حولوا الإسلام إلى عقيدة رعب وهلع !
2007-12-10
يقول الفيلسوف الإنساني برتراند راسل: " إن الخوف هو مصدر الخرافة الأول، وأحد المصادر الرئيسة للسلوك الوحشي. السيطرة على الخوف هي بداية الحكمة ". فلماذا يخشى الإنسان المسلم مجرد المس بثوابت العقيدة ؟ الواقع أن العقيدة الإسلامية تدرس للأطفال في مرحلة تمتاز بالخيال وعدم التفريق بين الأسطورة والواقع، فنجدهم مثلاً مولعون بمشاهدة أفلام الكرتون التي كثيراً ما تحتوي سقوط مدوي للأشخاص والكائنات دون موت. في هذه المرحلة يصدق الطفل كل ما يقال، وبما أن العقيدة الإسلامية مبنية أساساً على الترهيب والخوف من عذاب ناكر ونكير والشجاع الأقرع. هؤلاء هم الملائكة المكلفون بتعذيب الإنسان بمجرد دخوله إلى القبر. يضربونه بدبوسة ضخمة فيغطس من هول الضربة إلى الأرض ( السابعة ؟)، وكلما كان الإنسان كافراً كلما ازداد ضربه وعقابه وتعذيبه، فكيف لخيال الطفل أن يتفاعل مع هذه المعطيات سوى بالخوف والرعب.
بعد ذلك يأتي الحديث عن القيامة وأهوال يوم القيامة وكيف يتصبب الناس عرقاً حتى يغرق الكافر بعرقه، ويكون منسوب العرق بحسب قوة الإيمان والكفر. آلاف الأحاديث والآيات تتحدث عن يوم القيامة فتارة يصفها القرآن بالقارعة وتارة بالراجفة المزلزلة. كل هذه المعطيات تخلق بيئة فظيعة من الخوف والرعب فيجري تشويه خيال الطفولة ويتم تمزيق براءتها، هكذا لأنه الله الذي خلقنا فسوانا.
لكن تلك المخاوف والأهوال لا تنتهي من حياة الطفل بل تستمر مع تلاوة القرآن ذي الذكر في كل صباح في إذاعات أنظمة التخويف وتلفاز الخوف ومجلات الرعب، ثم في المدارس وحصص التربية الإسلامية، ولا ننس التلاوة المركزة أثناء شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وكلما قرأ الإنسان المسلم قرآناً أكثر كلما كان ثوابه أكبر وأجره أعظم، وبهذا ينشأ الطفل في سيكلوجيا الخوف الشديد من عذاب القبر والهلع الكبير من أهوال البعث والنشور، ويقضي حياته – من ثم – متعبداً خاشعاً راجفاً من خشية هذا الإله وعقابه الصارم. النتيجة هي أن عقيدة المسلم في النهاية هي هي ذاتها التي تشربها في الطفولة بنفس الخوف وذات الرعب، ما يعني أن الأمل في التغيير مثل أمل إبليس في الجنة، وما أدرانا فقد يصفح الله عن إبليس ويدخله الجنة لأن رحمته وسعت كل شيء، ثم إن إبليس من نار فكيف سيعذبه الله في النار !
حينما كانت الكنيسة ما زالت مسيطرة في بريطانيا، كتب بيرتراند مقالات يطالب فيها بتغيير المناهج الدراسية، حيث قال (( إن المناهج يجب أن تتضمن قدراً من الشك لكي يسطر العقل الحر حركته خارج النطاق التاريخي السائد ))، وما أحوجنا نحن العرب أن نضع شيئاً من المعرفة التي تثير الشك بقدر ما، لكي تدفع العقل إلى الانفلات من عقال الإيمان الثابت والراسخ الذي لا يتزعزع.
قد يرد علينا الثرثارون بأن العقول المسلمة قد أثمرت علوماً كثيرة في العصرين الأموي والعباسي، وللرد على هذا الافتراء المغلوط نورد نقطتين غاية في الأهمية: الأولى، أن هؤلاء قد عرض الإسلام عليهم وقد بلغوا أشدهم، أي أنهم لم يرضعوا عقيدة الخوف والرعب والهلع وهم في نعومة البراءة، والثانية، أن معظم علماء الرياضيات كانوا متأثرين بالفلسفة اليونانية وأن أغلبهم قد اتهم فيما بعد بالكفر والإلحاد أو بالزندقة والتاريخ خير شاهد على ما نقول.
بالعفوية وبكل بساطة وضعت مسلمة في أحد مواقع الزواج التي مررت عليها لمجرد الفضول – وضعت شرطاً في الشخص الذي سيتقدم لها أنه يجب أن (( يخاف الله )). مئات بل عشرات الآلاف من الشابات يضعن شرط الخوف من الله على اعتبار أن الشخص الذي يخاف الله سيخاف تلقائياً من إيذائها. مسيحية أمريكية وضعت نفس الشرط " afraid of God " ! إنها عقيدة الخوف والرعب الذي يصوغ السلوك، وليس الحب الإنساني والأخلاق النبيلة. كثير من الملحدين المؤمنين بالإنسان وقدراته الخلاقة نجد أن لديهم وبالضرورة عاطفة حب جياشة تجاه الآخرين بشكل عام فما بالك بالمقربين. يقول الكاتب والمفكر الإنساني الرائع أنطون تشيخوف في آخر رسالة له كتبها لأخته (( ساعدي الفقراء .. انتبهي للوالدة .. عيشوا بسلام )). لم يكتب وصية مليئة بالثرثرة الفارغة والكلام الممجوج والهرطقة المثيرة للضجر. الفقراء وقعوا في سلم الأولويات، ثم الأم، ثم السلام للمجتمع، وأي أمنيات أجمل من هذه لسعادة البشرية، بينما لا نجد في الإسلام سوى الصلوات الخمس وصيام رمضان وفرائض الوضوء والحج ودعاء ركوب السيارة ودعاء دخول السوق ودعاء الثياب الجديدة ودعاء النوم ودعاء الصحو من النوم. أربع وعشرين ساعة من الدعاء والتفكير والخوف والرعب والهلع، فكيف ومن أين سيتكون الإنسان الذي ينشط لأجل الناس والمجتمع وهو ينفق ساعاته وجل عمره في جمع حسنات ( الآخرة ؟)
يقول درويش:
عندما يصل الغد سوف نحب الحياة
كما هي، عاديةٌ ماكرة
رمادية أو ملونة
لا قيامةٌ فيها ولا آخرة
وهكذا، فقد وضع الشاعر حداً لهذه المهزلة، فلا قيامة ولا آخرة، فشتان بين إنسان يؤمن بالإنسانية وكائن يؤمن بالخوف والرعب والهلع، وليس لنا أن نستغرب وأن نتعجب من شدة التخلف ومن تتالي الهزائم والانتكاسات حتى أصبحت بلادنا سوقاً لكل منتجات الشعوب التي سخرها ( الله ؟ ) لكي تخدمنا، فحسبنا أننا مسلمون وبإسلامنا هذا نكون خير أمة أخرجت للناس. ترى ما الفرق بين هذه العنصرية الشوفينية والعنصرية الصهيونية التي تعتقد بأن اليهود هم شعب الله المختار وبأن باقي الشعوب قد سخرت لخدمتهم ؟؟؟
قبل اكتشاف الكهرباء وخبر الصواعق والرعد، كانت الثقافة السائدة في أوروبا وأماكن أخرى من العالم، هي عقيدة الخوف والرعب، وغالبية العقائد كانت تعتبرها غضب من الإله، وحينما كان ينزل البرق ويتلوه الرعد، كانت القرى في ألمانيا ( مثلاً ) تتجمع في الكنائس فيما يلتصق الناس ببعضهم خوفاً ورعباً. أما بعد اكتشاف الكهرباء السالبة والموجبة وقصة التفريغ الكهربي فإن عقيدة الرعد والخوف من الرعد قد زالت تماماً، أما في حالة العقيدة الإسلامية، فالله غائب لا يرى، وهو مليء ( السماوات ؟ ) والأرض ( ؟ )، وهو على كل شيء قدير، بينما لا نراه يغيث ملهوفاً أو ينصر مستضعفاً أو يطعم جائعاً. عندما أخبر محمد عن الآية ( ومن يقرض الله قرضاً حسناً ) قال له المعارضون ( وما شأننا بإلهك الفقير ؟ ).
لا يمكن أن نهزم خرافة العدو دون أن نهزم خرافتنا، ولا يمكن أن نقرع الباطل في أرضه ما لم نقرعه في أرضنا، ولا يمكن أن تقوم لنا قائمة طالما يتم تدريس عقيدة الخوف والرعب والهلع للأطفال المساكين. لماذا لا يؤجل البحث في العقيدة إلى سن البلوغ بدل تشويه براءة الطفولة بأحلام سوداء مرعبة، وبعدها يختار الإنسان دينه، فإن أراد الإسلام كان بها وإن أراد غيره كان بها ولعله يحب البقاء دون عقيدة سوى عقيدة حب الإنسانية وخيرها.
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2007 | |
10-كانون الأول-2007 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |