قبلتين و درس
2010-01-06
خاص ألف
و بعدها تعلّمت ألاّ قبل بالمجان و أنّ كلّ شيء قد يصير شيئا آخر.
حينها كنت صبيّا أسكن أنا و العالم داخلي و كانت ملامسة العالم الآخر مجازفة لا تتمّ إلاّ عند الاقتضاء، قالت لي ميساء، بصوتها الطازج و لون بشرتها الرملي إنّني إنسان ورقيّ لأنّني لم أقوَ على تقبيلها وسط ساحة المدرسة و إنّ الصبيان هم من يركضون عادة خلف الصبايا. كان عمري في مثل عمرها، ثلاث عشرة سنة غير أنها كانت تفوقني فطنة و ذكاء. يومها تعلمت أنّ كل أنثى في سنّك هي بالضرورة أكبر منك.
لم أعد بعد دروس المساء لبيتنا، وقفت طويلا تحت أمطار دسمبر الغزيرة بإرادة محارب حتّى أتيقن أنّني رجل و لست من ورق. دخلت المنزل قبيل العاشرة. صرخ أبي في وجهي و عاقبتني أمي لتأخري و وقوفي تحت المطر. رفضت أن أبكي و لم أقدّم أعذارا لأحد لأنّني كنت أود أن أقنع نفسي أنّني لست من ورق.
صباحا قلت لميساء إنني لست من ورق و إنني وقفت لساعات تحت المطر دون أن أصاب بنزلة برد و إن أمي عاقبتني و لم أبكِ.
قالت : قبٍّلني إذن.
كان امتحانا صعبا جميلا و عسيرا.
لن أنسى، كان يوم خميس مشمس، شمس ما بعد المطر و كان صوت الطيور يملأ ذاكرتي.
ترددت كثيرا و قبل أن تعيد ما قالته أمس قبّلتها.
بكت و اشتكتني للمدرسة، أحضرت من رأوني أقبّلها فلم أجد غير الاعتراف بخطيئتي.
عوقبت مجددا. ضربتني المُدرِّسة لتطاولي أمام التلاميذ و أرغمتني على الاعتذار لها.
رفضت ميساء الاعتذار و تمسكت بحقها في القصاص. أن تُقبّلني كما قبّلتها أمام التلاميذ.
سخر مني الجميع و واسيت نفسي لأنني عدت بقبلتين و درس.
محسن الوكيلي
كاتب مغربي
02/11/2009
08-أيار-2021
06-كانون الثاني-2010 | |
01-تشرين الثاني-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |