ماذا أبقى المفتي للقضية ؟؟؟؟ــ
2008-01-20
هل الشيخ حسون مسؤول عن الفتوى ؟؟؟؟
استوقفني البارحة في زمان الوصل العنوان التالي( لعن الله من قتل طفلا أو شخصا فلسطينيا أو إسرائيليا أو عراقيا) قرأت الخبر ثلاث مرات لأتيقن منه ومن نسبة هذه العبارة إلى مفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون في كلمته أمام البرلمان الأوربي. أول مافكرت فيه أنّ هناك توجهات جديدة للسياسة السورية تمرّر عبر السلطة الدينية كما يحدث عادة في المواقف التي تمسّ كيان الأمة، أو أنّ فضيلة المفتي يطمح إلى مكانة دينية عالمية، وتساءلت إن كان الخبر كما نقلته زمان الوصل دقيقا أم أصابه سوء فهم من المحرر أو الناقل.
أحدث الخبر رجة في تفكيري فلم أستطع الانتظار إلى أن يعلن المفتي مسئوليته عن هذه العبارة أو ينفيها فبدأت بتحليلها لأفهم أبعادها وخلفياتها. أفهم تحريم قتل الفلسطيني والعراقي والذي رغم بديهيته عندنا مازال القتل مستمرا بأيدٍ داخلية وخارجية. أفهم كذلك تحريم قتل الطفل.. أي طفل
كون النبي الكريم وأصحابه أوصوا القادة الفاتحين بعدم قتل الأطفال والنساء والشيوخ واقتلاع الزرع والشجر. أما تحريم قتل الإسرائيلي فهو مانريد فهم تفاصيله.
أذكر حديثا لأحد الجهاديين الفلسطينيين على شاشة التلفزة:" اليهودي خارج فلسطين ليس عدونا. عدونا هذا الذي انتزع أرضنا وأقام عليها" تساعدني هذه الفكرة في فهم تصرف صديقي الفلسطيني الذي يفخر دوما بعائلته المناضلة ومع ذلك يساعد امرأة إسرائيلية قادمة مثله إلى كندا. يشرح لي أنها ولدت ونشأت هناك في بلده الذي حرم هو منه. لم تعرف وطناً آخر، ولاذنب لها ولاخيارات سياسية". أقول تساعدني هذه الفكرة قليلا فقط على فهم أبعاد أزمة الجيل الإسرائيلي الجديد، فمخيلتنا مليئة بقصص فطيرة صهيون التي يعجنها اليهود من دمائنا.
تستوقفني طالبة أمريكية في مبنى كليتي في ميشغن. تعلّق على بعض كتبي وماأحمل من أدوات كعادة معظم الأمريكيين في إلقاء السلام والتعارف. تسألني عن بلدي. أكتشف أنها لم تسمع بسورية كمعظم الأمريكيين أيضا. بعد شرح مفّصل لها عن موقعنا الجغرافي تقول لي إنّ جذور أهلها تعود إلى تلك المنطقة.. إسرائيل. وتضيف: لكنّ ذلك حدث منذ آلاف السنين. دقت أجراس الخطر في أعماقي لمّا علمت أنها يهودية، واستيقظت في مخيلتي صورة معصرة يدوية كبيرة مخبأة في قبو دمشقي وتحتها بئرٌ مليءٌ بالدم. وعدتني كِم أن نلتقي بعد أسبوع في نفس المكان والساعة. خلال هذه الأيام تمكنت من إقناع نفسي بأنها مجرد أمريكية يهودية ولاعلاقة لها بإسرائيل، ولابأس من إقامة صداقة حذرة معها. الأسبوع القادم لم تأتِ. رأيتها صدفة فاعتذرت بلطف وانسحبت. عرفت أنّ معصرة ما أو ربما حجرا استيقظ في مخيلتها أيضا، وأنها أكثر ضعفا وخوفا مني.
في الجانب الآخر من القضية-الجانب الإسرائيلي- يحضرني مشهد آخر.
ازدحم أحد الأسواق الأمريكية بعدد كبير من الباعة الأغراب الذين راحوا يعرضون بضائعهم في وسط الطريق. يدور حديث بين بائعة وطبيب عربي. تسأله عن بلده فيجيب بالانكليزية: سيريا. تقول إنها لم تسمع بهذا البلد ، فيخبرها أنه يقع في المنطقة العربية. تسأله مجددا: ماذا تقولون له بالعربية؟ يجيب: سورية. تهتف: سورية! سورية! ثم تنادي أصحابها الباعة الذين يتناقلون الخبر بسرعة ويلتفون حوله مرددين: سورية! بينما يركض إليه رجل مسن نوعا ما: أنا حلبيّ. هل أنت من حلب؟ يجيب الطبيب: لا. من دمشق. وقد عرف لحظتها من لهجتهم أنهم إسرائيليون. سألته حين أنهى قصته: أيحنّ حقا هذا الإسرائيلي إلى حلب؟ أومازال يعتبر نفسه حلبيا؟ ثم أضفت: هل شعرت بالرثاء لهذا اليهودي الذي فرضت عليه السياسة مغادرة حلب للأبد؟ أجاب: لا.. فمأساة الشعب الفلسطيني أكبر بكثير من مأساة هذا الرجل الذي أعطي وطنا بديلا بينما لايملك الفلسطيني وطنا حقيقيا إلا في الذاكرة والحلم.
هل رأى فضيلة الشيخ المفتي هذا الجانب من القضية الفلسطينية فأشفق على الجيل الإسرائيلي الجديد والذي قد يكون لاذنب له فعلا ولم يقترف الاحتلال ؟ أم رأى بعض ناشطي السلام الإسرائيليين المناهضين لحكومة الاحتلال داخل إسرائيل ووجد أنّ قتلهم غيرُ إنسانيّ و لن يفيد القضية بل ربما قد يخدم الحكومة الصهيونية إذ يريحها من ضغوطاتهم وإزعاجاتهم؟
أم أدرك صعوبة حل القضية وأنّ هذا لن يتم إلا بظلم البعض خاصة وأنّ الجانب الفلسطيني بات لايبشّر بخير، ففصّل مفتاحا سحريا لحل القضية؟
مع قراءتي البسيطة-ولاأدعي العمق أو العلمية والموضوعية-للوجه الآخر للقضية-الوجه الإسرائيلي- كما يطرحه بعض الإسرائيليين أو تروّج له الصحافة الغربية أسأل فضيلة الشيخ-إن كان مسؤولا عن هذه الفتوى- هل يلعن الله فلسطينيا يقتل جندياً إسرائيليا احتل أرضه؟ وماحكم الحجر إن أسال دماً صهيونيا؟ وأخيراً.. ماذا أبقيت للقضية؟
08-أيار-2021
26-تشرين الثاني-2010 | |
21-تشرين الثاني-2010 | |
01-أيار-2010 | |
29-آذار-2010 | |
14-تشرين الثاني-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |