة الحكام ؟

كيف أصبحت شعوبنا منافقة عندما تخرج للتمسك بالحاكم المستبد و تطلق الهتافات المؤيدة لاستمرار واقع مأزوم؟ وما السبيل لإزاحة الاستبداد من جيناتنا و من لا وعي الجماهير ؟ مند أن ابتلي الحكام العرب بموضة ترديد مقولة الديموقراطية بمناسبة خطاباتهم أو جلساتهم الحوارية مع الإعلام الغربي لم تعد لمفهوم الديموقراطية أية معنى بل غدت هده اللفظة الشهية متسخة كمنديل ينشف فيه المدعوين أيديهم بعد وليمة فاخرة أو كمادة متعفنة انتهت صلاحيتها.

يسعدني أن أستمع إلى الرئيس التونسي الذي تتسع سجون نظامه إلى كل المعارضين السياسيين وتسمع مخابراته بدبيب النمل في الشوارع يسعدني و هو يتحدث عن الديموقراطية. كما أضحك عندما يتكلم الرئيس المصري حسني مبارك عن الديموقراطية و أضحك أكتر حتى تظهر أضراسي عندما يصرح و زير داخليته أنه ليس لدينا في السجون سوى 3000 معتقل سياسي.

أستأنس بحديث القدافي و هو يعطي الدروس في إدارة الحكم من لجانه الشعبية و أتألم كثيرا عندما أقرأ أن تكسير أطراف المعتقلين السياسيين و تركهم بلا علاج يئنون من الألم هو أنجع الطرق لحملهم على الاعتراف في السجون الليبية. يعجبني حديت الملك عبد الله عن حقوق الإنسان و محاربة الفساد لكن أتعود من الشيطان عندما أقرأ تقريرا يؤكد أن اغتصاب المعتقلين السياسيين ظاهرة منتشرة في معتقلات و مخافر التحقيق الأردنية .

في عالمنا العربي ليس المهم أن نطالب بالديموقراطية فهي متوفرة بكثرة في و سائل الإعلام و في جيب الحاكم يلقيها بكرم على المسامع و كفائض إنتاج لغوي قابل للتصدير في شعارات الطبالين و المزمرين على الجرائد خلاص شبعنا منها و الشعوب ملت من ترديدها .

سألت أحد القرويين في مدشر من المداشر البئيسة ما ادا كان يعرف الديموقراطية ؟ أجابني بأنه يسمع عنها كثيرا لكن لم يسبق له أن صادفها في حياته . و ألح علي أن أصفها له هل هي طويلة أم قصيرة؟ متزوجة ول عانس بكر ول تيب ؟ قلت له إنها مغتصبة قال لي بالله عليك قل لي من اغتصبها. أنهيت معه الحوار ب مليش في السياسة .