التصوف هروب بالدين من الدين
2010-04-02
يطرح التصوّف إشكالية الموروث المعرفي والحضاري القادم من خارج الحدود وخارج بيئات الوحي, وطريقة الغربلة التاريخية والسياسية له وقضية الاحتواء والتمازج مع الفكر الديني السائد, ودون تحليل هذه الإشكالية وحلّها وتفسيرها ,يغدو من الصعب محاكمة التصوف وتقييمه وفق الحدود البسيطة والمتواضعة وقياسه على ما اتفق من أمر الشريعة وما اختلف عنها, لأنه سيبدو حينذاك فكرة مارقة عن الدين أو صورة مستنسخة منه, وتاريخ التصوف وثقله الاجتماعي يأبى هذا التبسيط المخل,كما يأبى اختزاله بممارسات هي زيارة القبور والتبرك بها والتوسل إلى الأولياء وطلب المعونة منهم , كما يحلو للسلفيين أن يحصروهم في هذه الصورة النمطية . معركة التصوف بدأت منذ الفتح الإسلامي الأول, وكانت معركة ثقافي ضد ما هو سياسي, معركة موروث ثقافي ثري و متجذر زاخر بمفاهيم حياتية ورؤى غيبية ,امتص زخم الزحف السياسي والهيمنة,وغطّ في رقدة صغيرة ريثما انتهت الفوضى التي تعقب الانقلاب السياسي المفاجئ , وعاد إلى الواجهة تحت مسمى آخر وكان طبيعيا أن يظهر كذلك , فقاعات دينية طرحت مفاهيم جديدة غير مألوفة في التلقي الشعبي وغريبة ومتشاكلة , فكانت تطرح أحيانا بقوة وكثافة بما يبدو عليها فكرة مجنونة, وهنا كمنت مشكلة ظهور الفرق والتيارات الفكرية التي استعانت بالثقافي على ما هو سياسي سلطوي مهيمن .
الجنس والموسيقى والغناء والرقص والتأمل , كمغذيات للجسد . والحرية والاختيار وتعدد الآلهة والتوحد معها وأنسنتها أو تأنيثها والتحبب لها والدله عليها أو رشوتها, كمغذيات روحية . كل هذه المفردات وجدت نفسها مصادرة أو مدرجة في لائحة المحرمات بمرسوم ديني, ليس لموقف شخصي للفاتحين من هذه الموروثات,إنما لعدم وجود حيثيات تقويمية لها وعدم وجود نظير ثقافي مطروح . وهذا الميراث كان من الثراء والعمق والحضور بحيث لا يمكن أن يستل من الذاكرة سريعا , وأخذ طريقه في الايدلوجية الجديدة مع صبغة دينية تبرر وجوده وتسهل انسيابه إلى التعاليم والشروح.
يطرح التصوف نفسه كمعبر روحي عن الدين في وقت فقد الدين بعض بريقه وحيويته في خضم انشغالاته السياسية في الدعوة إلى الله وسياسة الشعوب إلى مستقبل أفضل ( وهكذا يقال دائما في الأدبيات التي تتحدث عن التصوف كطريقة ومنهج وعبادة) . وهو بهذا الخطاب وهذا المظهر خرج من رحم المؤسسة الدينية وانساب منها بسلاسة كشكل من أشكال الورع والتقوى والصفاء . ولم يخضع للتقييم إلا على هذا الأساس , والبيئة التي احتملت التصوف كما احتملت غيره من التيارات الفكرية كالاعتزال والتشيع, لم تكن من اليبوسة والتشدد الفكري الذي تحمله الأصوليات المعاصرة التي تفتقد السلطة فتعوض عنها بانغلاق فكري بمنحها بعضا من السيطرة, ولهذا لم يواجه التصوف معارضة حدية كتلك التي تواجهها الطرق المنشقة (حيث لم يبدو كذلك )وبالتالي فهو قد أسس لشرعية لا يزال يتنازع وجودها مع الأصوليين والحركات المناوئة . إلا أن مرحلة التنظير وظهور التصوف كمنهج محدد الأبعاد والعناوين بدءا من الصوفي أبو يزيد البسطامي(ت 261هجري) الذي اشتهر بشطحاته وأول من قال بسقوط التكاليف الشرعية عن الصوفي (1) وإنتهاءا بالحلاّج والسهروردي , أخذ التصوف يثير الجدل ويدخل في مجال التصنيف العقائدي ويقسم الولاء الديني, ودخل في دهاليز الغنوصية , وأن أغراضه تجاوزت الأهداف المعلنة فترة التأسيس من الإخلاص والزهد بالدنيا والتوكل والحضور والاتصال . وسواء كان هذا التطور النوعي في الموقف الصوفي ناتجا عن نضوج الفكرة وتطورها, أو عن حالة ترهل ودخول عشوائي في الطريقة من قبل أفراد لم يتأهلوا للدخول, أو أسباب أخرى, يكون التصوف قد اخترق الأصوليات القديمة وطعنها وقفز على حواجز الثوابت والمقدسات الموضوعة , ودخل معركة إثبات الوجود والشرعنة دون أن يريق قطرة دم واحدة . ولكن لماذا كان المزاج الشعبي وبعض الرأي العام منساقا إلى الخطاب الصوفي الأول إلى الدرجة التي جعلته يتماهى مع الخط الديني العام , وينظر إليه على أنه التزام أخلاقي وروحي مضاف ؟ والجواب أن الفكر الصوفي حمل العديد من الإجابات(ولو كان بعضها مبهما) حول بعض القضايا التي أغفلها الخطاب الديني العام, أو حصرها في وضع محدد لا يستوعب المستجدات ولا يلبي حاجة الإنسان الجديد , مثل الحرية الجنس الفنون الجبر والاختيار , وهذه الإجابات صيغت على شكل مفاهيم جديدة ذُيلت بأوصاف دينية تحتمل المعاني كلها وتفوّت على المعترضين فرصة التشهير والتكفير .مع استخدام التأويل بتوسع للملمة الخروقات التي تحصل جراء التصادم بين اللفظ والمدلول.
فرابعة العدوية شهيدة العشق الإلهي ,هو عشق يحتمل ويستوعب كل النزوات الإنسانية, وهو إلهي أيضا كي لا يتهم بالدعارة , وابن الفارض سلطان العاشقين فهو صاحب سلطة (إلهية مفترضة) عن طريق العشق أيضا, ومحي الدين ابن عربي الذي أغرم بشاب تونسي رآه في مقصورة ابن مثنى (بالأندلس) وأطلق عليه لقب (شادن ظبي جميل) فنظم فيه قصيدة تُسيّل اللعاب أكثر مما تسّيله قصائد نزار قباني الفصيحة في الممارسة الصريحة ,
مقصورة ابن مثنى أمسيت فيها معنى بشادن تونسي حلو اللمى يتمنى خلعت فيه عذاري فأصبح الجسم مضنى قد ذبت شوقا ويأسا ومت وجدا وحزنا
والحلاج الذي أعلن : ما في الجبة إلا الله ,ليخول نفسه الحديث باسم الله , والسهروردي صاحب الفلسفة الإشراقية والتي تعني اكتساب المعرفة واليقين عن طريق غير التنصيص والوحي والاستدلال البرهاني ولكن بنافذة ربانية تدفع الفكرة إلى الشروق , مما يدفع المزاج أن يأخذ دوره في التشريع , وهكذا مفاهيم كثيرة في الأدبيات تجانب التوجه العام في العقيدة والحدود المعرفية , مثل الإلهام والحلول والاتحاد والفناء وسقوط التكاليف بعد مرحلة معينة من الارتقاء.مفاهيم تتناوب المرجعيات مابين أرض وسماء , وبهذه المطاطية لم يعطِ التصوف خسائر بشرية, إلا ما كان من الحلاج الذي صلب بعد أن أعلن أن التصوف جهادا ضد الطغيان والاستبداد ,واقترب كثيرا من اطروحات الثورة , وكان اتهامه الانتماء إلى القرامطة التهمة الأبرز له وليست أفكاره الصوفية ,في الوقت الذي دافع الجنيد البغدادي عن (شطحات ) البسطامي, وهي أدهى وأمر من شطحات الحلاج ولم يدافع عنه ووقف منه موقف المتهم, وما كان من السهروردي الذي ألب عليه الفقهاء في حلب صلاح الدين الأيوبي الباحث عن مزيد من الشرعية من المؤسسة الفقهية , بعد أن بزّهم في عقر دارهم وكان مقتدرا ضليعا في المباحث الكلامية والجدل والمنطق أضافة إلى الإلهيات , واستحوذ على اهتمام وعناية الملك الظاهر نجل صلاح الدين , وعلى عادة الحكام الذين كلما قام التحدي الداخلي, والتهديد الخارجي يلجئون إلى شحذ السيوف برقاب المفكرين والمثقفين بتهمة الزندقة (تقربا إلى اللّه) وحماية الموقف, في دراما ضرورية يحبذها العامة .الأمر الآخر أن التصوف أعطى متسعا من الخيارات القابلة للتداول في مجال الحياة وأبقى الباب مفتوحا أمام وحي ارضي في وسعه أن يلهم الولي والقطب على اختلاف التسميات تشريعات جديدة لما يستجد , فكان الترويج لفكرة أن للشريعة ظاهرا وباطنا وأن الدين شريعة وحقيقة , واعتماد خطابين خطاب للعامة وخطاب للخاصة , وخطاب العامة تحقيق العبودية والتوكل والخضوع, وخطاب الخاصة الإلهام والفناء والشروق وأمور أخرى لا يعلمها إلا القطب والولي ولا يسمح له بإفشاء الأسرار, ويكفي المريد شرف عدم السؤال . وقد جرى التأصيل لفكرة أن الشريعة لم تكتمل إلا بمعارف لدنّية لا يعرفها إلا العارفون, ونجدها واضحة في كتابات ابن عربي الذي أضاف للأولياء مهام تشريعية عبر الإلهام . وهي ذات الفكرة القديمة التي هيأت أرضا خصبة لانتعاش فرق إسلامية ومررت بعض افكارها مثل فكرة التأليه والعصمة لآل البيت, (2) حتى أن ابن خلدون عد الهروي وابن العربي وابن سبعين وابن الفارض ممن خالط الاسماعيلية واخذوا عنهم وتأثروا بالمتأخرين من الرافضة القائلين بالحلول (3),
ومما سبق من تقديم وتوصيف بات واضحا أن التصوف علما وسلوكا لم يولد ولادة طبيعية من الإسلام ولم يكن تطور طبيعي للممارسات الدينية الذي يأخذها الزمن وإندياحاته المعرفية إلى مديّات أوسع , و أن المؤرخين والمصنفين, لم يتفقوا على وصف وتعريف دقيق و مؤكد للتصوف , وقد بلغت الأقوال فيه إلى ألف قول كما يؤكد ذلك( التهانوي) في كتابه كشاف اصطلاحات العلوم والفنون , وابن خلدون يؤكد على أنه من العلوم الحادثة في الملة , كما أن الثقافات الإفرازات الحضارية المتنوعة حاضرة بصورة وبأخرى في الفرق والتوجهات الإسلامية التي تعد جدليا خارج السياق العام مثل التصوف , علي مستوى المصطلحات مثل الحلول والاتحاد (المسيحية ) وحدة الوجود (الديانات الشرقية ) المقامات والاصطفاء (البوذية ) سقوط التكاليف (الهندوسية ) , وهذه المصطلحات تحمل معها حمولاتها التطبيقية والمعرفية , كما أن السلوك البوهيمي للمتصوف يحمل بصمات مجتمعات هجينة غريبة عن المزاج العربي الذي حمل الدين , وهنالك ظروف نشأته في البصرة في نهايات القرن الأول الهجري , ونوعية رواده الأولين (أبو هاشم الكوفي المتوفي 150 هجرية ) والغموض والجدل الذي أثير حولهم . لذلك فإن حرص البعض على إرجاع التصوف إلى عهد النبي ,كما درج الحال عند كل الفرق الإسلامية على إرجاع تأسيسها إلى تلك الفترة ,تبدو فكرة سخيفة ينقصها الكثير من المنطق , لان ذلك يعني حصول انشقاقات عن الحركة الأم وهي في طور التشكيل , ولا يمكن لدين أن يشكل خط عام له وفي نفس الوقت يشكل خطوط فرعية وانشقاقات موازية لخطه العام دون أن يكون هناك تحدي كبير لذلك , ولا يمكن أن تتشكل ظلال أخرى من المنهج والمشرع لا يزال قائما يستطيع التحديد والتغيير . وإذا لم يكن كذلك فإنه خروج اضطراري من معنى ضيق ومحدد للحياة إلى فضاء أوسع يمكن أن يكون تفسيرا أفضل للدين
أن التصوف ينداح بسهولة مع كل النتوءات الاجتماعية القائمة ويحتويها ويتقولب معها , ويحتمل كل التفسيرات ويتمطى معها , ويتسع لطموحات الذين يقرأون الحياة بطريقة مدنية كالشعراء والفنانين والحالمين والعاشقين, مما يجعله بديلا أكثر انسيابية وشرعية, وهذا الخيار أفرزته حالة التيّبس الفكري والسلوكي السلفي في المجتمعات, والتي تركت على جنباتها حالات تصدع عشوائية في صيغة مواقف وتوجهات دينية مقابلة لمّها عنوان التصوف,وهو انزياح معرفي لمجتمعات سدّ السيف رئتها الثقافية وألقى بثقله الكبير الضاغط على مجتمعات وثقافات مجاورة واجتاح بالفتوحات مراكز حضارات قديمة لم يملك الوقت الكافي لمجاراتها اجتماعيا وثقافيا بعيدا عن السيف والإخضاع , الأمر الذي أدى إلى إنزياحات واسعة وطاغية في تلك البُرّك الحضارية لم يستوعبها المسلمون فعالجوها إما بالسيف كحركات التمرد ,أو بالتداخل الثقافي غير الممزوج وغير المتجانس والقائم كشكل مفروض للتصادم الحضاري , وتحت ضغط السيف كان من خيارات المعترضين على الفكرة والمتبرمين من جوها وقراراتها أن يهربوا , وليكن هذا الهروب ضمن الإطار العام أو ما يوهم ذلك , كي لا يوصفوا بالملحدين والمرتدين والكفرة .وفي سيادة ثقافة أحادية تهيمن على المشهد الحياتي , لابد أن يخرج من ثغراتها التطبيقية أفكار ورؤى وثقافات أخرى تنسل منها بطرف خفي .
ويشهد التصوف رواجا وانتعاشا في الفترات التي يحتويه النظام السياسي وتتبناه الدول وهي فترات ساعدت في تكريسه واقعا, بدءا من الدولة الفاطمية التي استعانت به للتوليف بين شرائح شعبية غير مجانسة من جهة , وتبرير جنون الحكام من جهة أخرى, مرورا بالمماليك الذين أرادوا تزيين القصور من الخارج بمظاهر دينية لتغطي لادينية ولاأخلاقية الداخل, وهو العصر الذهبي للتصوف والصوفية , وتعد كل الشعائر والممارسات الصوفية البارزة من إنتاج ذلك العهد وإنتهاءا بالدولة العثمانية التي إحتاجته كلقاح ضد الفقر والتهميش وهزائم الداخل .كما تتبنى اليوم بعض الأنظمة السياسية إعادة إنتاج التصوف كمشروع ديني بديل يفك الارتباط بين السلطة والشعب في مجال الحقوق والإلتزام, ويربطهما بمودة ومحبة وإن كانت مصطنعة, ويطرح المشاكل المزمنة كالفقر والمرض في سلة الابتلاء والامتحان كما يحلو للخطاب الديني أن يسميه, وكذلك يتبناه كنوع من السدود يحميها من تيار متشدد لا يبقي للدولة في مجال التزامها مع المجتمع الدولي, اي وجه مدني مؤسساتي . هذا التبني والاستغلال للتصوف لا يلثم التصوف كفكر ثري متسع كان عصيا عن القولبة بحدود نهائية ومحلية غير متسعة,كما أنه حالة تثاقف وتفاعل يساعد المجتمعات التي تعاني مشكلة في التوحد والتجانس . كما أنه يمتص إلى حد ما تداعيات الأزمات الاجتماعية الكبيرة . التصوف يخفف من وطأة الفقر ويجمّله ويمهله,ويفتح حوانيت روحية يعتاش عليها بعض الأفراد, والفقر حاضر في الأدبيات الصوفية حتى عده أبو السراج الطوسي أحد المقامات السبعة الضرورية للوصول إلى الطريق. كما يتيح التصرف الجنسي المحدود أو تذوق العشق تحت دعاوى الوجد والاشتياق والجمال الإلهي, كما يعطي فرصة الابتعاد قليلا عن الواقع للعيش في العالم الماورائي . والتصوّف أثث الحياة الدينية قديما وعاد ليؤثثها الآن, ولهذا كثر المعجبون بهذا الأثاث وكثر العشاق وأصبح التصوف دوحة يقبل عليها الشعراء والملهمون, ونرى نزار قباني يكتب بتصوف, وعبد الوهاب البياتي يوصي بدفنه بجوار ابن عربي بدمشق.
بدأ التصوف كممارسة للحياة على نحو رائق ومتسام ومتحرر, وانتهى كنمط سلوكي مُستَغل مستجدٍ للمنفعة والحظوة, يعني بدأ ثقافيا وانتهى سياسيا , وهو ما جعله خامة للإستبداد والتخدير وشرعنة الطموحات السياسية غير الشرعية,وهذا ما يقودنا استنتاج مؤداه أن ما يصدق عن التصوف في شكله القديم وفلسفته لا يطابق الشكل الحديث المعلن, بعد أن أضحى التصوف عبارة عن أعمال دروشة وتبرك بالأقطاب والرموز , وهيئات وطقوس معينة يؤديها المريد خالية من أي مدلول , ولا تؤسس لحالة فكرية إبداعية. ولا يمكن عقد مقارنة بين الحارث المحاسبي والدسوقي في مصر ولا بين الجنيد البغدادي وبشر الحافي وبين السيوطي والبدوي والرفاعي, حيث كان للأولين شرف الفكرة والجرأة والدفاع عنها, وكان لهم فخر الدراية والتأسيس, كانت فكرة التصوف في الاساس خلاصا من سيطرة اللون الواحد, وخلاصا من الاحتواء المزدوج للشيء ونقيضه واستلاب الوعي تحت دعوى الشمول,ويبدو أنها لم تنتهي كذلك وكانت امتداد زمني فقط لطريقة ومنهج فقدت حيويتها الفكرية إلا أن شيئا من السعة بقي فيها يحتمل نزوة ونزوع البعض للتبسط والحرية .
تعددت قراءات الباحثين والمفكرين من عرب ومستشرقين حول التصوف وفلسفته, وعوامل مده وجزره, وكان المزاج الشخصي والغرض السياسي حاضر بوضوح في اطروحات هؤلاء , يلقي الضوء على بعض التاريخ لكنه لا يثري الفكرة كثيرا,وبات التصوف بحاجة إلى دراسات جادة وموضوعية بعيدا عن الموازين والصور النمطية وبعيدا عن الحصر في سلال تاريخية,وتبقى هناك قراءة أخرى للموضوع متجردة بعيدة عن التخندق مع أحد الأطراف ضد الطرف الآخر . في جميع الديانات هناك تصوف ومتصوفون , وفي جميعها يكون المتصوفة نتاج طرد مركزي لرحى الدين حينما ينقلب إلى مؤسسة عسكرية ثورية, وينحو باتجاه نحو الراديكالية والإقصاء, وتتعدد الأسماء والصفات للمتصوفة في الأديان السماوية إلا أنها تتفق في الأوضاع, فالمسيحية عرفت الرهبنة وهروب المؤمنين إلى الجبال والكهوف بعد ما أعلن الامبراطور قسطنطين الأول المسيحية دينا رسميا للدولة الرومانية, وعرفت شكل التصوف والقول بالحلول والخلاص والذي تطايرت منه شرارات إلى الفكر الصوفي الإسلامي . بهذه القراءة كان التصوف هروبا بالدين (التعاليم السماوية السامية) من الدين (المؤسسة السياسية التي لا تتسع لأكثر من رؤيةونمط) .
أسامة غاندي
المراجع
1. أبو يزيد البسطامي المجموعة الصوفية الكاملة تحقيق قاسم محمد عباس ط1 2004 بغدلد
2.مقدمة ابن خلدون مكتبة لبنان ط4 1990
3.التعرف لمذهب أهل التصوف الكلاباذي مكتبة الازهر القاهرة 1969
4.الرسالة القشيرية عبد الكريم بن هوازن القشيري طبعة مصر 1966
5.شطحات الصوفية عبد الرحمن بدوي الكويت 1976
6. في التصوف وتاريخه رينولد نيكلسون مطبعة التأليف والترجمة القاهرة 1956
7. اللمع في التصوف السراج الطوسي ط القاهرة 1960
tomadher
2016-08-28
أفدت ووفيت ... ذكرني هذا المقال بما كان عليه العراق بعد عام 1919 م وانقلابه من بلد علماني الى بلد صوفي ، ارتدى جبة التصوف ليمتص غضبة الفقراء فجعل رجال التصوف بقصورهم الفارهة يحدثون الشعب عن الأقطاب والأبدال التي تحرس فقرهم ، فما هي الا بضع سنوات حتى انهار ذلك الصرح الواهي ببنائه السخيف بتركيبته فدفع الشباب دفعا الى الالحاد ظنا منهم أن ربهم ( القطب ) خذلهم .
08-أيار-2021
26-آذار-2011 | |
02-نيسان-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |